تجربة الخروج من عالم الطاقة والتنمية البشرية: رحلة وعي ونقد علمي

في السنوات الأخيرة، انتشرت مفاهيم التنمية البشرية وعلوم الطاقة الروحانية بشكل كبير في المجتمعات العربية، وأصبحت تجذب الكثير من الشباب والفتيات الباحثي

س
سحر اليوقا و الطاقة
مايو 22,2025
5 دقائق
0

في السنوات الأخيرة، انتشرت مفاهيم التنمية البشرية وعلوم الطاقة الروحانية بشكل كبير في المجتمعات العربية، وأصبحت تجذب الكثير من الشباب والفتيات الباحثين عن التغيير والتحفيز وتطوير الذات. إلا أن هذه الظاهرة، رغم شعاراتها البراقة، تحمل في طياتها مخاطر نفسية واجتماعية ودينية عميقة، قد لا يدركها الكثيرون إلا بعد فوات الأوان.

في هذا المقال، نستعرض تجربة شاب وقع في فخ هذه الدورات والممارسات، وكيف أثرت عليه، ثم نحلل الظاهرة من منظور علمي وديني ونفسي، ونقدم نصائح عملية للوقاية منها.

بداية القصة: بحث عن الذات... وضياع في التيه

بدأت رحلة ريان، شاب في مقتبل العمر، عندما كان يمر بمرحلة مراهقة صعبة، مليئة بالمشاكل الأسرية والشعور بالوحدة. كان يبحث عن معنى لحياته، وعن طريقة للخروج من ضغوطه النفسية. وجد ضالته - كما ظن - في مقاطع الفيديو والدورات التي تتحدث عن "الطاقة" و"اعتزل ما يؤذيك" و"قوانين الجذب"، فبدأ يطبق ما يسمعه بحماس.

مع مرور الوقت، ازداد انغماس ريان في هذه الدورات، حتى أصبح يؤمن بأن الصلاة والعبادات ليست إلا وسائل لجلب الطاقة، وأن عليه أن "ينظف مداخل الطاقة" في جسده ليستقبل الملائكة. بدأ ينعزل تدريجياً عن أسرته وأصدقائه، حتى وصلت علاقته بأمه إلى القطيعة والشك، رغم أنها كانت أقرب الناس إليه.

لم يقتصر الأمر على ذلك، بل دخل ريان في دوامة من الشكوك العقدية، حتى وصل به الحال إلى متابعة جماعات تنكر السنة النبوية وتروج لأفكار غريبة عن الدين والكون، مما زاد من اضطرابه النفسي وعزلته الاجتماعية.

أعراض خطيرة... ومعاناة نفسية واجتماعية

خلال خمس سنوات من الانغماس في هذه الممارسات، فقد ريان علاقاته الاجتماعية، وأصبح عاجزاً عن إكمال دراسته أو الاستقرار في وظيفة. سيطر عليه الوسواس، وبدأ يشك في نوايا أقرب الناس إليه، حتى أمه. كان يقضي معظم وقته وحيداً في السيارة أو في غرفته، يعاني من الكوابيس والأفكار السوداوية.

ورغم أنه كان يؤدي بعض العبادات، إلا أنه كان يبتعد عن المسجد، ويصلي منفرداً في البيت، بحجة أن ذلك يمنحه "خشوعاً وطاقة" أكثر. ومع كل ذلك، لم يشعر بأي تحسن حقيقي في حياته، بل زادت معاناته النفسية والاجتماعية.

نقطة التحول: العودة إلى الله والوعي بالحقيقة

جاءت نقطة التحول عندما قرر ريان، ذات يوم، أن يقرأ الأذكار بتدبر، فشعر بقوة غريبة وراحة لم يعهدها من قبل. بدأ يشكك في جدوى ما كان يمارسه، ويدرك أن طريق الطاقة لم يجلب له إلا العزلة والوسواس. وجد في العودة إلى القرآن والذكر والعبادات الصحيحة طمأنينة وسكينة، وبدأ يستعيد علاقاته الاجتماعية تدريجياً.

شارك ريان قصته عبر أحد البثوث التوعوية، ليحذر غيره من الوقوع في نفس الفخ، ويؤكد أن كل ما عاشه من ضياع كان نتيجة تصديقه لأوهام لا تستند إلى علم ولا دين.

تحليل الظاهرة: كيف يتم التلاعب النفسي؟

تحدثت مجموعة من المختصات في البث عن الأساليب النفسية التي يستخدمها مدربو الطاقة والتنمية البشرية، ومنها:

  • العزل الاجتماعي: إقناع المتدرب بأنه أفضل من مجتمعه وأسرته، وأن عليه الابتعاد عنهم لأنهم "طاقتهم سلبية".
  • زرع الشكوك والوساوس: الإيحاء بوجود صدمات طفولة غير حقيقية، أو أن الأهل سبب كل مشاكل الشخص، حتى لو لم تكن هناك أدلة واقعية.
  • التلاعب بالمفاهيم الدينية: استخدام ألفاظ دينية لتبرير ممارسات باطلة، مثل ربط الطاقة بالعبادات أو الادعاء بأن "الله غير فاضٍ لعباده".
  • إضفاء سلطة زائفة: ادعاء المدرب أنه يمتلك "وعي أعلى" وأن الآخرين وعيهم منخفض، مما يجعل المتدرب يشعر بالنقص ويخضع لسلطة المدرب.
  • غسل الدماغ بالتكرار والإرهاق الذهني: تكرار نفس الأفكار والشعارات حتى يقتنع بها الشخص دون وعي.

مخاطر التنمية البشرية الزائفة وعلوم الطاقة

  • تدمير العلاقات الأسرية: كثير من الضحايا ينعزلون عن أسرهم وأقاربهم، ويقعون في قطيعة مع أمهاتهم أو آبائهم.
  • الاضطرابات النفسية: تنتشر بينهم حالات الوسواس، القلق، الاكتئاب، والشعور الدائم بالذنب أو النقص.
  • الانحراف العقدي: بعض الدورات تروج لأفكار تناقض العقيدة الإسلامية، مثل إنكار السنة أو الإيمان بأن الإنسان جزء من "الإله" أو أن الكون هو الذي يدبر الأمور.
  • الاستغلال المالي: يتحول المتدرب إلى مصدر دخل للمدرب، الذي يبتزه عاطفياً ومالياً عبر دورات متتالية لا تنتهي.
  • ضياع الهدف الحقيقي من الحياة: ينشغل الشخص بتطوير ذاته الوهمي وينسى الغاية الحقيقية من وجوده، وهي عبادة الله وعمارة الأرض.

كيف نحمي أنفسنا وأبناءنا من هذه الأفكار؟

  • تعزيز الوعي الديني الصحيح: العودة إلى مصادر الدين الموثوقة (القرآن والسنة بفهم السلف الصالح)، وعدم أخذ الدين من مدربي التنمية البشرية أو الطاقة.
  • التمييز بين التنمية الحقيقية والزائفة: التنمية الحقيقية تعني اكتساب مهارات عملية وعلمية، وليست شعارات أو ممارسات غامضة.
  • الحذر من العبارات المشبوهة: مثل "الله غير فاضٍ لك"، أو "استمد طاقتك من الكون"، أو "أنت الإله"، فهي مؤشرات على انحراف خطير.
  • التمسك بالعلاقات الأسرية: الأسرة هي السند الحقيقي، وأي دعوة لقطعها أو الشك فيها هي علامة خطر.
  • طلب المساعدة عند الحاجة: إذا شعر الشخص بأنه بدأ ينعزل أو يعاني من وساوس أو قلق، عليه طلب المساعدة من مختصين موثوقين.
  • نشر التوعية بين الشباب: مشاركة القصص الواقعية وتجارب التائبين من هذه الدورات، حتى لا يقع غيرهم في نفس الفخ.

كلمة أخيرة

إن البحث عن الذات والتطوير أمر مشروع ومرغوب، لكن يجب أن يكون مبنياً على أسس علمية ودينية صحيحة، لا على أوهام وخرافات. علينا أن نميز بين ما ينفعنا حقاً وما يضرنا، وأن نعود إلى الله كلما شعرنا بالضياع أو القلق، فهو وحده القادر على منحنا السكينة والطمأنينة.

ولنتذكر دائماً: لا يوجد طريق مختصر للسعادة والنجاح إلا بالعمل الجاد، والالتزام بالقيم، والرضا بما قسمه الله لنا.

مصادر إضافية للقراءة:

  • القرآن الكريم والسنة النبوية
  • كتب علم النفس الموثوقة
  • مقالات نقدية حول التنمية البشرية وعلوم الطاقة

شارك المقال مع من تحب، فقد تكون سبباً في إنقاذ شخص من الضياع.

بقلم: فريق التوعية المجتمعية

https://www.youtube.com/watch?v=HdIs5XNnjBw

اسأل سحر الطاقة

تحدث مع سحر الطاقة واحصل على إجابات لأسئلتك