تجربة تائبة من تقنيات الطاقة: من الثيتا هيلينغ إلى نور الهداية
في عالم اليوم، تنتشر العديد من تقنيات التنمية البشرية و"العلاج بالطاقة" مثل الريكي، البرانا، والثيتا هيلينغ، وتجد لها رواجًا واسعًا بين الباحثين عن ال
في عالم اليوم، تنتشر العديد من تقنيات التنمية البشرية و"العلاج بالطاقة" مثل الريكي، البرانا، والثيتا هيلينغ، وتجد لها رواجًا واسعًا بين الباحثين عن الراحة النفسية والتغيير الإيجابي. لكن خلف هذا البريق، هناك تجارب واقعية تحمل في طياتها الكثير من الدروس والعبر، خاصة عندما تتعارض هذه التقنيات مع العقيدة الإسلامية وتؤدي إلى الانحراف عن الطريق الصحيح.
في هذا المقال، ننقل لكم تجربة أخت فاضلة كانت من أبرز مدربات الثيتا هيلينغ في الكويت، وكيف منّ الله عليها بالهداية والتوبة بعد سنوات من الانغماس في هذه التقنيات. تهدف هذه القصة إلى التوعية والتحذير من مخاطر الانخداع بالمظاهر البراقة لعلوم الطاقة، وتوضيح كيف يمكن للفضول أو الفراغ الروحي أو حتى الرغبة في التقرب من الله أن تقود الإنسان إلى طرق غير مأمونة العواقب.
بداية القصة: بحث عن الذات وفضول معرفي
تروي الأخت "وهج" أنها بدأت رحلتها مع التنمية البشرية عام 2009، بعد أن سمعت عن مفاهيم الطاقة، الشاكرات، وقانون الجذب. وكالكثير من الفتيات، انجذبت لفكرة "جذب الشريك" وتحقيق الأمنيات عبر هذه القوانين. ومع مرور الوقت، قررت أن تتعلم إحدى تقنيات الطاقة بنفسها، فقرأت عن الريكي والبرانا، لكنها شعرت بعدم الارتياح تجاه بعض ممارساتها، واعتبرتها أقرب للسحر.
ذات يوم، اشترت كتابًا عن "العقل الباطن" من مكتبة شهيرة، لتفاجأ بفصل عن الاستبصار مليء بالرموز الهندسية الغريبة، مما أثار في نفسها الريبة والخوف. وفي تلك الليلة، رأت رؤيا مخيفة جعلتها تتخلص من الكتاب فورًا. مرت السنوات، واستمر الفضول لديها حول كيفية التحرر من المعتقدات المعيقة، حتى سمعت عن تقنية الثيتا هيلينغ من إحدى الصديقات.
الدخول في عالم الثيتا هيلينغ
تصف وهج كيف بدأت بدراسة الثيتا هيلينغ عام 2016، وحضرت دورات متقدمة، حتى درست عند صاحبة التقنية نفسها. لاحظت أن الكثير من الممارسين يروجون لفكرة أن هذه التقنية قريبة من تعاليم الإسلام، بل ويزعمون أنها وسيلة للتقرب إلى الله.
لكن مع تعمقها في الدورات، بدأت تلاحظ تناقضات واضحة؛ فبينما يُفترض أن تكون التقنية روحانية وتدعو للتسامح والحب، كان هناك الكثير من التنافس والغيرة بين المدربين، بل وحتى مشاكل أخلاقية وسلوكية. كما لاحظت أن بعض الممارسات تتضمن أوامر موجهة إلى "الخالق"، وهو أمر ينافي الأدب مع الله عز وجل.
الشبهات العقدية وخطورة "أسلمة" الطاقة
أحد أخطر ما لاحظته وهج هو محاولة "أسلمة" تقنيات الطاقة، أي ربطها بالدين الإسلامي لجذب المسلمين. فمثلاً، يُقال للمتدرب أنه يستطيع التواصل مع الخالق أو الملائكة أو حتى الأنبياء، وأنه يمكنه أن يأمر النور الإلهي بالشفاء أو تحقيق الأمنيات. هذا الأمر، كما أوضح المشاركون في الحوار، هو نوع من الشرك الخفي، إذ يجعل الإنسان نفسه ندًا لله عز وجل دون وعي.
كما أن بعض الكتب المنتشرة في المكتبات، والتي تبدو للوهلة الأولى كتب تنمية بشرية بريئة، تحتوي على تعاويذ ورموز غامضة وممارسات مستوردة من أديان وفلسفات وثنية كالهندوسية والبوذية والغنوصية.
التجربة الشخصية مع الرقية والعودة إلى الله
تروي وهج أنه في عام 2023، وبعد سنوات من الاقتناع بتقنية الثيتا هيلينغ، حدث أمر غريب في منزلها استدعى حضور شيخ لقراءة الرقية الشرعية. أثناء الرقية، ظهرت أعراض غير طبيعية على بعض أفراد الأسرة، خاصة من كانوا يمارسون الثيتا هيلينغ. استمرت هذه الحالة لأسابيع، حتى بدأت وهج تدرك أن الشفاء الحقيقي كان بالقرآن الكريم، وليس بتقنيات الطاقة.
هذا الحدث كان نقطة تحول في حياتها، إذ بدأت تطرح التساؤلات: كيف يمكن أن يكون القرآن في مرتبة أدنى من تقنيات الطاقة كما يزعم بعض المدربين؟ كيف يُعقل أن يكون التواصل مع الله والملائكة بهذه السهولة المزعومة؟!
الآثار السلبية والنتائج المؤلمة
بعد تركها لتقنية الثيتا هيلينغ، بدأت وهج تعاني من مشاكل صحية ونفسية، مثل زيادة الوزن، مشاكل في الغدة الدرقية، واكتئاب شديد. كما شعرت بتأنيب ضمير شديد لأنها كانت تدل الناس على هذه التقنية وتدربهم عليها، معتقدة أنها تساعدهم، بينما هي في الحقيقة كانت تبتعد عن الطريق الصحيح.
وتحذر وهج من أن بعض المدربين يروجون لممارسات لا أخلاقية تحت غطاء "تحرير الشاكرات" أو "تحقيق التوازن الطاقي"، بل ويبررون الكبائر بأن "الخالق يحبك حبًا غير مشروط ولن يحاسبك". كما أن هناك من يشكك في أهمية الصلاة والحجاب، ويعتبرها أمورًا ثانوية!
دور الأسرة والدعم في العودة للطريق الصحيح
تشير وهج إلى أن دعم خطيبها وصديقتها المقربة كان له دور كبير في عودتها للطريق الصحيح، بعد أن استخارت الله عز وجل ورأت رؤيا كانت بمثابة إشارة لترك هذه التقنيات. كما لاحظت أن كثيرًا من المحيطين بها فرحوا بتوبتها وعودتها، خاصة والدتها.
وتؤكد أن كل ما يحتاجه الإنسان من راحة نفسية وشفاء روحي موجود في الدين الإسلامي، وأن باب الله مفتوح دائمًا للتائبين، وأن مجرد دعوة صادقة من القلب قد تغني عن كل أطباء الدنيا ومعالجي الطاقة.
نصائح وعبر من التجربة
- احذروا من الانبهار بالظواهر البراقة: ليس كل ما يلمع ذهبًا، وكثير من التقنيات الجديدة تحمل في طياتها أفكارًا دخيلة على العقيدة.
- لا تملأ فراغك الروحي إلا بالعلم الشرعي: الفراغ الديني أو نقص المعرفة بالدين يجعل الإنسان عرضة للانخداع بأي فكرة جديدة.
- تأكد من مصادر معرفتك: بعض كتب التنمية البشرية أو الطاقة قد تحتوي على أفكار شركية أو تعاويذ خفية، حتى وإن بدت بريئة.
- لا تجعل نفسك ندًا لله عز وجل: لا يجوز للإنسان أن يدعي القدرة على التواصل مع الله أو الملائكة أو أن يأمرهم، فهذا من الشرك.
- الدعم الأسري مهم: وجود شخص قريب يدعمك وينصحك بصدق قد يكون سببًا في نجاتك من طريق خاطئ.
- التوبة والرجوع إلى الله: مهما ابتعد الإنسان أو أخطأ، فباب التوبة مفتوح، والله سبحانه وتعالى يحب التوابين ويقبلهم.
كلمة أخيرة
تجربة الأخت وهج ليست حالة فردية، بل هي مثال للكثيرين ممن انجرفوا وراء تقنيات الطاقة والتنمية البشرية دون وعي بخطورتها العقدية والنفسية. إن العودة إلى كتاب الله وسنة نبيه، وطلب العلم الشرعي، هي الضمان الحقيقي للسلامة النفسية والروحية.
وأخيرًا، دعوة صادقة لكل من يبحث عن السكينة أو التغيير: قبل أن تلجأ لأي معالج أو مدرب، اطرق باب الله أولًا، فهو القريب المجيب، وكل ما تحتاجه من شفاء وسعادة موجود في دينك.
نسأل الله لنا ولكم الثبات والهداية، وأن يجنبنا وإياكم الفتن ما ظهر منها وما بطن.
https://www.youtube.com/watch?v=dIDgBAJqmMg