تجربتي مع دورات الطاقة والتنمية الذاتية: رحلة من الانبهار إلى اليقظة
في السنوات الأخيرة، انتشرت بشكل واسع دورات التنمية الذاتية والطاقة، وأصبح لها متابعون كثر في العالم العربي. كثيرون يدخلون هذا المجال بحثاً عن التغيير
في السنوات الأخيرة، انتشرت بشكل واسع دورات التنمية الذاتية والطاقة، وأصبح لها متابعون كثر في العالم العربي. كثيرون يدخلون هذا المجال بحثاً عن التغيير الإيجابي، تحقيق الأهداف، أو حتى الهروب من ضغوط الحياة. في هذا المقال، أشارككم تجربتي الشخصية مع هذه الدورات، وكيف انتقلت من الإعجاب والانبهار إلى مرحلة الوعي واليقظة، وأهم الدروس التي تعلمتها خلال هذه الرحلة.
البداية: البحث عن التوازن وتحسين الذات
بدأت رحلتي عندما تعرفت على مدربة مشهورة في مجال الطاقة والتنمية الذاتية، تحمل شهادة دكتوراه في القرآن الكريم ومن بلد الحرمين. كنت أظن أن لديها معرفة عميقة، وأنني لن أجد أفضل منها في هذا المجال. بدأت أتابعها وأشارك في دوراتها، خاصة تلك التي تتحدث عن "طاقة الأنوثة والذكورة" و"تطوير الجسد المشاعري".
في البداية، كان كل شيء يبدو منطقياً وجذاباً. كانت المدربة تركز على أهمية تحسين المشاعر وضبطها لتحقيق الأهداف، وكنت أعتقد أن هذا يتوافق مع تعاليم ديننا الإسلامي، حيث المشاعر جزء طبيعي من حياة الإنسان.
الانغماس في الدورات: بين الأمل والتشتت
مع مرور الوقت، شاركت في العديد من الدورات، مثل دورة الخوف، ودورة نداء الروح، ودورات تنظيف المشاعر والطاقة. كان هناك تركيز كبير على مفاهيم مثل "الجسد الأثيري"، "الأكوان المتوازية"، و"العقود الروحية". في كل مرة كنت أظن أنني سأجد الحلول لمشاكلي، لكنني كنت أخرج بمزيد من الحيرة والتشتت.
بدأت ألاحظ أن بعض التطبيقات العملية في الدورات كانت غريبة، مثل الجلوس في أوضاع معينة أو انتظار سماع أصوات داخلية، أو التركيز على رموز وأرقام وأشكال مثل الفراشات والريش والمثلثات. حتى أنني أصبحت أبحث عن معاني هذه الرموز في الإنترنت وأربطها بحياتي اليومية، مما زاد من حالة القلق وعدم اليقين لدي.
التغيرات النفسية: من الأمل إلى القلق
مع تكرار حضور الدورات، بدأت أشعر بتغيرات نفسية واضحة. شعرت أحياناً بالاكتئاب والحزن، وأحياناً أخرى بالغضب أو العدوانية، رغم أنني كنت أظن أنني تحررت من الخوف والمشاعر السلبية. لاحظت أيضاً أنني أصبحت أقل التزاماً بصلاتي وعباداتي، وبدأت أبرر لنفسي التقصير بحجة "الروحانية" أو "تحسين المشاعر".
كما لاحظت أنني أصبحت أعتمد كثيراً على تفسيرات المدربة لكل شيء يحدث في حياتي، حتى في العلاقات والمواقف اليومية، وأصبحت أبحث عن "رسائل كونية" في كل شيء، من أرقام السيارات إلى أشكال الريش والفراشات.
اليقظة: بداية العودة للوعي
مع الوقت، بدأت أشعر بثقل نفسي وروحي، وبدأت أراجع نفسي وأتساءل: هل فعلاً هذه الدورات تحقق لي السلام الداخلي؟ هل فعلاً هذا هو الطريق الصحيح للتقرب من الله وتحقيق الطمأنينة؟
بدأت ألاحظ أن كثيراً من المفاهيم المطروحة في الدورات ليست لها علاقة بالدين، بل أحياناً تتعارض معه أو تشتت الإنسان عن أساسيات العبادة. كما لاحظت أن هناك تلاعباً بالمصطلحات، وخلطاً بين الروحانية الحقيقية والمفاهيم المستوردة من ثقافات أخرى.
قررت التوقف عن حضور الدورات، والعودة للقرآن والصلاة والدعاء، والاعتماد على الله وحده في السعي لتحقيق السكينة النفسية. بدأت أقرأ سورة البقرة بانتظام، وأركز على عباداتي، فشعرت بتحسن تدريجي في حالتي النفسية والروحية.
الدروس المستفادة: نصائح لكل باحث عن التغيير
- لا تبحث عن الحلول السريعة: التغيير الحقيقي يحتاج إلى صبر، وليس هناك وصفة سحرية لتحقيق السعادة أو النجاح في أيام معدودة.
- تمسك بدينك وقيمك: لا تدع أي مدرب أو دورة تبعدك عن أساسيات دينك وعباداتك، فالقرب من الله هو مصدر الطمأنينة الحقيقية.
- كن ناقداً للمعلومات: ليس كل ما يقال في دورات التنمية الذاتية صحيحاً أو مناسباً للجميع. ابحث دائماً عن المصادر الموثوقة، واستشر أهل العلم.
- احذر من التعلق بالرموز والأرقام: لا تجعل حياتك تدور حول تفسيرات غامضة أو رسائل كونية، فذلك قد يزيد من قلقك وتوترك.
- التوازن مهم: تطوير الذات أمر جيد، لكن يجب أن يكون في إطار معتدل ومتزن، دون إفراط أو تفريط.
خاتمة: العودة للنور
تجربتي مع دورات الطاقة والتنمية الذاتية علمتني الكثير، وأهم ما تعلمته هو أن السعادة والسكينة لا تأتي من الخارج، بل من الداخل، من علاقة الإنسان بربه، ومن التوازن بين العمل على النفس والاعتماد على الله. إذا كنت تبحث عن التغيير، فابدأ من الداخل، وكن واعياً في اختيار مصادر التعلم والتطوير.
أسأل الله أن يثبتنا جميعاً على الحق، وأن يرزقنا الفهم والوعي، وأن يبعد عنا كل ما يشتت قلوبنا وعقولنا.
https://www.youtube.com/watch?v=4E55XR7JE3U