🔴 تجربة مؤلمة : بدأت في التنمية البشرية وتطوير الذات وأنتهيت بالطاقة وجميعهم دمروا حياتي وهذه قصتي
في السنوات الأخيرة، انتشرت دورات التنمية البشرية وتطوير الذات بشكل واسع في العالم العربي، وأصبحت تجذب الكثير من الباحثين عن التغيير والتحسين في حياتهم
تجربتي المؤلمة مع التنمية البشرية وتطوير الذات: من الأمل إلى الضياع والعودة
مقدمة
في السنوات الأخيرة، انتشرت دورات التنمية البشرية وتطوير الذات بشكل واسع في العالم العربي، وأصبحت تجذب الكثير من الباحثين عن التغيير والتحسين في حياتهم. لكن، خلف هذا البريق، هناك تجارب مؤلمة عاشها بعض الأشخاص، حيث وجدوا أنفسهم في دوامة من الأفكار والممارسات التي أبعدتهم عن قيمهم ودينهم، بل وأثرت سلباً على حياتهم وعلاقاتهم. في هذا المقال، أشارككم تجربتي الشخصية الصادقة مع هذا العالم، وكيف بدأت رحلة البحث عن العلاج والتغيير، وانتهيت إلى إدراك خطورة بعض هذه الدورات، وأهمية العودة إلى الطريق الصحيح.
البداية: بحث عن علاج وأمل
بدأت رحلتي مع التنمية البشرية بدافع الفضول والأمل في تحسين حياتي، خاصة بعد تعرضي لمشكلة صحية مفاجئة فقدت فيها بصري بشكل مؤقت. لجأت إلى الأطباء ولم أجد تفسيراً واضحاً لحالتي، فنصحني بعض الصديقات بتجربة دورات التنمية الذاتية، مؤكدين أن السبب قد يكون نفسياً.
كنت فتاة ملتزمة بديني، أؤدي فروضي وأقرأ القرآن بانتظام. لم أكن أؤمن كثيراً بالرُقى أو العلاجات الروحانية المنتشرة، لكنني كنت أبحث عن حل لمشكلتي، فدخلت عالم التنمية البشرية من باب علم النفس والفلسفة.
الانجراف إلى الدورات والبرامج
بدأت بحضور دورات معروفة، مثل دورات الدكتور أحمد عمارة، التي كانت تتحدث عن التنمية الذاتية من منظور ديني، مما شجعني على الاستمرار. لاحقاً، تعرفت على تقنيات مثل "الأكسس بارز" ودورات الطاقة، وكنت أظن أنها طرق علمية حديثة ستساعدني في الشفاء وتحقيق النجاح.
بحكم حبي للتجارة، فكرت أن أستفيد مادياً من هذه الدورات، وأصبح مدربة أساعد الآخرين. بدأت أتعافى تدريجياً بفضل التزامي بقراءة سورة البقرة، لكنني كنت أبحث عن تعميم الخير على الآخرين.
عالم العلاقات والتسويق في الدورات
أكثر ما يجذب في هذه الدورات هو العلاقات الاجتماعية الواسعة التي تتيحها. تتعرف على أشخاص جدد، وتصبح جزءاً من مجتمع نشط على وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة تيليغرام. سرعان ما وجدت نفسي محاطة بصديقات ومدربات يستقطبنني إلى المزيد من الدورات، وكل واحدة تروج لدورة جديدة تحت عناوين براقة مثل "سحر البزنس" أو "أسرار النجاح".
بدأت ألاحظ أن الكثير من الشهادات مزيفة، وأن الهدف الأساسي هو جلب المزيد من المشتركين وزيادة الأرباح، حتى لو كان ذلك على حساب القيم والمبادئ.
التأثير النفسي والاجتماعي السلبي
مع الوقت، لاحظت تغيراً كبيراً في شخصيتي. بدأت أفقد تعاطفي مع عائلتي وأطفالي، وأصبحت أنانية وأبحث فقط عن "تحقيق ذاتي" حتى لو كان ذلك يعني تدمير علاقاتي الأسرية. الكثير من المدربات والمتدربات تعرضن لمشاكل عائلية وصلت إلى الطلاق.
تروج هذه الدورات لفكرة أن الإنسان "يخلق حياته" بنفسه، وأنه يستطيع أن يكون كل شيء، حتى يصل الأمر إلى استخدام آيات قرآنية في غير محلها لتبرير أفكارهم. هذا المزج بين الدين والفلسفة الغربية الحديثة خطير جداً، ويؤدي إلى تشويش العقيدة.
الانزلاق نحو الغنوصية والشعوذة
لم يتوقف الأمر عند التنمية الذاتية والطاقة، بل وجدت نفسي مدعوة لدورات سرية في الغنوصية والباطنية، حيث يتم الترويج لأفكار خطيرة مثل "الهندسة المقدسة" والتواصل مع الأرواح والجن، بل وحتى ممارسة طقوس سحرية.
في هذه الدورات، يتم اختبار درجة إيمانك، وكلما تخلّيت عن معتقداتك الدينية، ارتقيت في "الدرجات العليا" لديهم. يروجون لفكرة أن الإنسان يمكن أن يصبح "إلهاً" أو "خالقاً" لحياته، وأن لكل شخص "إله أب" و"إله أم" خاص به، يُستدعى عبر طقوس وكلمات غامضة.
خداع التسويق واستغلال الضعف
تعتمد هذه الدورات على التسويق الذكي، باستعمال كلمات مثل "السر"، "الأسرار"، "التقنيات الخارقة"، ويستغلون رغبة الناس في النجاح والتميز. يتم إقناعك بأنك لست "مستحقاً" للنجاح إلا إذا دفعت المزيد من المال وحضرت دورات أكثر تقدماً.
الكثير من المدربات يستخدمن طرقاً ملفتة للانتباه لجذب المتدربات، مثل خلع الحجاب أو السفر للخارج وعرض حياة الرفاهية على مواقع التواصل، لإيهام الآخرين بأن النجاح مرتبط بتقنياتهم.
الصراع الداخلي والعودة إلى الله
رغم كل ما مررت به، كان هناك صوت داخلي يذكرني بالله، وكنت أدعو دائماً: "يا الله ردني إليك رداً جميلاً". شعرت أنني أنجرف في موجة قوية، لكنني لم أستطع التخلي عن إيماني تماماً.
في النهاية، أدركت أن كل ما مررت به كان اختباراً، وأن هذه الدورات ليست سوى تجارة تستغل حاجات الناس وضعفهم، بل وتدمر القيم والعلاقات. قررت التوبة والابتعاد عن هذا الطريق، وأعلنت ذلك أمام نفسي وأمام الله.
نصيحتي لكل باحث عن التغيير
- احذروا الدورات التي تروج لأفكار مخالفة للدين أو تمزج بين الدين والفلسفة الغربية بشكل مشبوه.
- لا تنخدعوا بالعناوين البراقة والشهادات المزيفة.
- النجاح الحقيقي يبدأ من الالتزام بالقيم والمبادئ، وليس من تقنيات غامضة أو طقوس مشبوهة.
- استشيروا أهل العلم والدين قبل الدخول في أي مجال جديد.
- لا تجعلوا رغبتكم في التغيير تدفعكم للانجراف وراء أفكار تهدم عقيدتكم وعلاقاتكم.
خاتمة
التنمية البشرية وتطوير الذات يمكن أن تكون مفيدة إذا كانت مبنية على أسس علمية وأخلاقية سليمة، لكن الحذر كل الحذر من الدورات التي تستغل حاجات الناس وتروج لأفكار خطيرة. تجربتي كانت مؤلمة، لكنني أحمد الله أنني عدت إلى الطريق الصحيح، وأتمنى أن يكون في قصتي عبرة لكل من يفكر في دخول هذا العالم.
"إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب، فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليماً حكيماً."