اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك

تجربة واقعية: كيف أدت ممارسات "علم الطاقة" إلى تفكك أسرتي؟

في السنوات الأخيرة، انتشرت في العالم العربي موجة من الدورات والممارسات المرتبطة بما يسمى "علم الطاقة" وتطوير الذات، والتي تقدم للناس وعودًا براقة بالو

س
سحر اليوقا و الطاقة
مايو 12, 2025
6 دقائق

في السنوات الأخيرة، انتشرت في العالم العربي موجة من الدورات والممارسات المرتبطة بما يسمى "علم الطاقة" وتطوير الذات، والتي تقدم للناس وعودًا براقة بالوعي الروحي، وجذب الوفرة، وتحقيق السعادة المطلقة. لكن خلف هذه الشعارات الجذابة، هناك قصص واقعية مؤلمة لعائلات وأفراد دفعوا ثمنًا باهظًا، ماديًا ومعنويًا، جراء الانخراط في هذه الممارسات. في هذا المقال، أسرد لكم تجربتي الشخصية مع زوجتي، وكيف أثرت هذه الأفكار على حياتنا الزوجية والعائلية.

بداية القصة: الفضول الذي تحول إلى قناعة

عندما تزوجت زوجتي، لم أكن أعرف شيئًا عن "علم الطاقة" أو مصطلحات مثل الشاكرات، الريكي، قانون الجذب، أو التوأم الروحي. كنت أظن أن هذه المفاهيم لا تتعدى كونها جزءًا من أفلام الكرتون أو ثقافات بعيدة عن ديننا الإسلامي. لكن مع مرور الوقت، بدأت ألاحظ تغيرًا في حديث زوجتي وسلوكها، وظهور مفردات جديدة على لسانها مثل "حب الذات"، "الوعي"، "الصلاة القلبية"، و"توأم الشعلة".

في البداية، لم أكن أستوعب أبعاد هذه المصطلحات، خاصة وأنها كانت تطرحها أثناء النقاشات الدينية، مع تشكيك واضح في السنة النبوية واعتبارها مجرد "موروث الأجداد". لاحقًا، اكتشفت أنها تتابع باستمرار دورات لمدربين معروفين في هذا المجال، مثل أحمد عمارة وفارس القبيطري، وتدفع مبالغ طائلة لحضور كورساتهم، حتى أنها باعت جزءًا من ذهبها لتمويل هذه الدورات.

مناقشات دينية... وتبدل في القناعات

أصبحت زوجتي ترى أن المصدر الوحيد للتشريع هو القرآن فقط، وتنكر السنة النبوية وما ورد فيها من تفاصيل حول الصلاة، الحجاب، وغيرها من الأحكام. كانت تصر على أن الحجاب لم يُذكر في القرآن، وأن الصلاة القلبية تغني عن الصلوات الخمس، وأنها على اتصال مباشر مع الله دون الحاجة للوسائط أو الالتزام بالتشريعات المعروفة.

حاولت مرارًا أن أشرح لها أهمية السنة النبوية، وكيف أن العلماء اجتهدوا في تصحيح الأحاديث وتنقيحها، وأن رفضها للسنة سيقودها تدريجيًا إلى نفي القرآن نفسه، خاصة مع قناعتها بأنها "متصلة بالله" بشكل مباشر وأنها لا تحتاج لأي مصدر آخر.

تأثير الدورات والممارسات على الحياة الأسرية

مع الوقت، لاحظت أن تركيز زوجتي أصبح منصبًا على "حب الذات" والمتعة الشخصية والبحث عن الرفاهية، حتى على حساب استقرار الأسرة. بدأت تردد عبارات مثل "الحياة ليست فقط أكل وشرب"، و"يجب أن أعيش المتعة"، وأصبحت ترفض أي انتقاد أو نقاش حول أولوياتها الجديدة.

دخلت في ممارسات مثل اليوغا، التأمل، جلسات الطاقة، واتبعت طقوسًا غريبة مثل "استقبال الوفرة الكونية" في أوقات معينة من السنة. كل ذلك كان بتوجيه من المدربين الذين تتابعهم، والذين يروجون لفكرة أن الإنسان قادر على جذب كل ما يريد من الكون بمجرد التفكير الإيجابي أو كتابة الأماني على ورقة!

الانفصال عن الواقع... وتدمير العلاقات الأسرية

تدريجيًا، أصبحت زوجتي ترى نفسها في "بعد روحي" أعلى من الجميع، وتعتبر من حولها "غير واعين" أو "محجوبين عن الحقيقة". بدأت تنشر هذه الأفكار لابنتها من زواجها السابق، وترفض عرضها على طبيب نفسي رغم ظهور أعراض نفسية واضحة عليها.

وصل الأمر إلى أن طلبت الطلاق دون سبب منطقي، مبررة ذلك بأنها لم تجد السعادة معي، وأنها ربما لم تلتقِ بعد "توأم الشعلة" الحقيقي. لم يعد هناك مجال للحوار أو التفاهم، بل أصبح كل شيء يدور حول الذات والمتعة الشخصية والانفصال عن الأسرة والمجتمع.

الجانب المادي: استنزاف بلا حدود

لم تقتصر الخسائر على الجانب المعنوي فقط، بل امتدت إلى الجانب المادي. فقد كانت زوجتي تدفع مبالغ كبيرة لحضور الدورات وشراء الكورسات، حتى على حساب احتياجات البيت. وكلما حاولت مناقشتها في الأمر، اتهمتني بعدم الوعي أو بأنني "ذكوري" أو "نرجسي" لأنني لا أشاركها نفس القناعات.

أثر هذه الممارسات على الأبناء

الأخطر من ذلك، أن هذه الأفكار بدأت تنتقل إلى الأبناء. ابنتي في الصف الثامن اشترت من مدرستها كتاب "The Secret" الذي يروج لقانون الجذب، ورفضت فطرتها السليمة بعض الأفكار التي يحتويها الكتاب، مثل أن الإنسان "إله على الأرض". لكن للأسف، هناك الكثير من الأطفال والمراهقين الذين يقعون في فخ هذه المعتقدات دون رقابة أو وعي من الأهل أو المدرسة.

نصيحتي لكل أسرة

من خلال تجربتي، أوجه رسالة لكل أم وزوجة وابنة: لا تبحثي عن حلول مشاكلك عند مدربين طامعين يبيعونك أوهامًا وردية مقابل أموال طائلة. إذا شعرتِ بأي مشكلة نفسية أو روحية، الجئي إلى الله أولًا، ثم إلى المختصين النفسيين أو إلى أهلك وزوجك، فهم أحرص الناس عليكِ. لا تنخدعي بالشعارات البراقة، فغالبًا ما تكون هذه الدورات بابًا لهدم البركة وتدمير الأسر، وتؤدي إلى الانفصال عن الواقع والدين والمجتمع.

كلمة أخيرة

انتشار هذه الممارسات في مجتمعاتنا أصبح يشكل خطرًا حقيقيًا على الأسر، خاصة مع غياب الوعي الديني وضعف العقيدة لدى البعض. يجب علينا جميعًا أن نتكاتف لنشر الوعي، وتحذير أبنائنا وبناتنا من الوقوع في فخ هذه الدورات والمعتقدات الباطلة، والعودة إلى قيمنا وديننا الحنيف الذي يحث على العمل والاجتهاد والتوكل على الله، لا على الأوهام والخرافات.

أسأل الله أن يحفظ أسرنا ومجتمعاتنا من كل شر، وأن يهدي الجميع إلى طريق الحق والصواب.

هل مررت بتجربة مشابهة أو تعرف من تأثر بهذه الممارسات؟ شاركنا رأيك أو قصتك في التعليقات لننشر الوعي معًا.

https://www.youtube.com/watch?v=cELPzrs1dDs

اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك