اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك

تجربتي مع دورات الطاقة والتنمية الذاتية: من الفضول إلى الندم

في السنوات الأخيرة، انتشرت في عالمنا العربي دورات الطاقة والتنمية الذاتية بشكل كبير، وأصبحت تجذب الكثير من الشباب والفتيات الباحثين عن التطوير الذاتي

س
سحر اليوقا و الطاقة
مايو 12, 2025
6 دقائق

مقدمة

في السنوات الأخيرة، انتشرت في عالمنا العربي دورات الطاقة والتنمية الذاتية بشكل كبير، وأصبحت تجذب الكثير من الشباب والفتيات الباحثين عن التطوير الذاتي والسعادة. لكن خلف هذه الدورات، توجد تجارب واقعية قد تحمل الكثير من الدروس والعبر. في هذا المقال، أنقل لكم تجربة شخصية استمرت خمس سنوات مع هذه الدورات، بكل تفاصيلها وتحولاتها، لتكون مرجعًا لكل من يفكر في خوض هذا الطريق.

بداية الطريق: الفضول والرغبة في التطوير

بدأت قصتي بدافع الفضول وحب التعلم، فقد كنت أبحث دائمًا عن كل جديد في عالم التنمية الذاتية. كنت أعيش حياة طبيعية ومستقرة إلى حد كبير، أعمل في وظيفة جيدة، متزوجة، وعلاقتي جيدة مع أسرتي. لم أكن أعاني من مشاكل كبيرة، لكنني كنت شغوفة بتجربة كل ما هو جديد.

في أحد الأيام، شاهدت إعلانًا على "إنستغرام" عن دورة للتنفس التأملي يقدمها مدرب معروف في جدة. تزامن ذلك مع بداية اهتمامي باليوغا، فقررت التسجيل في الدورة، خاصة وأنها كانت مدفوعة وتبدو احترافية.

أول دورة: التنفس التأملي

كانت الدورة لمدة يومين في أحد فنادق جدة، وكان عدد الحضور كبيرًا جدًا، أغلبهم من النساء، مع وجود بعض الرجال. في اليوم الأول، كان البرنامج عاديًا، تعلمنا بعض تقنيات التنفس، مع توصية بعدم تناول اللحوم.

لكن في اليوم الثاني، تغير كل شيء. تم توزيع أكياس ومناديل على الحضور، وأُطفئت الأنوار، وأُشعل البخور، وبدأت أصوات غريبة وموسيقى عالية غير مألوفة. فجأة، بدأ الجميع في الصراخ، بعضهم يضرب الجدران، وآخرون يستفرغون في الأكياس. شعرت وكأن شيئًا غريبًا يخرج مني، وكنت أرتجف بشدة. لم أفهم ما الذي يحدث، لكن المدرب أكد لنا أن هذه "صدمات تخرج من أجسامنا".

دورة "التسامح": تجربة أكثر غرابة

بعد عدة أشهر، شاركت في دورة أخرى بعنوان "التسامح"، مدتها أربعة أيام في استراحة معزولة خارج جدة. كان البرنامج مكثفًا من الصباح حتى الليل، يتضمن تمارين تنفس متواصلة، موسيقى غريبة، بخور، وتعليمات غامضة. لاحظت أن الجميع بدأ يشعر بالخمول والاستسلام، وكأننا فقدنا إرادتنا الذاتية.

في هذه الدورة، حدثت أمور غير منطقية، مثل حالات احتضان عشوائية بين الحضور، وتداخل غريب في المشاعر والسلوكيات، حتى بين الرجال والنساء. بدأت أشعر أنني فقدت السيطرة على نفسي، وظهرت لدي أفكار ومشاعر لم أكن أتعرف عليها.

التحول النفسي والاجتماعي

بعد هذه الدورات، تغيرت حياتي بشكل سلبي. أصبحت الصلاة ثقيلة عليّ، وبدأت أشعر بعدم الرضا عن حياتي وبيتي، وارتفع عندي الإحساس بالاستحقاق بشكل غير منطقي. تركت عملي، وانفصلت عن زوجي، ودخلت في حالة نفسية سيئة جدًا، فقدت فيها طاقتي ورغبتي في التواصل مع الناس.

استمريت في حضور دورات أخرى، بعضها أونلاين، مع مدربين آخرين مثل "إيهاب"، لكن النتيجة كانت مزيدًا من التشكيك في المعتقدات، وانعدام الإحساس بالسعادة أو الإنجاز. حتى العلاقات الاجتماعية أصبحت باهتة ومادية، وفقدت الشعور بالمتعة في أبسط الأشياء.

كشف الحقيقة: هل هو علم أم شيء آخر؟

مع مرور الوقت، بدأت ألاحظ أن ما يُقدّم في هذه الدورات ليس علمًا حقيقيًا، بل خليط من مصطلحات غامضة وتمارين غير مفهومة، وأحيانًا طقوس غريبة تقترب من الشعوذة والسحر. كثير من المدربين كانوا يتحدثون عن "قراءة الطاقة" و"التواصل مع الأرواح" و"فتح الشاكرات"، بل وصل الأمر ببعضهم إلى تبرير العلاقات المحرمة باسم "الطاقة الجنسية" واعتبارها مصدرًا للثراء والنجاح.

قرأت كتبًا أوصى بها المدربون، مثل "اسأل تعطى" و"التغلب على الشيطان"، ولاحظت أن كثيرًا منها يتحدث عن التواصل مع مرشدين روحيين أو حتى الشياطين، ويحتوي على تمارين غريبة تؤثر سلبًا على الصحة النفسية والجسدية.

النتائج الحقيقية: خسائر بلا مكاسب

بعد خمس سنوات من حضور الدورات وإنفاق آلاف الريالات، كانت النتيجة:

  • صفر إنجازات: لم أحقق أي هدف حقيقي في حياتي.
  • تدهور العلاقات: فقدت الرغبة في التواصل مع الناس، وأصبحت علاقاتي سطحية أو متوترة.
  • تدهور صحي ونفسي: فقدت طاقتي، وأصبحت أعاني من آلام جسدية ونفسية مستمرة.
  • ابتعاد عن الدين: أصبحت الصلاة ثقيلة، وظهرت لدي أفكار تشكيكية ووساوس.
  • خسائر مادية: أنفقت مبالغ كبيرة دون أي عائد حقيقي.

حتى من حولي ممن شاركوا في هذه الدورات، لم يحققوا أي نجاح يُذكر، بل زادت مشاكلهم النفسية والاجتماعية، وبعضهم تغيرت قيمه وسلوكياته بشكل سلبي.

العودة إلى الطريق الصحيح

بفضل الله، بدأت أستعيد وعيي تدريجيًا، خاصة بعد أن توقفت عن متابعة هؤلاء المدربين وحذفت كل ما يتعلق بالدورات من حياتي. عدت لقراءة القرآن والالتزام بالعبادات، ووجدت راحة نفسية تدريجية. أدركت أن ما كنت أبحث عنه من سعادة وراحة نفسية لا يوجد إلا بالقرب من الله والتمسك بالدين.

نصيحتي لكل باحث عن التطوير

  • احذروا الدورات المشبوهة: ليس كل ما يُسمى تطويرًا ذاتيًا أو طاقة هو علم حقيقي. كثير منها يحمل أفكارًا خطيرة وطقوسًا شركية أو سحرية.
  • ابحثوا عن مصادر موثوقة: خذوا العلم من أهل العلم الموثوقين، وابتعدوا عن كل من يدّعي امتلاك أسرار الكون أو قدرات خارقة.
  • تمسكوا بدينكم: القرب من الله والقرآن هو مصدر السعادة والراحة النفسية الحقيقية.
  • لا تنخدعوا بالمظاهر: الشهادات الأجنبية أو العبارات الرنانة لا تعني أن ما يُقدّم علم نافع.
  • استشيروا أهل العلم: إذا التبس عليكم أمر، اسألوا العلماء واطلبوا النصيحة من أهل الخبرة.

خاتمة

تجربتي مع دورات الطاقة والتنمية الذاتية كانت مؤلمة، لكنها علمتني الكثير. أدعو كل من يقرأ هذا المقال أن يتوقف لحظة، ويعيد التفكير قبل أن ينجرف وراء هذه الدورات. اسأل الله أن يحفظ أبناءنا وبناتنا من كل شر، وأن يردنا جميعًا إلى الحق ردًا جميلًا.

إذا كنت قد مررت بتجربة مشابهة، لا تتردد في مشاركتها، فقد تكون سببًا في إنقاذ غيرك من الوقوع في نفس الفخ.

شارك المقال مع من تحب، فقد يكون سببًا في تغيير حياة شخص للأفضل.

https://www.youtube.com/watch?v=wcVxb2S6OTM

اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك