تحذير من مخاطر الطاقات الباطنية والشاكرات: تجارب واقعية ونظرة علمية ودينية
في السنوات الأخيرة، انتشرت بين الشباب والمهتمين بالتنمية الذاتية والروحانيات العديد من المفاهيم والممارسات المستوردة من الشرق، مثل اليوغا، والشاكرات،
في السنوات الأخيرة، انتشرت بين الشباب والمهتمين بالتنمية الذاتية والروحانيات العديد من المفاهيم والممارسات المستوردة من الشرق، مثل اليوغا، والشاكرات، والطاقة الكونية، وغيرها من علوم الطاقة والوعي. ورغم الترويج لها كطرق للشفاء وتحسين الحياة، إلا أن هناك جانبًا مظلمًا لهذه الممارسات يجب التوعية به، خاصة بعد ظهور حوادث مؤلمة مرتبطة بها، كان آخرها حادثة مدربة قتلت ابنتها وقدمتها كقربان في طقس طاقي غريب.
بين الحقيقة والخيال: ما هي الشاكرات؟
يتم تقديم الشاكرات في الدورات وورش العمل على أنها مراكز للطاقة في جسم الإنسان، لكل منها لون ووظيفة وتأثير على الصحة الجسدية والنفسية. يُقال إن فتح الشاكرات أو تفعيلها يؤدي إلى الشفاء والتنوير والسعادة. لكن الحقيقة التي يغفل عنها الكثيرون أن مفهوم الشاكرات ليس علميًا ولا حتى جزءًا من الطب البديل الموثوق، بل هو معتقد ديني وثني يعود لجذور هندوسية وبوذية قديمة، وقد تم تطويره وتحديثه في العصر الحديث ليُسوّق كمنتج روحي غربي.
من الجدير بالذكر أن الشاكرات لم تكن معروفة بهذا الشكل في الثقافات الشرقية نفسها قبل القرن التاسع عشر، وأن معظم ما يُدرّس اليوم هو خليط من فلسفات وتأملات تم تحديثها وتغليفها لتناسب العصر الحديث، وتُعرض كرياضة أو علاج نفسي، بينما هي في حقيقتها طقوس روحية ذات أبعاد دينية باطنية.
خطر الممارسات الطاقية: تجارب شخصية وشهادات واقعية
تروي إحدى الفتيات تجربتها المؤلمة مع هذه الممارسات، حيث بدأت تلاحظ تغيرات نفسية وسلوكية خطيرة بعد انخراطها في تدريبات الطاقة والشاكرات. تقول: "بدأت تأتيني أفكار غريبة عن أهلي ونفسي، شعرت بالعزلة، وأصبحت تراودني خيالات مؤذية، كأنني أجرح نفسي أو أؤذي من حولي، رغم أنني لم أكن أعاني من مشاكل نفسية قبل ذلك". وتضيف: "حتى طريقة تعاملي مع نفسي أصبحت عنيفة، كنت أحك جلدي حتى ينزف الدم دون أن أشعر بالألم".
هذه ليست حالة فردية، بل هناك العديد من الشهادات التي تتحدث عن أعراض مشابهة: عزلة اجتماعية، كره للأهل، فقدان المشاعر، سماع أصوات غريبة، كوابيس، وحتى أفكار انتحارية أو إيذاء للغير. وتؤكد هذه الشهادات أن الخروج من هذه الدوامة ليس سهلاً، وأن الشعور بالذنب وتأنيب الضمير يرافق الشخص لفترة طويلة بعد التوبة وترك هذه الممارسات.
الجانب القانوني والاجتماعي: ضياع الحقوق وتشخيص خاطئ
من المؤسف أن القوانين في معظم الدول العربية لا تجرم هذه الممارسات بشكل واضح، إذ يتم التعامل مع مرتكبي الجرائم الناتجة عنها كمرضى نفسيين، وليس كممارسين للشعوذة أو السحر. وهذا يؤدي إلى ضياع الحقوق، حيث يُشخّص الجاني كمريض عقلي ويُعفى من المسؤولية الجنائية، رغم أنه كان بكامل قواه العقلية عند ارتكاب الجريمة.
وتشير بعض القوانين إلى تجريم السحر والشعوذة فقط في صورتها التقليدية، بينما تظل الممارسات الطاقية الحديثة خارج إطار التجريم، رغم أنها تحمل نفس المخاطر بل وأكثر، لأنها تتخفى تحت مسميات التنمية الذاتية والعلاج الروحي.
الأسباب النفسية والاجتماعية للانجراف وراء الطاقة
غالبًا ما يلجأ الأشخاص إلى هذه الممارسات هربًا من مشاكل نفسية أو اجتماعية، أو بحثًا عن حلول سريعة لمشاكلهم دون اللجوء إلى العلاج النفسي أو الاستشارة الدينية. ويستغل بعض المدربين هذا الضعف، فيروجون لدورات مجانية أو بأسعار رمزية لجذب أكبر عدد من الضحايا، ليكتشفوا لاحقًا أنهم أصبحوا جزءًا من طقوس غريبة أو حتى قرابين دون علمهم.
العواقب النفسية والدينية
تؤكد الدراسات الحديثة أن ممارسة التأملات الطاقية واليوغا والشاكرات قد تؤدي إلى اضطرابات نفسية خطيرة، مثل الذهان، الوسواس القهري، الهلوسة، الاكتئاب، ونوبات الهلع. وتذكر مجلة "دير شبيغل" الألمانية أن نسبة كبيرة من ممارسي اليوغا والتأمل تعرضوا لنوبات اكتئاب واحتاجوا للعلاج النفسي، وأن بعضهم تطورت حالتهم إلى أوهام وهلاوس.
أما من الناحية الدينية، فإن هذه الممارسات تُعد من أنواع السحر والشعوذة، حيث ترتبط بترديد تعويذات (مانترا) وحركات جسدية هي في أصلها صلوات وثنية أو طقوس لاستحضار قوى خفية. ويحذر العلماء من خطورة الانخراط فيها، لما فيها من تلاعب بالعقيدة وتضليل للناس باسم الشفاء والطاقة الإيجابية.
رسالة إلى المجتمع: لا تسكتوا عن الحق
من الضروري أن يتحمل كل فرد مسؤوليته في التوعية بمخاطر هذه الممارسات، وعدم السكوت عن الحالات المشبوهة. إذا لاحظتِ أن أحدًا من معارفك بدأ ينجرف وراء هذه الدورات أو الممارسات، انصحيه وحذريه، وشاركي المعلومات الصحيحة. لا تستهيني بخطورة الأمر، فقد تكونين سببًا في إنقاذ نفس أو عائلة من الضياع.
كما يجب على الجهات الرسمية، من وزارات الصحة والشؤون الدينية، التحرك لوضع قوانين واضحة تجرم هذه الممارسات، وتوعية الناس بخطورتها، وعدم ترك المجال مفتوحًا للمدربين والدجالين لاستغلال الضعفاء.
الخلاصة: العودة إلى الفطرة والدين
الحياة مليئة بالتحديات، ولا يوجد حلول سحرية أو طقوس غامضة لحل المشاكل. الطريق الصحيح هو اللجوء إلى الله، وطلب الشفاء بالطرق المشروعة، والاستعانة بالمتخصصين النفسيين عند الحاجة، وعدم الانجرار وراء كل جديد أو غريب. فالدين الإسلامي كفل للإنسان كرامته وسلامته النفسية والجسدية، وأعطاه من العبادات ما يكفيه ليشعر بالطمأنينة والسعادة الحقيقية.
فلنحذر جميعًا من الوقوع في فخ الطاقات الباطنية والشاكرات، ولنحمي أنفسنا وأهلنا ومجتمعنا من هذا الخطر المتخفي في صورة علاج أو تنمية ذاتية. والله المستعان.
للمزيد من التوعية، شاركوا هذا المقال مع من تحبون، ولا تترددوا في طرح أسئلتكم أو تجاربكم في التعليقات.
https://www.youtube.com/watch?v=ZrDnG8pl66k