اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك

تعظيم الله وأثره في حياة المسلم: دروس إيمانية من القرآن والسنة

الحمد لله رب العالمين، نحمده ونشكره ونثني عليه الخير كله، ونصلي ونسلم على خاتم الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه أجمعين. في هذا المق

س
سحر اليوقا و الطاقة
مايو 12, 2025
8 دقائق

الحمد لله رب العالمين، نحمده ونشكره ونثني عليه الخير كله، ونصلي ونسلم على خاتم الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.

في هذا المقال، سنتناول موضوعًا عظيمًا يمس صميم العقيدة الإسلامية، ألا وهو تعظيم الله عز وجل، وأثر هذا التعظيم في حياة المسلم، وكيف حثنا القرآن الكريم والسنة النبوية على الإيمان بعظمة الله، والابتعاد عن كل ما ينقص من شأنه أو يخلّ بجلاله سبحانه وتعالى.

أهمية الصحبة الصالحة والصبر على الطاعة

يبدأ القرآن الكريم بتوجيه المسلمين إلى التوبة النصوح، ويحثهم على ملازمة الصحبة الصالحة التي تذكرهم بالله في كل حين. قال تعالى في سورة الكهف:

«واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا».

هذه الآية الكريمة تبرز أهمية الصبر مع الرفقة الصالحة، فالمؤمن بحاجة إلى من يذكره بالله ويعينه على الطاعة، ويبعده عن الانشغال بزينة الدنيا الزائلة. وقد أمر الله نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم أن يصبر مع هؤلاء الصالحين، وألا يلتفت إلى زخارف الدنيا، بل يجعل وجهته وجه الله وحده.

فضل مجالس الذكر وأثرها في حياة المسلم

ورد في الحديث الشريف أن لله ملائكة يطوفون في الطرقات يبحثون عن مجالس الذكر، فإذا وجدوا قومًا يذكرون الله حفّوهم بأجنحتهم حتى يبلغوا السماء الدنيا. وفي هذه المجالس، يتنزل السكينة وتغشاهم الرحمة، ويذكرهم الله فيمن عنده.

تخيلوا عظمة هذا الفضل! الملائكة، وهم من أطهر خلق الله، يحيطون بعباد الله الذاكرين، ويستمعون لتسبيحهم وتكبيرهم وتمجيدهم لله عز وجل. بل إن الله عز وجل يسأل ملائكته عن عباده الذاكرين، ويخبرهم أنه قد غفر لهم، حتى لمن حضر المجلس ولم يكن من أهل الذكر، فقط لأنه جالسهم.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: "هم القوم لا يشقى بهم جليسهم" (متفق عليه).

تعظيم الله وأثره في النجاة من العذاب

من أعظم أسباب النجاة من العذاب تعظيم الله عز وجل في القلب والعمل. فقد ورد في القرآن الكريم أن الكافر يُعذب لأنه لم يؤمن بالله العظيم، ولم يعظمه حق التعظيم.

قال تعالى عن الكافر:

«خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعًا فاسلكوه. إنه كان لا يؤمن بالله العظيم».

وهذا يبين أن تعظيم الله ليس مجرد شعور، بل هو سلوك وإيمان ينعكس في كل جوانب الحياة.

التوازن بين الخوف والرجاء في العبادة

دين الإسلام دين وسطية وتوازن، يجمع بين الرجاء في رحمة الله والخوف من عقابه، والحب له سبحانه وتعالى. لا يجوز للمؤمن أن ييأس من رحمة الله مهما كثرت ذنوبه، كما لا ينبغي له أن يغتر بعمله أو يتكل على شيء من حسناته.

قال تعالى:

«نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم».

وقد شبّه ابن القيم رحمه الله ركائز العبودية بالطائر: رأسه الحب، وجناحاه الخوف والرجاء. إذا غلب أحد الجناحين على الآخر هلك الطائر، وإذا ذهب الرأس مات.

عظمة الله في أسمائه وصفاته وأفعاله

من استحضر عظمة الله في أسمائه وصفاته وأفعاله، امتلأ قلبه بالخشية والخضوع، وارتقى في درجات الإيمان. الله عز وجل هو العظيم في ذاته، الكبير في ملكه، لا أعظم منه ولا أكبر.

حين يعبد المسلم ربه، يستشعر أنه يعبد العظيم الذي لا يُضاهى، ويستمد من ذلك الفخر والعزة، فلا يذل لمخلوق ولا يتعلق إلا بالله.

الملائكة: مخلوقات عظيمة في خدمة أوامر الله

الملائكة خلق عظيم لا يحصي عددهم إلا الله. في الحديث الشريف:

"ما من موضع أربع أصابع إلا وفيه ملك قائم أو راكع أو ساجد لله تعالى".

الملائكة تهاب أمر الله، فإذا قضى الله أمرًا في السماء، ارتعدت الملائكة من هيبته، وضربت بأجنحتها خضوعًا وخشية، كما وصف النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح.

التحذير من الغلو في ادعاء معرفة الغيب أو تسخير الملائكة

ينبغي الحذر من البدع المنتشرة في عصرنا، مثل ادعاء البعض تسخير الملائكة أو معرفة الغيب أو استحضار الأرواح. كل هذا مخالف للعقيدة الصحيحة، ولا يعلم الغيب إلا الله، ولم يُعطَ أحد من البشر سلطة على الملائكة أو الأرواح.

قال تعالى:

«قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله».

مشهد الشفاعة العظمى يوم القيامة

من أعظم مشاهد يوم القيامة، حديث الشفاعة العظمى الذي يبين مكانة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وكيف أن الخلائق جميعًا يلجأون إليه ليشفع لهم عند الله ليبدأ الحساب.

في ذلك اليوم العظيم، يجتمع الناس من آدم عليه السلام إلى آخر البشر، حفاة عراة غرلاً، وتدنو الشمس من رؤوسهم، ويشتد الكرب والغم حتى يتمنوا بدء الحساب مهما كانت نتيجته.

يذهب الناس إلى الأنبياء واحدًا تلو الآخر: آدم، ثم نوح، ثم إبراهيم، ثم موسى، ثم عيسى عليهم السلام، وكلهم يعتذرون ويقولون: "نفسي نفسي".

حتى يصلوا إلى محمد صلى الله عليه وسلم، فيقول: "أنا لها"، ويسجد تحت العرش، ويدعو الله ويمجده، حتى يؤذن له بالشفاعة.

فيشفع في أمته، ويبدأ الحساب، وتفتح أبواب الجنة، ويدخل من أمة محمد من لا حساب عليهم من الباب الأيمن، وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب.

الاقتداء بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم

اتباع النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو السبيل لرفعة المسلم في الدنيا والآخرة. فمن اقتدى به في سنته وسيرته، رفع الله قدره، وجعله من أوائل الداخلين إلى الجنة.

قال النبي صلى الله عليه وسلم:

"المرء مع من أحب" (متفق عليه).

التحذير من البدع والانحرافات المعاصرة

انتشرت في عصرنا أفكار دخيلة على الإسلام، مثل ما يسمى "قانون الجذب"، أو "الذبذبات"، أو "تسخير الطاقة"، أو "الريكي الإسلامي"، وغيرها من المفاهيم التي أصلها من الديانات الشرقية أو الفلسفات الباطنية، ثم تم "أسلمتها" ظاهريًا.

هذه المفاهيم تُدخل الناس في الشرك والبدع من حيث لا يشعرون، وتبعدهم عن التوحيد الخالص الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم.

الحل هو العودة إلى الكتاب والسنة، وفهم الدين كما فهمه السلف الصالح، وعدم أخذ الدين من غير أهله.

خاتمة ودعاء

تعظيم الله عز وجل هو أساس الإيمان، وهو الذي يرفع العبد عند ربه، ويقيه من البدع والضلالات.

فلنحرص على تعظيم الله في قلوبنا وأعمالنا، ولنبتعد عن كل ما يخدش هذا التعظيم من أفكار دخيلة أو بدع مستحدثة.

نسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يثبتنا على دينه، وأن يهدينا لأحسن الأخلاق والأقوال والأعمال، وأن يغفر لنا ويرحمنا، ويجمعنا بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم في جنات النعيم.

اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

ملاحظات للمتعلمين:

  • احرص على حضور مجالس الذكر، فهي سبب لمغفرة الذنوب ورفعة الدرجات.
  • اقرأ القرآن وتدبر معانيه، واطلب العلم من مصادره الموثوقة.
  • ابتعد عن الدجالين وأهل البدع، ولا تتبع إلا منهج النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته.
  • تذكر أن تعظيم الله في قلبك هو مفتاح السعادة والنجاة في الدنيا والآخرة.

جزاكم الله خيرًا على حسن القراءة والمتابعة.

https://www.youtube.com/watch?v=GZanBfWggBI

اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك