تجربة مؤلمة: من حفظ القرآن إلى ممارسات الطاقة – قصة واقعية ودروس مستفادة

في السنوات الأخيرة، انتشرت بشكل ملحوظ مفاهيم مثل "علم الطاقة" و"قوة الجذب" ودورات تطوير الذات في المجتمعات العربية. ورغم أن بعضها يحمل أفكارًا إيجابية لتحفيز الإنسان، إلا أن هناك جانبًا مظلمًا لهذه الممارسات قد يؤثر على العقيدة والسلوك الاجتماعي والديني للأفراد. في هذا المقال، نستعرض قصة واقعية مؤثرة لأسرة كانت نموذجًا في الالتزام الديني وحفظ القرآن، ثم انزلقت تدريجيًا إلى عالم الطاقة وقوة الجذب، لنستخلص منها العبر والدروس.

بداية القصة: الفضول والتجربة الأولى

تبدأ القصة من باب الفضول، حيث دخلت إحدى الأمهات – وهي امرأة عُرفت بتدينها الشديد وحفظها للقرآن الكريم، بل وكانت تفتخر بلباسها الشرعي الصارم – إلى عالم الطاقة عبر دورات تطوير الذات. لم تكن تعلم في البداية مدى خطورة هذا الطريق، بل اعتبرته علمًا جديدًا قد يساعدها وأسرتها على التطور وتحسين حياتهم.

مع مرور الوقت، بدأت الأم تتعمق في هذه الدورات، وأصبحت مسوقة ومدربة معروفة في هذا المجال، حتى أنها عملت مع شخصيات بارزة في عالم الطاقة وتطوير الذات في المنطقة العربية. لم تكتفِ بذلك، بل أدخلت بناتها الثلاث – وهن أيضًا حافظات للقرآن – إلى هذا العالم.

من التدين إلى الانحراف التدريجي

كانت الأسرة مثالاً للالتزام الديني؛ فالبنات التحقن بروضة ومدرسة قرآنية، وحفظن كتاب الله منذ الصغر، وارتدين الحجاب الشرعي الكامل. لكن مع الانغماس في عالم الطاقة، بدأت التغيرات تظهر تدريجيًا:

• تغير في المظهر والسلوك:الأم كشفت وجهها وبدأت تظهر في وسائل التواصل الاجتماعي بلا حجاب، والبنات أيضًا تخلين عن التزامهن وصرن أكثر تحررًا.
• تغير في القيم:تحولت الصلاة والعبادات من كونها علاقة روحية مع الله إلى وسائل لجلب "الطاقة الإيجابية"، وبدأت مفاهيم مثل "قوة الجذب" و"الطاقة الكونية" تحل محل التوكل على الله والثقة به.
• الانخراط في الدورات:الأم لم تكتفِ بممارسة علم الطاقة، بل أصبحت تدعو إليه وتروج له بين المعلمات والمدرسات، مستغلة مكانتها الدينية لجذب المزيد من المتدربات.

خداع علم الطاقة وقوة الجذب

من أبرز الممارسات التي انتشرت في هذه الدورات:

• الاعتقاد بتغيير القدر:حيث يُقال للمتدرب أن بإمكانه تغيير مستقبله وجذب ما يريد فقط بقوة الإرادة والطاقة، متجاهلين حقيقة أن القدر بيد الله وحده.
• ربط العبادات بالطاقة:كأن يُقال إن السجود يمنحك طاقة إيجابية من الأرض، أو أن الطواف حول الكعبة يمنحك طاقة خاصة من جهة معينة.
• ممارسات غريبة:مثل الوقوف في منتصف محل تجاري وترديد عبارات لجذب المال، أو الخروج في أوقات محددة لنشر "طاقة السلام" في الشوارع.

كل هذه الممارسات، كما يروي صاحب القصة، لم تحقق أي نتائج حقيقية، بل أدت إلى تشتت الأسرة وضياع القيم الأساسية.

الدروس المستفادة والتحذيرات

1.احذروا العلم الذي يهز العقيدة

علم الطاقة وقوة الجذب قد يبدو بريئًا في ظاهره، لكنه يحمل في طياته أفكارًا تتعارض مع العقيدة الإسلامية، مثل الاستعانة بغير الله أو الاعتقاد بأن الإنسان يمكنه التحكم في القدر.

2.لا تغتروا بالمظاهر الدينية

قد يكون الإنسان ملتزمًا ظاهريًا، لكن الانحراف يبدأ من الداخل حين يضعف اليقين بالله، ويبحث عن حلول سريعة خارج إطار الدين.

3.العلم الحقيقي هو علم القرآن والدين

كل ما يحتاجه الإنسان من طمأنينة وسعادة وقوة نفسية يجده في القرآن الكريم والسنة النبوية، وليس في علوم مستوردة أو أفكار دخيلة.

4.احذروا استغلال الدين في التسويق

بعض المدربين يستغلون معرفتهم الدينية لتمرير أفكار الطاقة والجذب، فيخلطون بين الآيات القرآنية والمفاهيم الهندوسية أو البوذية مثل "الكارما"، فينخدع الناس ويظنون أن هذا العلم جزء من دينهم.

5.البعد عن الله سبب رئيسي للمشاكل النفسية

التجربة الشخصية لصاحب القصة تؤكد أن معظم حالات الاكتئاب والضياع النفسي تعود إلى ضعف العلاقة مع الله، وليس إلى نقص في الطاقة أو قلة الجذب.

نصيحة ختامية

إذا كنت أو أحد أفراد أسرتك قد انجرف إلى عالم الطاقة وقوة الجذب، فاعلم أن العودة إلى الله هي الطريق الوحيد للراحة والطمأنينة. لا تغتر بالمصطلحات الجديدة أو الدورات البراقة، فالعلم الحقيقي هو ما يقربك من الله ويزيدك يقينًا به.

"إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب، فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليمًا حكيمًا."(سورة النساء: 17)

نسأل الله أن يثبت قلوبنا على دينه، وأن يلطف بنا وبالمسلمين جميعًا، وأن يحفظ أبناءنا وبناتنا من كل فتنة.

شاركوا القصة مع من تحبون، فقد تكون سببًا في إنقاذ أسرة من الضياع.