اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك

تجربتي مع دورات الطاقة والتنمية الذاتية: رحلة ضياع وعودة إلى الجذور

في السنوات الأخيرة، انتشرت في عالمنا العربي موجة من الدورات والبرامج التي تدّعي تطوير الذات و"تنظيف الطاقة" و"شفاء الطفل الداخلي" وغيرها من المفاهيم ا

س
سحر اليوقا و الطاقة
مايو 12, 2025
5 دقائق

في السنوات الأخيرة، انتشرت في عالمنا العربي موجة من الدورات والبرامج التي تدّعي تطوير الذات و"تنظيف الطاقة" و"شفاء الطفل الداخلي" وغيرها من المفاهيم المستوردة. كثيرون، خاصة من الفتيات والشباب الحريصين على تطوير أنفسهم، انجرفوا خلف هذه الدورات أملاً في حل مشاكلهم النفسية أو الأسرية أو حتى الروحية. أنا كنت واحدة منهم، وهذه قصتي التي أرويها لكم اليوم ليست فقط للتوعية، بل لأداء أمانة النصيحة بعد تجربة مريرة.

البداية: من الالتزام إلى البحث عن الحلول

كنت فتاة ملتزمة، أحفظ أجزاء من القرآن، محافظة على حجابي، وأحترم والديّ. لكن مع تراكم بعض المشاكل الشخصية والعائلية، بدأت أبحث عن حلول خارجية. وجدت أمامي إعلانات مغرية لدورات عن "تنظيف الطاقة"، "الطفل الداخلي"، "قوة الجذب"، و"الأكسس بارز". في البداية، كان الكلام جميلاً: حب الذات، التسامح، التحرر من الماضي، وغيرها من الشعارات البراقة.

الانجراف التدريجي: تنازلات صغيرة تكبر مع الوقت

مع الوقت، بدأت ألاحظ أنني أتنازل عن أمور كنت أراها من الثوابت. بدأت أتهاون في حجابي، استمعت للأغاني بعد أن كنت أبتعد عنها، تابعت المسلسلات بحجة "تحليل الشخصيات"، وتوقفت عن صيام النوافل. حتى عباداتي أصبحت ثقيلة على قلبي، ولم أعد أجد في القرآن أو الذكر راحتي كما كنت في السابق.

المصيبة أن هذه الدورات لم تقتصر على الجانب النفسي فقط، بل بدأت تمس العقيدة والسلوك. أصبح المدربون يشككون في أهمية الحجاب، ويقللون من شأن طاعة الوالدين، ويبررون الاختلاط، ويشجعون الفتيات على التمرد على أسرهن وأزواجهن. حتى الصيام والوضوء أصبحا يُفسران على أنهما "تنظيف للطاقة" وليس عبادة لله.

استغلال مادي وعاطفي

لم يكن الأمر مجانياً بالطبع، بل كان هناك استغلال مادي واضح. كل جلسة أو دورة لها سعرها، أحياناً مئات الريالات لنصف ساعة فقط. إذا لم تجدِ دورة نفعاً، يُطلب منك الاشتراك في دورة أخرى، وهكذا دواليك. حتى الأطفال لم يسلموا، فقد طُلب مني إحضار أحد أبنائي لدورات الطاقة، مما أثر عليه سلباً بشكل ملحوظ.

نتائج كارثية: تفكك أسري وضياع نفسي

بعد سنوات من الانخراط في هذه الدورات، وجدت نفسي في حالة أسوأ بكثير مما بدأت. فقدت السيطرة على نفسي وعلى أبنائي، تدهورت علاقتي بأسرتي، وابتعدت عن ديني وعبادتي. حتى الدعاء والذكر أصبحا ثقيلين علي، بينما كنت أهرع إلى تمارين التأمل والتخاطر التي لم تجلب لي إلا مزيداً من القلق والضياع.

وصل الأمر ببعض المدربين إلى تجاوزات أخلاقية خطيرة، مثل طلب صور شخصية بحجة "تحليل الطاقة" أو حتى تشجيع الفتيات على ممارسات محرمة، تحت غطاء "التحرر" و"حقك الشرعي".

العودة إلى الجذور: الصحوة والندم

استمر هذا الحال حتى شعرت أنني وصلت إلى الحضيض. لم أعد أحتمل البعد عن الله، فعدت إلى القرآن بقوة، وعدت إلى حجابي وصلاتي وصيامي. أدركت أن كل ما جنيته من تلك الدورات كان سلبياً: ضياع نفسي وأسري، استنزاف مالي، وبعد عن الله.

حذفت حسابات المدربين، أحرقت كتبهم ودفاترهم، وقطعت كل صلة بهم. بدأت أنصح من حولي بعدم الانجراف خلف هذه الدورات، وأحذرهم من خطورتها على الدين والعقل والأسرة.

الدروس المستفادة: نصيحتي لكل باحث عن السعادة

  • التمسك بالقرآن والسنة: السعادة الحقيقية والراحة النفسية في القرب من الله، لا في تقنيات مستوردة مشبوهة.
  • الحذر من الشبهات: كثير من هذه الدورات تبدأ بكلام جميل ثم تتدرج في إسقاط الثوابت الدينية والأخلاقية.
  • احترام الأسرة: لا تصدقوا من يشجعكم على التمرد على الوالدين أو الزوج أو الأسرة، فهؤلاء لا يريدون لكم الخير.
  • عدم الانسياق وراء كل جديد: ليس كل ما يلمع ذهباً، وليس كل من يتكلم عن "الطاقة" أو "التنمية الذاتية" صادقاً أو مؤهلاً.
  • استشارة أهل العلم: إذا واجهتِ مشكلة نفسية أو أسرية، الجئي إلى أهل العلم الثقات أو المختصين الموثوقين.

كلمة أخيرة

أكتب هذه التجربة وأنا أشعر بالندم على سنوات ضاعت مني ومن أبنائي وأسرتي. أرجو أن تكون قصتي عبرة لكل من يفكر في دخول هذه الدورات أو الانسياق خلف دعاوى التنمية الذاتية المشبوهة. تمسكوا بدينكم، وعودوا إلى الله، فهو وحده الشافي والمعين.

أسأل الله أن يغفر لي ولكم، وأن يثبتنا على الحق، وأن يرد كل ضال إلى الطريق المستقيم.

إذا كانت لديك تجربة مماثلة أو تساؤلات حول هذا الموضوع، شاركنا في التعليقات لنستفيد جميعاً.

https://www.youtube.com/watch?v=6kXDVdU7cMo

اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك