اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك

تجربة حقيقية مع تقنيات التأمل والاسترخاء: رحلة أستاذة مغربية بين البحث عن التوازن والتحذير من مخاطر التنمية البشرية

في عالم اليوم، تنتشر تقنيات التأمل والاسترخاء والتنمية الذاتية بشكل واسع بين الشباب والمهنيين بحثًا عن التوازن النفسي وتحسين جودة الحياة. لكن خلف هذا

س
سحر اليوقا و الطاقة
مايو 12, 2025
5 دقائق

في عالم اليوم، تنتشر تقنيات التأمل والاسترخاء والتنمية الذاتية بشكل واسع بين الشباب والمهنيين بحثًا عن التوازن النفسي وتحسين جودة الحياة. لكن خلف هذا الانتشار، هناك تجارب واقعية تحمل في طياتها دروسًا هامة وتحذيرات ضرورية. في هذا المقال، نستعرض تجربة أستاذة مغربية عايشت رحلة طويلة مع إحدى أشهر مدارس التأمل، لتشاركنا ما عاشته من فوائد، ثم صدمات، وصولًا إلى مراجعة الذات والعودة للجذور.

البداية: ضغوط العمل وبحث عن الحلول

تروي الأستاذة فاطمة من المغرب أنها في عام 2007 كانت تمر بفترة ضغوط شديدة بسبب عملها في التدريس داخل مدرسة فندقية، حيث كانت تتعامل مع أقسام كبيرة وأغلبية الطلاب مشاغبين. تراكمت الضغوط العائلية والنفسية حتى شعرت بما يُعرف بـ"الاحتراق النفسي" (Burnout). في خضم هذه الأزمة، سمعت عن دورة تدريبية في "مدرسة سيلفا" للتأمل والاسترخاء، والتي قيل لها إنها تساعد على برمجة النجاح وزيادة التركيز والقدرة على الاسترخاء.

بدافع الأمل في التغيير، التحقت بالدورة التي استمرت ثلاثة أيام، وتعلمت خلالها تمارين متنوعة للاسترخاء الذهني والجسدي. في البداية، وجدت التمارين صعبة ومتعبة، لكنها لاحقًا شعرت ببعض الراحة بعد تطبيقها.

التعمق في مدرسة سيلفا: بين العلم والوهم

توضح الأستاذة فاطمة أنها لم تكن تعلم أن تقنيات سيلفا ترتبط بمفاهيم "الطاقة" أو الفلسفات الشرقية، بل قُدمت لها على أنها طرق علمية لتنمية القدرات العقلية. كانت التمارين تعتمد على موجات "ألفا" و"ثيتا" الدماغية، مع الاستماع لتسجيلات صوتية وترديد توكيدات إيجابية أثناء الاسترخاء.

مع الوقت، استخدمت هذه التقنيات بشكل غير منتظم، خاصة قبل إعطاء الدورات أو مواجهة مواقف تتطلب تركيزًا عاليًا أو التعامل مع جمهور كبير. لم تصبح مدربة رسمية لتقنيات سيلفا، لكنها دمجت بعض تمارين الاسترخاء في عملها كمدربة تنمية بشرية ولايف كوتش.

بداية الشكوك: هل هناك ما يغضب الله؟

رغم النجاح المهني الذي حققته، بدأت فاطمة تشعر بضيق نفسي وتساؤلات حول مدى شرعية ما تمارسه، خاصة وأنها لاحظت تغييرات في التزامها الديني، مثل خلع الحجاب دون إرادة واضحة، وظهور أعراض جسدية ونفسية غريبة لم تجد لها تفسيرًا طبيًا.

بدأت تكثر من الدعاء وتسأل الله أن يرشدها إلى الحق، حتى صادفت قناة توعوية تتحدث عن مخاطر تقنيات الطاقة والريكي والتأملات المستوردة من الفلسفات الشرقية، وارتباط بعضها بمفاهيم شركية أو ممارسات تخالف العقيدة الإسلامية. هنا كانت الصدمة الكبرى، حيث اكتشفت أن كثيرًا مما كانت تمارسه وتعلمه للآخرين قد يكون فيه ضرر على العقيدة والصحة النفسية.

الأعراض والتغيرات: ما الذي حدث بعد سنوات من الممارسة؟

خلال سنوات ممارسة تقنيات التأمل والاسترخاء، لاحظت فاطمة عدة أعراض لم تجد لها تفسيرًا طبيًا واضحًا، منها:

  • ضيق الصدر والشعور بالاختناق، خاصة عند محاولة ارتداء الحجاب، حتى اضطرت لخلعه في إحدى المرات أثناء القيادة بسبب شعورها بأنها ستفقد الوعي.
  • تشنجات عضلية وآلام جسدية، زارت بسببها العديد من الأطباء دون جدوى.
  • تراجع في الخشوع بالصلاة وقراءة القرآن، وشعور بالبعد عن الله رغم استمرارها في بعض العبادات.
  • مشاعر العزلة والفراغ الداخلي، رغم النجاح المهني.
  • إحساس بأنها "متفرجة" على حياتها وليست فاعلة فيها، وهو ما ربطته لاحقًا بتأثيرات التأملات العميقة.

تقول فاطمة إن هذه الأعراض تلاشت تدريجيًا بعد توقفها عن ممارسة التأملات وعودتها للالتزام الديني والدعاء وقراءة القرآن.

مراجعة الذات والعودة للجذور

بعد اكتشافها مخاطر بعض تقنيات التنمية البشرية والتأمل، قررت فاطمة التوقف عن تدريس أي تمارين استرخاء أو توكيدات، بل وأرسلت رسائل لطلابها السابقين تحذرهم من الاستمرار في هذه الممارسات. كما بدأت تتخلص من كتب التنمية البشرية التي كانت تملكها، وركزت على العودة للقرآن والسنة كمصدر للإلهام والتوازن النفسي.

تؤكد فاطمة أن ما أنقذها في أصعب لحظات حياتها لم يكن أي مدرب أو تقنية حديثة، بل العودة الصادقة لله، وقراءة القرآن، والدعاء في جوف الليل.

نصيحة من القلب: احذروا فخ التنمية البشرية الزائفة

توجه الأستاذة فاطمة نصيحة صادقة لكل من يسعى للتغيير الذاتي أو يبحث عن السعادة والتوازن:

  • ليس كل ما يُعرض تحت مسمى التنمية البشرية أو اللايف كوتشينج آمن أو مفيد. كثير من الدورات والكتب دخلتها مفاهيم مستوردة من فلسفات شرقية أو معتقدات باطنية قد تضر بالعقيدة والصحة النفسية.
  • التمييز بين العلم الحقيقي والزائف ضروري. فهناك فرق بين العلوم الإنسانية الحقيقية (كالطب وعلم النفس والاجتماع) وبين تقنيات التنمية البشرية التي قد تخلط العلم بالخرافة أو الشعوذة.
  • العودة للسيرة النبوية والقرآن. فيها بدائل حقيقية ونافعة لكل من يبحث عن التوازن، مثل نصائح النبي صلى الله عليه وسلم في التعامل مع الغضب أو الضغوط النفسية.
  • التحقق من مصادر أي تقنية أو دورة قبل ممارستها أو تعليمها للآخرين، خاصة إذا كانت تتضمن ممارسات غريبة أو توكيدات أو استحضار طاقات مجهولة.

الختام: دروس مستفادة ومسؤولية مجتمعية

تجربة الأستاذة فاطمة تبرز أهمية الوعي والتحقق، وعدم الانسياق وراء كل جديد دون فحص أو سؤال أهل العلم. كما تؤكد على ضرورة وجود بدائل آمنة وشرعية في مجال التنمية الذاتية، مستمدة من قيمنا وديننا وتراثنا الغني.

وأخيرًا، تذكرنا هذه التجربة أن البحث عن السعادة والنجاح لا يكون دائمًا في الخارج أو عبر تقنيات مستوردة، بل قد يكون أقرب إلينا مما نظن: في الإيمان، والدعاء، والقرآن، والصحبة الصالحة، والعمل الصادق.

هل لديك تجربة مشابهة أو تساؤلات حول تقنيات التنمية البشرية والتأمل؟ شاركنا رأيك في التعليقات، ولا تتردد في طلب المشورة من المختصين الموثوقين في المجالين الديني والنفسي.

https://www.youtube.com/watch?v=yRtVAIqQL3Y

اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك