تجربة شخصية مع تقنيات الطاقة والتنمية البشرية: رحلة من الانبهار إلى التوبة
في السنوات الأخيرة، انتشرت تقنيات العلاج بالطاقة والتنمية البشرية بشكل كبير في العالم العربي، مثل الريكي، البرانا، والثيتا هيلينج. كثيرون انجذبوا لهذه
في السنوات الأخيرة، انتشرت تقنيات العلاج بالطاقة والتنمية البشرية بشكل كبير في العالم العربي، مثل الريكي، البرانا، والثيتا هيلينج. كثيرون انجذبوا لهذه التقنيات بحثًا عن الراحة النفسية أو حل المشكلات الروحية والصحية، وغالبًا ما تم تقديمها على أنها وسائل روحية آمنة أو حتى متوافقة مع الدين الإسلامي. في هذا المقال، أشارككم تجربتي الشخصية مع هذه التقنيات، وكيف انتقلت من الانبهار بها إلى التوبة والتحذير منها.
البداية: بحث عن الذات وتطوير النفس
بدأت رحلتي عام 2009، عندما سمعت لأول مرة عن الطاقة، الشاكرات، وقانون الجذب. كغيري من الفتيات، انجذبت لفكرة أن بإمكاني جذب الشريك المثالي أو تحقيق الأهداف من خلال أفكار بسيطة. مع مرور الوقت، بدأت أقرأ كتب التنمية البشرية، واشتريت كتابًا عن العقل الباطن من مكتبة جرير. أثناء قراءتي لفصل عن الاستبصار، لاحظت وجود رموز هندسية غريبة شعرت تجاهها بعدم الارتياح، حتى أنني تخلصت من الكتاب بعد رؤيا مزعجة رأيتها في المنام.
تجربة الريكي والثيتا هيلينج
مع مرور السنوات، قررت تجربة بعض التقنيات مثل الريكي. في البداية بدت لطيفة، لكنني لاحظت وجود أمور غير واضحة أو حتى قريبة من الشعوذة، فابتعدت عنها. لاحقًا، تعرفت على الثيتا هيلينج من خلال إحدى الصديقات التي شجعتني على حضور جلسة. لم أكن مرتاحة لفكرة تجربة شيء لا أعرف عنه الكثير، لكن فضولي دفعني للبحث والقراءة أكثر عن هذه التقنية.
عندما قرأت كتاب الثيتا هيلينج، شعرت في البداية أن هناك تقاربًا بين ما يُطرح فيه وبين تعاليم الدين الإسلامي، وهو ما يُشكل فخًا كبيرًا لكثير من الناس. بدأت أحضر الدورات، ووصلت إلى مراحل متقدمة، بل ودرست عند صاحبة التقنية نفسها. لاحظت أن الدورات مكلفة جدًا، وأن هناك تركيزًا على الجانب المالي بشكل مبالغ فيه.
ملاحظات وتحذيرات هامة من الداخل
مع مرور الوقت، بدأت ألاحظ تناقضات كبيرة بين ما يُقال عن التسامح والحب والسلام، وبين ما يحدث فعليًا بين المدربين والممارسين. كان هناك تنافس وغيرة ومشاكل شخصية، حتى بين المعلمين أنفسهم. كما لاحظت أن هناك محاولات دائمة لربط التقنية بالدين الإسلامي، وتقديمها على أنها وسيلة للتقرب من الله، وهو أمر خطير جدًا.
من الأمور التي لفتت انتباهي أيضًا، أن بعض العبارات المستخدمة في جلسات الثيتا هيلينج كانت تحمل صيغة الأمر لله عز وجل، خاصة في النسخة الإنجليزية، وهو ما شعرت تجاهه بعدم ارتياح شديد.
أحداث مفصلية وتجارب مؤلمة
في العام الماضي، تعرضت أنا وبعض أفراد عائلتي لمشكلات روحية شديدة استدعت حضور شيخ لقراءة القرآن علينا. استمرت هذه الحالة لثلاثة أسابيع، وشعرنا خلالها بتعب شديد وأعراض غريبة. رغم أنني حاولت علاج نفسي بتقنيات الثيتا، لم أجد أي نتيجة، بينما تحسنت حالتي بفضل القرآن الكريم.
كما لاحظت أن بعض المفاهيم المرتبطة بالشاكرات، مثل "الشاكرا المقدسة"، يتم ربطها بضرورة وجود شريك أو القيام بسلوكيات غير مقبولة دينيًا أو اجتماعيًا، بحجة تحقيق التوازن الطاقي.
آثار سلبية وتجارب شخصية
من الآثار السلبية التي عانيت منها بعد ترك هذه التقنيات: زيادة غير مبررة في الوزن، مشاكل صحية جديدة، وأعراض نفسية مزعجة. كما عرفت عن حالات تعرض فيها بعض الممارسين لحوادث تحرشات روحية أو مشاكل مع الجن، خاصة بعد جلسات معينة.
أكثر ما كان يؤلمني هو شعوري بالذنب تجاه الأشخاص الذين وثقوا بي كممارسة ومعلمة لهذه التقنيات، وأخذوا جلسات بمقابل مادي أو معنوي. كنت أروج لهذه التقنيات بنية صافية، معتقدة أنني أساعدهم وأقربهم من الله، لكنني أدركت لاحقًا حجم الخطأ الذي وقعت فيه.
التوبة والعودة إلى الطريق الصحيح
بعد استخارة الله عز وجل، ورؤية واضحة في المنام، قررت التوقف نهائيًا عن ممارسة وتعليم هذه التقنيات. تواصلت مع صديقة لي كانت قد تركت المجال، وبدأت أتعرف على الحقائق الخفية حول أصول هذه التقنيات، وعلاقتها بمفاهيم دخيلة أو حتى سحرية من أديان وثقافات أخرى.
أعلنت توبتي على حساباتي في وسائل التواصل الاجتماعي، وبدأت أحذر الناس من خطورة هذه الممارسات، خاصة ممن يحاولون "أسلمة" هذه التقنيات أو ربطها بالدين الإسلامي. أدركت أن كل ما نحتاجه من راحة نفسية وشفاء روحي متوفر في ديننا الحنيف، وأن باب الله مفتوح دائمًا لمن يلجأ إليه بصدق.
رسائل هامة لكل باحث عن الشفاء
- احذروا من ربط تقنيات الطاقة بالدين: مهما حاول البعض إضفاء طابع ديني على هذه التقنيات، فإنها في أصلها مستمدة من ثقافات ومعتقدات غير إسلامية، وقد تحمل مفاهيم شركية أو سحرية.
- القرآن والذكر هما العلاج الحقيقي: التجربة أثبتت لي أن الشفاء الحقيقي والراحة النفسية تأتي من القرآن الكريم، والصلاة، والدعاء الصادق، وليس من جلسات الطاقة أو التاملات الغامضة.
- لا تنخدعوا بالنتائج المؤقتة: بعض الأشخاص قد يلاحظون تحسنًا مؤقتًا بعد جلسات الطاقة، لكن هذا قد يكون نوعًا من الاستدراج أو الفتنة، وليس شفاءً حقيقيًا.
- لا تتردد في التوبة والعودة إلى الله: مهما كان عمق تجربتك مع هذه التقنيات، فباب التوبة مفتوح دائمًا، والله سبحانه وتعالى يحب عباده ويغفر لهم إذا رجعوا إليه بصدق.
كلمة أخيرة
أدعو كل من يمارس أو يفكر في تجربة تقنيات الطاقة والتنمية البشرية أن يتوقف لحظة ويفكر جيدًا في مصدر هذه الممارسات، وما إذا كانت حقًا تتوافق مع عقيدتنا وديننا. لا تبحثوا عن الشفاء أو الراحة إلا عند الله، فهو القريب المجيب، وكل ما نحتاجه من طمأنينة وسكينة موجود في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
وأخيرًا، أشكر كل من وقف بجانبي في رحلة العودة، وأخص بالذكر العلماء والمشايخ وحسابات التوعية التي كان لها دور كبير في كشف الحقائق وتوجيه الناس للطريق الصحيح. أسأل الله لي ولكم الثبات والهداية.
إذا كنت قد مررت بتجربة مشابهة أو لديك تساؤلات حول تقنيات الطاقة والتنمية البشرية، لا تتردد في مشاركة قصتك أو التواصل مع المختصين الموثوقين في مجال الشريعة والدين.
https://www.youtube.com/watch?v=wXrXrbPj9iA