⚪ تعالوا نفكر .. ماذا تحدث الإعلام والمشاهير عن الطاقة والوعي وتطوير الذات والتأملات ( الجزء الأول )

**نظرة نقدية على مفاهيم الطاقة والتنمية الذاتية في الإعلام العربي (الجزء الأول)* في السنوات الأخيرة، انتشرت موضوعات الطاقة والوعي وتطوير الذات والتأمل

س
سحر اليوقا و الطاقة
يونيو 11,2025
6 دقائق
0

ماذا يقول الإعلام والمشاهير عن الطاقة والوعي وتطوير الذات؟

**نظرة نقدية على مفاهيم الطاقة والتنمية الذاتية في الإعلام العربي (الجزء الأول)*

مقدمة

في السنوات الأخيرة، انتشرت موضوعات الطاقة والوعي وتطوير الذات والتأملات بشكل واسع في الإعلام العربي وعلى ألسنة المشاهير، حتى أصبحت حديث الساعة في البرامج التلفزيونية، وموضوعاً رئيسياً في منصات التواصل الاجتماعي. لكن هل ما يُطرح في هذه المجالات يستند إلى العلم والمنطق؟ أم أن هناك الكثير من الخرافات والمبالغات التي يتم تسويقها تحت مسميات براقة؟ في هذا المقال، نستعرض كيف يتناول الإعلام والمشاهير موضوعات الطاقة والوعي، ونحلل مدى مصداقية هذه الطروحات، ونكشف بعض الممارسات الشائعة التي قد تضر أكثر مما تنفع.

الطاقة والتنمية الذاتية: بين الحقيقة والوهم

يتحدث الكثير من الإعلاميين والمشاهير عن "الطاقة" وكأنها سر النجاح والسعادة، ويُروجون لفكرة أن ترديد عبارات إيجابية أو ممارسة بعض الطقوس البسيطة كفيل بتحقيق الأحلام وجلب المال والصحة. نسمع عبارات مثل:- "أنا هادئ ومركز، أملك القوة والقدرة على تحقيق أحلامي."- "خذ ثلاثة أنفاس عميقة، ثم قم بحركة معينة وستجذب المال أو الطعام أو النجاح."

هذه العبارات تتكرر كثيراً في مقاطع الفيديو وعلى لسان مدربي التنمية البشرية، وغالباً ما تكون مصحوبة بنصائح غريبة مثل تغيير خلفية الهاتف إلى صورة رقم 7 لجلب المال، أو وضع صورة طائرة لتحقيق السفر، أو حتى قراءة سور معينة على بطاقة البنك لزيادة الرصيد!

هل هذه الممارسات فعالة؟

من الناحية العلمية، لا يوجد أي دليل يثبت أن ترديد العبارات أو القيام بحركات معينة يمكن أن يجذب المال أو يحقق الأهداف دون جهد حقيقي وسعي فعلي. بل إن الاعتماد على هذه الأفكار قد يؤدي إلى الكسل والتواكل، ويجعل الإنسان يبتعد عن الأسباب الحقيقية للنجاح مثل العمل الجاد والتخطيط والتعلم المستمر.

خلط العلم بالدين: أسلوب قديم بثوب جديد

من الملاحظ أن بعض مدربي التنمية البشرية يخلطون بين المفاهيم الدينية والعبارات العلمية، في محاولة لإضفاء مصداقية على ما يقدمونه. فتجدهم يدمجون آيات قرآنية أو أحاديث نبوية مع نصائحهم حول الطاقة والجذب، فيظهر كلامهم وكأنه مزيج بين العلم والدين.

هذا الخلط قد يؤدي إلى إرباك المتلقي، خصوصاً إذا كان يفتقر للمعرفة العلمية أو الدينية الكافية، فيصدق أن هناك أسراراً كونية مخفية يمكن تفعيلها ببعض الطقوس أو النوايا المكتوبة على الورق.

التنمية البشرية: علم حقيقي أم تجارة مربحة؟

انتشرت في العالم العربي كتب ودورات التنمية البشرية بشكل هائل، وتحولت إلى صناعة تدر ملايين الدولارات سنوياً. عناوين مثل "مفاتيح النجاح العشرة" و"كيف تغير حياتك في 30 يوماً" و"قوة التحكم في الذات" تملأ المكتبات، وغالباً ما تتصدر قوائم المبيعات.

لكن عند التدقيق في محتوى هذه الكتب والدورات، نجد أن الكثير منها يفتقر إلى الأسس العلمية الحقيقية، ويعتمد على تكرار عبارات تحفيزية مؤقتة التأثير مثل "لا تستسلم أبداً" أو "ثق بنفسك فقط". علم النفس الحديث يؤكد أن هذه العبارات قد تعطي دفعة معنوية قصيرة الأمد، لكنها لا تغير الواقع ما لم يصاحبها عمل فعلي وجهد مستمر.

الجانب المظلم: عندما تتحول التنمية الذاتية إلى شعوذة

لم يعد الأمر يقتصر على التحفيز أو النصائح العامة، بل تطور إلى ممارسات أقرب إلى الشعوذة والدجل. أصبحنا نرى من يدّعي القدرة على جلب المال أو الزواج أو الصحة بمجرد كتابة النوايا على ورقة وتبليلها بالماء، أو ترديد سور معينة على النقود أو بطاقات البنك، أو حتى استدعاء "الملاك الحارس" لتحقيق الأمنيات!

هذه الممارسات لا تستند إلى أي أساس علمي أو ديني، بل قد تفتح الباب أمام الاستغلال والنصب، خاصة على الفئات البسيطة أو اليائسة التي تبحث عن حل سريع لمشاكلها.

الإعلام والمشاهير: بين الترويج والواقع

يشارك بعض المشاهير والإعلاميين في نشر هذه الأفكار، إما عن جهل أو رغبة في مواكبة الترندات الرائجة. لكن الواقع يُظهر أن حياة الكثير من هؤلاء بعيدة عن المثالية التي يروجون لها؛ فغالباً ما يعانون من مشاكل أسرية أو نفسية، رغم ادعائهم امتلاك أسرار الطاقة الإيجابية.

ومن المثير للسخرية أن بعضهم يبرر فشلهم أو مشاكلهم بأنهم لم يطبقوا الطقوس بشكل صحيح، أو أن "الطاقة السلبية" كانت أقوى من محاولاتهم!

نصائح عملية: كيف تميز بين العلم والخرافة؟

  • ابحث عن الدليل العلمي:لا تصدق أي فكرة أو ممارسة إلا إذا وجدت لها سنداً علمياً موثقاً.
  • تجنب الخلط بين الدين والخرافة:الدين يدعو للعمل والأخذ بالأسباب، وليس للاتكال على الطقوس الغامضة.
  • اسعَ واجتهد:النجاح الحقيقي يحتاج إلى عمل وتخطيط وصبر، وليس إلى ترديد عبارات أو القيام بحركات معينة.
  • احذر من الاستغلال:لا تدفع أموالك في دورات أو كتب تعدك بالمعجزات دون جهد.
  • استشر المختصين:في حال وجود مشاكل نفسية أو اجتماعية، توجه إلى الأخصائيين المؤهلين، وليس إلى مدربي الطاقة أو التنمية غير المعتمدين.

خاتمة

انتشار موضوعات الطاقة والوعي وتطوير الذات في الإعلام وعلى ألسنة المشاهير لا يعني بالضرورة أنها صحيحة أو مفيدة. كثير من هذه الأفكار يفتقر إلى الأساس العلمي، وقد يتحول إلى وسيلة للاستغلال أو حتى إلى شعوذة مقنّعة.النجاح والسعادة لا يأتيان من طقوس غامضة أو عبارات تحفيزية فقط، بل من الإيمان بالله، والعمل الجاد، والتعلم المستمر، والأخذ بالأسباب الحقيقية.فلنكن واعين فيما نسمع ونقرأ، ولنميز بين العلم الحقيقي والخرافة، حتى لا نقع ضحية لأوهام لا تسمن ولا تغني من جوع.

**تابعونا في الجزء الثاني لمزيد من التحليل حول موضوعات الطاقة والتنمية الذاتية في الإعلام العربي.*

اسأل سحر الطاقة

تحدث مع سحر الطاقة واحصل على إجابات لأسئلتك