تجربتي مع السبليمنال: سنة ونصف من الوهم وثلاث سنوات بلا صلاة

بقلم: إحدى الأخوات – قناة سحر اليوغا والطاقة

مقدمة

في عصر تتسارع فيه المعلومات وتنتشر فيه التجارب عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يقع الكثيرون في فخ بعض الممارسات التي تبدو بريئة أو حتى "علمية" في ظاهرها، لكنها تحمل في طياتها مخاطر كبيرة على النفس والدين والصحة. من بين هذه الممارسات، انتشر مؤخرًا ما يسمى بـ"السبليمنال" – تسجيلات صوتية يُقال إنها تبرمج العقل الباطن لتحقيق أهداف مثل الجمال، الثقة بالنفس، الثراء، وغيرها. في هذا المقال، أشارككم تجربتي الشخصية مع السبليمنال، كيف دخلت هذا العالم، وما هي الآثار التي عانيت منها، ونصيحتي لكل من يفكر في خوض هذه التجربة.

كيف بدأت القصة؟

دخلت عالم السبليمنال من باب الفضول، وبحثًا عن التغيير في حياتي. كنت أمر بمشاكل أسرية، مادية ونفسية، بالإضافة إلى شعوري بالفراغ. لم أكن أبحث بشكل مباشر، لكن مقاطع التيك توك واليوتيوب عن التوكيدات والسبليمنال بدأت تظهر لي بشكل متكرر، خاصة تلك التي تتحدث عن النجاح، الثراء، والتحفيز النفسي.

بدأت أستمع لهذه التسجيلات يوميًا قبل النوم باستخدام سماعتين، واستمر ذلك لمدة سنة إلى سنة ونصف. لم أكن أمارس أي شيء آخر سوى الاستماع، وأغلب التسجيلات كانت من قناة أجنبية تركز على النجاح والتحفيز الذاتي.

التأثيرات السلبية: من الانقطاع عن الصلاة إلى الاكتئاب

مع مرور الوقت، بدأت ألاحظ تغيرات سلبية كبيرة في حياتي:

• انقطاع عن الصلاة: توقفت عن أداء الصلاة بشكل كامل لمدة ثلاث سنوات، حتى في رمضان. لم أقرأ القرآن، ولم أستطع حتى تذكر الصلاة أو محاولة أدائها.
• تأثيرات نفسية: عانيت من الاكتئاب، القلق، وضيق شديد في الصدر. كانت أحلامي مضطربة، وكأنني أعيش يومي بشكل طبيعي أثناء النوم دون راحة.
• تأثيرات اجتماعية: تأثرت بعلاقات الصداقة، خاصة مع صديقة كانت لا تصلي وغير مؤمنة، وتبنيت بعض طباعها دون وعي.
• تأثيرات صحية: لاحظت زيادة كبيرة في الوزن (أكثر من خمسة كيلوغرامات خلال سنتين)، آلام في الجسد والمفاصل، كدمات، مشاكل في اللثة والأسنان، واضطرابات هرمونية شديدة (ارتفاع هرمون الحليب وانقطاع الدورة الشهرية لستة أشهر).
• تجارب روحية مخيفة: أصبت بالجاثوم (شلل النوم) أكثر من مرة، وشعرت بخوف شديد من الأصوات التي أسمعها أثناء الاستماع للتوكيدات، حتى أنني كنت أرى شاشة هاتفي سوداء ولا أستطيع الحركة أو الصراخ إلا بعد قراءة آية الكرسي.

هل حققت السبليمنال أي نتائج؟

رغم كل هذه المعاناة، لم أحقق أي من الأهداف التي وعدتني بها هذه التسجيلات. لم يتحسن وضعي المادي أو النفسي، ولم ألاحظ أي تغيير حقيقي في حياتي. بالعكس، الأمور ازدادت سوءًا وتعقيدًا، وكل ما حدث كان مجرد أوهام في بداية التجربة سرعان ما تلاشت.

كيف توقفت عن السبليمنال؟

بدأت أستوعب خطورة ما أقوم به بعد أن شاهدت مقاطع توعوية على قنوات مثل "سندس" و"قرار الإزالة". بدأت أربط الأحداث وأدركت أنني كنت أسير في طريق خاطئ، وأن ما أمارسه قد يكون له أبعاد دينية وصحية خطيرة لم أكن واعية بها.

نصيحتي لكل من يفكر في السبليمنال أو ممارسات الطاقة

• ابحث عن تجارب الآخرين: لا تأخذ أي شيء على علاته، وابحث جيدًا عن تجارب من سبقوك، خاصة من تعرضوا للضرر.
• اعرض الأمر على الدين والعقل: اسأل أهل العلم عن حكم هذه الممارسات، ولا تستهين برأيهم حتى لو بدا لك أنه "قديم" أو "غير متطور".
• لا تدخل في شيء تجهله: كثير من هذه الممارسات قائمة على الجهل أو تقديمها بغطاء "علمي" زائف، مثل الحديث عن "العقل الباطن" أو "الذبذبات".
• انتبه لاختيار الأصدقاء: الصحبة السيئة قد تجرك إلى ممارسات خاطئة دون أن تشعر، حتى لو لم تكن مقتنعًا بها في البداية.
• احذر من المحتوى المنتشر في وسائل التواصل: خوارزميات التطبيقات قد تعرضك لمحتوى خطير دون أن تبحث عنه بنفسك.
• توعية الصغار والمراهقين ضرورية: يجب أن يكون هناك وعي حقيقي في المدارس والمنازل عن مخاطر هذه الممارسات، وأن يتم الحديث عنها بصراحة.

العودة إلى الطريق الصحيح

بعد كل هذه التجربة، أحمد الله أنني عدت للصلاة والعبادات، وأدعو الله أن يتقبل توبتي ويثبتني على الطريق الصحيح. أنصح كل من مر بتجربة مشابهة أن يكثر من النوافل وصلاة السنن لتعويض ما فات، وأن يشارك تجربته مع الآخرين لنشر الوعي.

كلمة أخيرة

قد تبدو بعض التجارب "تافهة" أو غير مؤثرة في البداية، لكن مع الوقت قد تدمر علاقتك مع الله وصحتك النفسية والجسدية. لا تستهين بأي خطوة تخطوها في هذا الطريق، وكن دائمًا يقظًا لما يدخل إلى عقلك وقلبك عبر وسائل الإعلام أو الأصدقاء.

أسأل الله أن يحفظ شبابنا وبناتنا من كل سوء، وأن يجعل هذه التجربة في ميزان حسناتي وحسنات كل من يشاركها لنشر الوعي.

إذا كانت لديك تجربة مشابهة أو رأي حول الموضوع، شاركنا في التعليقات لنستفيد جميعًا.