تجربة التولبا: رحلة بين الوهم والحقيقة وتحذيرات هامة للجيل الجديد
في السنوات الأخيرة، انتشرت بين بعض الشباب والفتيات مفاهيم غريبة مثل "التولبا" و"علوم الطاقة" و"الصديق الخيالي"، وبدأت تظهر قصص وتجارب حقيقية لأشخاص خا
في السنوات الأخيرة، انتشرت بين بعض الشباب والفتيات مفاهيم غريبة مثل "التولبا" و"علوم الطاقة" و"الصديق الخيالي"، وبدأت تظهر قصص وتجارب حقيقية لأشخاص خاضوا هذه التجارب بأنفسهم. في هذا المقال، نستعرض تجربة إحدى الفتيات مع التولبا، ونحللها من منظور نفسي وديني، ونقدم نصائح هامة لحماية النفس والعقيدة.
ما هو التولبا؟
التولبا هو مفهوم يُشير إلى كيان خيالي يصنعه الإنسان في عقله من خلال التأمل والتخيل المستمر، حتى يصبح وكأنه شخصية مستقلة يشعر بوجودها ويتحدث معها. يروج بعض المدربين لهذا المفهوم تحت مسميات التنمية الذاتية أو علوم الطاقة، ويشجعون الشباب على تجربته بحجة أنه يساعد في تجاوز الوحدة أو الاكتئاب.
بداية التجربة: الفضول والانجذاب
تروي صاحبة التجربة أنها بدأت بالانجذاب لهذا العالم من باب الفضول، حيث كان يُقال لها إنه يجب أن تكرس وقتها بالكامل لهذا الكيان، أن تتحدث معه باستمرار، وتعيش معه وكأنه جزء من حياتها اليومية. مع الوقت، بدأت تشعر بالعزلة عن محيطها، وازدادت لديها الكوابيس والمخاوف، حتى أصبحت تعاني من كوابيس يومية وجاثوم (شلل النوم)، وكانت تجد نفسها في حالة من الرعب لا تستطيع الخروج منها إلا عندما "ينقذها" هذا الكيان الخيالي.
محاولات الخروج والعودة إلى الطريق الصحيح
مع مرور الوقت، شعرت الفتاة أنها تبتعد عن دينها وعبادتها، فقررت في أحد شهور رمضان أن تقطع علاقتها بهذا الكيان، وتحذف حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي، وتركز على الصلاة وقراءة القرآن. تصف هذه المرحلة بأنها كانت بداية الاستقامة الحقيقية، حيث شعرت براحة لم تعهدها من قبل، ووجدت في القرآن ملاذها الوحيد للخروج من حالة الضياع.
وساوس عقدية وصراع داخلي
بعد فترة من الانقطاع عن التولبا، بدأت تعاني من وساوس عقدية شديدة، تراودها أفكار وجودية وأسئلة عن الذات الإلهية، حتى أصبحت تبكي يومياً من شدة الألم النفسي. لكنها لم تستسلم، بل لجأت إلى الدعاء والاستغفار، ووجدت في حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن الوساوس عزاءً وطمأنينة، حتى شعرت بالشفاء تدريجياً.
العودة إلى الحياة الطبيعية
مع الوقت، بدأت تلاحظ تحسناً في حالتها النفسية، خاصة بعد الالتزام بالأذكار اليومية والحرص على الوضوء وقراءة القرآن. ومع ذلك، استمرت بعض الأعراض مثل الجاثوم والكوابيس، لكنها لاحظت أنها تزداد كلما أهملت الأذكار أو ابتعدت عن الطاعات.
حقيقة التولبا: وهم أم مرض نفسي؟
أوضح الأخصائيون المشاركون في النقاش أن هناك فرقاً كبيراً بين التولبا والصديق الخيالي عند الأطفال أو الهلاوس الناتجة عن أمراض نفسية مثل الفصام أو اضطراب ثنائي القطب. ففي الحالات النفسية، يكون هناك خلل في كيمياء المخ أو صدمات نفسية سابقة، بينما التولبا يُصنع بشكل متعمد من خلال تمارين وتخيلات مستمرة، وقد يتحول مع الوقت إلى حالة روحية أو وسواسية خطيرة.
مخاطر التولبا وعلوم الطاقة
حذرت صاحبة التجربة من الانخراط في هذه المفاهيم، خاصة للفتيات اللاتي يبحثن عن الحماية أو القوة أو حتى التسلية. وأكدت أن كثيراً من البنات ينجذبن لهذه التجارب بدافع الفضول أو هروباً من مشاكل نفسية أو اجتماعية، لكن النتيجة غالباً ما تكون عزلة، اكتئاب، وساوس عقدية، وأحياناً مشاكل أخطر مثل فقدان السيطرة على الذات أو الدخول في حالات روحانية غير مفهومة.
نصيحة ذهبية: لا تخاطر بدينك ولا بعقيدتك
وجهت صاحبة التجربة رسالة صادقة لكل من يفكر في خوض هذه التجربة:
"كل المصائب تهون إلا مصيبة الدين. لا تخاطر بعقيدتك ولا بأهلك ولا بجسدك من أجل تجربة أو فضول عابر. علوم الطاقة والتولبا لا أصل لها في العلم ولا في الدين، بل هي باب خطير للوساوس والشرك والضياع. الجئي إلى الله، واعملي بالأذكار، واشتغلي بطلب العلم والعمل الصالح، وستجدين السعادة والطمأنينة الحقيقية."
كيف تكتشف أن أحد أبنائك أو أصدقائك دخل في عالم التولبا؟
من العلامات التي قد تدل على ذلك:
- العزلة المفرطة والانشغال بالتأمل لفترات طويلة.
- الحديث مع النفس أو الضحك فجأة دون سبب واضح.
- الاهتمام المبالغ فيه بمواضيع الطاقة، القمر، أو وضع أشياء غريبة تحت ضوء القمر.
- الانشغال بمسلسلات أو ثقافات أجنبية تروج لمفاهيم الطاقة أو الأرواح.
- ظهور تغيرات سلوكية مفاجئة أو تراجع في الاهتمام بالعبادات.
رأي علم النفس: الصديق الخيالي والتولبا
أكد المختصون أن علم النفس لا يعترف بمفهوم التولبا كعلاج أو وسيلة تطوير ذاتي، وأن ما يُروج له تحت مسمى "علم النفس الموازي" أو "علوم الطاقة" هو في الحقيقة علم زائف لا أساس له من الصحة. الهلاوس النفسية لها أسباب معروفة وعلاجها واضح، بينما التولبا هو حالة مصطنعة قد تؤدي إلى مشاكل نفسية وروحية خطيرة.
الخلاصة: العودة إلى الفطرة هي الحل
تجربة التولبا ليست مجرد قصة عابرة، بل هي تحذير عملي من الانجراف وراء المفاهيم الغريبة والعلوم الزائفة التي قد تضر النفس والدين. الحل الحقيقي يكمن في العودة إلى الله، والتمسك بالقرآن والسنة، والانشغال بالعلم والعمل الصالح، وعدم الانسياق وراء كل جديد دون وعي أو تحقق.
احمِ نفسك وأبناءك من هذه التيارات، وكن واعياً بما يُروج له في وسائل التواصل الاجتماعي. السعادة الحقيقية في القرب من الله، لا في الأوهام والخيالات.
مصادر موثوقة للمزيد من القراءة:
- موقع الإسلام سؤال وجواب: حكم التولبا
- الجمعية السعودية للطب النفسي
- [الهيئة العامة للغذاء والدواء: التحذير من العلوم الزائفة]
هل لديك تجربة مشابهة أو سؤال حول هذا الموضوع؟ شاركنا في التعليقات لننشر الوعي معاً.
https://www.youtube.com/watch?v=uuvPYZ5lHLA