تجربة مع قراءة الخرائط الفلكية: رحلة من التعلق إلى التوبة

في عصر تنتشر فيه المعلومات بسرعة عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، أصبح الاهتمام بالأبراج والخرائط الفلكية ظاهرة شائعة بين كثير من الناس، خاصة بين الشباب. في هذا المقال، نعرض تجربة شخصية مؤثرة لسيدة كانت تمارس قراءة الخرائط الفلكية لسنوات طويلة، قبل أن تكتشف حقيقتها وتتوب عنها. تهدف هذه القصة إلى توعية القراء حول مخاطر التعلق بمثل هذه الممارسات، وتوضيح الرؤية الدينية والعقلية تجاهها.

بداية القصة: الفضول يتحول إلى عادة

تروي السيدة قمر أنها بدأت بالاهتمام بالأبراج منذ أن كانت في المرحلة المتوسطة. كان الفضول يدفعها لمعرفة شخصيات الناس من حولها من خلال تواريخ ميلادهم وأبراجهم. ومع مرور الوقت، بدأت تتعمق أكثر في قراءة الخرائط الفلكية، حتى وصلت إلى دراسة الفلك الهندي المعروف باسم "فيدك أسترولوجي".

تقول قمر:

"كنت أبحث عن الخريطة الفلكية لأي شخص أتعرف عليه، حتى الأطفال حديثي الولادة في العائلة. كان عندي نوع من الرهاب الاجتماعي، وكنت أظن أن معرفة شخصية الآخرين من خلال أبراجهم ستسهل علي التعامل معهم."

التعمق في الفلك الهندي: بداية الشكوك

مع التعمق في الفلك الهندي، بدأت قمر تلاحظ ارتباط هذه الممارسات بمعتقدات دينية غريبة في بعض الثقافات، إذ يُنظر إلى بعض الأبراج والكواكب كأنها آلهة تُعبد. هذا الارتباط جعلها تشعر بالريبة، وبدأت تدرك أن هناك جانبًا مظلمًا في هذه الممارسات.

تقول:

"اكتشفت أن التنجيم عندهم مرتبط بالدين، وأن هناك طقوسًا وتعظيمًا للكواكب. بدأت أشعر بالخوف وأدركت أن الأمر ليس مجرد تسلية."

الأثر النفسي والاجتماعي

استمرت قمر في قراءة الخرائط الفلكية لمدة 12 سنة، حتى أصبحت هذه الممارسة جزءًا من حياتها اليومية. كانت تشعر أحيانًا بالذنب وتتساءل: هل أضرت بنفسها أو بالآخرين من خلال هذه القراءات؟

توضح قمر:

"كنت أقرأ الخرائط بيني وبين نفسي، ولم أكن أمارسها كمهنة أو أطلب المال مقابلها. لكني كنت أستدرج الناس لمعرفة تواريخ ميلادهم وساعات ولادتهم دون أن يشعروا، فقط لأشبع فضولي."

لحظة التوبة: معرفة الحقيقة

تقول قمر إن نقطة التحول جاءت عندما شاهدت بثًا مباشرًا على تيك توك، حيث تحدثت إحدى السيدات بصراحة عن ارتباط هذه الممارسات بالشياطين واستحضار الأرواح. عندها بدأت تدرك أن ما كانت تفعله ليس مجرد تسلية، بل يدخل في باب الاستعانة بغير الله.

تضيف:

"بعدما عرفت الحقيقة، شعرت بالخوف الشديد وتبت إلى الله. أدركت أنني دخلت في أمور محرمة، وأن الاعتماد على الأبراج لمعرفة المستقبل أو الصفات هو نوع من الشرك."

هل تضرر الآخرون؟

سألت قمر عن مدى الضرر الذي قد تكون سببته للآخرين، خاصة الأطفال الذين قرأت لهم خرائطهم الفلكية. كان الجواب مطمئنًا من أحد المحاورين:

"كل من قرأتِ لهم الخرائط ولم يكونوا على علم بذلك، فهم في خير وعافية بإذن الله. لا تحملين همهم، فهذه الأمور لا تضرهم، وكلها خرافات وكلام فارغ."

الرؤية الدينية: ضعف الشياطين وخطورة التنجيم

أكد أحد المتحدثين في الحوار أن الشياطين ضعيفة، ولا تملك القدرة التي يصورها البعض في الأفلام أو القصص الخيالية. كما أشار إلى أن التنجيم والاستعانة بالشياطين لا يمكن أن تكشف الغيب أبدًا، فالغيب لا يعلمه إلا الله.

يقول:

"كيد الشيطان ضعيف، والنبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن الشياطين لا تستطيع فتح باب مغلق ذُكر عليه اسم الله. كل هذه الممارسات لا تضر إلا أصحاب القلوب الخربة البعيدة عن الله."

الدروس المستفادة

• قراءة الخرائط الفلكية والأبراج لا تكشف الغيب: كل ما يُقال عن المستقبل أو الصفات الشخصية بناءً على الأبراج هو مجرد تخمينات لا أساس لها من الصحة.
• خطر التعلق بالتنجيم: الانشغال بهذه الأمور قد يؤدي إلى الانحراف عن العقيدة الصحيحة، والدخول في باب الشرك دون شعور.
• أهمية التوعية: كثير من الناس يقعون في هذه الممارسات بدافع الجهل أو حب الفضول، لذا من المهم نشر الوعي والتحذير منها.
• التوبة ممكنة: مهما تعمق الإنسان في هذه الأمور، فباب التوبة مفتوح، والله يغفر الذنوب جميعًا إذا صدقت النية.

كلمة أخيرة

تجربة قمر مثال حي على كيف يمكن للفضول أن يقود الإنسان إلى ممارسات خطيرة دون أن يشعر. لكنها أيضًا رسالة أمل بأن العودة إلى الطريق الصحيح ممكنة، وأن العلم والتوعية هما السلاح الأقوى لمحاربة الخرافات والمعتقدات الباطلة.

فلنحرص جميعًا على تحصين أنفسنا بالعلم الصحيح، والابتعاد عن كل ما يخالف العقيدة، ولنكن مصدر نور وهداية لمن حولنا.