تجربتي مع دورات الطاقة والتنمية الذاتية: رسالة تحذير لكل باحث عن التغيير
في السنوات الأخيرة، انتشرت بشكل واسع دورات الطاقة والتنمية الذاتية، وأصبح الكثيرون يلجأون إليها بحثًا عن حلول لمشاكلهم النفسية أو الأسرية، أو رغبة في
في السنوات الأخيرة، انتشرت بشكل واسع دورات الطاقة والتنمية الذاتية، وأصبح الكثيرون يلجأون إليها بحثًا عن حلول لمشاكلهم النفسية أو الأسرية، أو رغبة في تطوير الذات وتحقيق النجاح. من خلال تجربتي الشخصية كمدربة سابقة في هذا المجال، أود أن أشارككم قصة واقعية مليئة بالدروس والعبر، لعلها تكون نورًا لمن يفكر في خوض هذه التجربة.
البداية: من الفضول إلى الاحتراف
لم يكن دخولي إلى عالم دورات الطاقة مخططًا له، بل جاء بدافع الفضول وحب التجربة. بدأت بحضور بعض الدورات، رغم ارتفاع أسعارها، حتى وجدت نفسي أتحول من متدربة إلى مدربة، أُدرّب الآخرين وأحمل مسؤولية كبيرة تجاههم. مع الوقت، لاحظت أن الجانب المادي في هذه الدورات مغرٍ جدًا، فالدخل الذي كنت أجنيه من دورة واحدة يفوق أحيانًا راتب شهر كامل من عملي كمدربة لياقة بدنية في الحديقة.
لكن مع هذا النجاح المادي، بدأ يتضخم عندي الشعور بالغرور (الأنا)، إذ أصبح الناس ينادونني "أستاذة" و"مدربة"، وبدأت أنظر لنفسي نظرة استعلاء مقارنة بالآخرين.
الجانب المظلم: العزلة والمشاكل النفسية
مع مرور الوقت، لاحظت تغيرات سلبية في حياتي. بدأت أشعر بالعزلة، وابتعدت عن عائلتي وأصدقائي، حتى أنني صرت أعيش في عالم خاص بي. ازدادت المشاكل في العمل، وظهرت خلافات مع رب العمل، كما بدأت أعاني من أحلام مزعجة متكررة، خاصة أحلام تتعلق بأمي وغضبها عليّ.
كنت أشعر أن هناك ذنبًا كبيرًا أرتكبه، وأن ابتعادي عن الدين والدعاء هو السبب في هذه المعاناة. ومع ذلك، واصلت تقديم الدورات والجلسات، وكنت أجرب ما أتعلمه أولًا على أقاربي وأهل بيتي، وهو أمر أندم عليه اليوم.
حقيقة الدورات: غسيل دماغ وابتعاد عن المنطق والدين
من أخطر ما لاحظته في هذه الدورات هو محاولة المدربين إقناع المتدربين بعدم استخدام العقل والمنطق، بل يطلبون منك أن "تترك عقلك خارج القاعة" وتقبل كل ما يقال لك دون نقاش. كما يتم تمرير أفكار وممارسات غريبة باسم الدين، مثل الاستدلال بآيات أو أحاديث في غير موضعها، أو استخدام تعويذات وأدعية غير مأثورة.
بعض التقنيات مثل "الخروج من الجسد" أو "التعامل مع الجن" تُقدم على أنها أدوات للشفاء أو التطور، لكنها في الحقيقة مداخل خطيرة لعالم الشعوذة والابتعاد عن العقيدة الصحيحة.
اليوغا: رياضة أم طقوس؟
مارست اليوغا لفترة قصيرة باعتبارها رياضة مفيدة للمرونة والقوة الجسدية، لكن مع الوقت اكتشفت أن العديد من وضعياتها وأسمائها مرتبطة بطقوس دينية وثنية، وأن ممارستها قد تحمل مخاطر صحية على المفاصل حسب بعض الأبحاث العلمية. لذلك، توقفت عن ممارستها، وعدت إلى الرياضات التقليدية التي تخدم جسدي دون أن تمس عقيدتي.
العودة إلى الطريق الصحيح
أحمد الله أن تجربتي في هذا المجال لم تدم طويلًا (حوالي سنة ونصف)، وأنني استيقظت قبل أن أغوص فيه أكثر. بعد خروجي من هذا العالم، تواصلت مع جميع المتدربات اللاتي تعاملن معي، واعتذرت لهن وأوضحت لهن حقيقة ما كنت أقدمه، حتى أبرئ ذمتي أمام الله.
عدت إلى قراءة التفاسير والتمسك بالدين، وأصبحت أكثر وعيًا بخطورة هذه الدورات التي تخلط السم بالعسل، وتستغل ضعف الناس وحاجتهم للحلول السريعة.
نصيحتي لكل باحث عن التغيير
- احذروا من الدورات التي تطلب منكم تعطيل عقولكم أو الابتعاد عن الدين.
- لا تنخدعوا بالمظاهر البراقة أو الوعود الكاذبة بالثراء والسعادة الفورية.
- اعلموا أن ديننا دين عقل ومنطق، وكل ما يخالفه فهو باطل.
- القرآن الكريم والسنة النبوية فيهما الشفاء والراحة النفسية الحقيقية.
- إذا شعرتم بأي أعراض غريبة أو وساوس بعد التوبة، فداوموا على قراءة سورة البقرة والأذكار، ولا تخافوا، فهذه وساوس زائلة بإذن الله.
- استشيروا الأطباء عند وجود أعراض جسدية، ولا تهملوا صحتكم الجسدية أو النفسية.
الخلاصة
دورات الطاقة والتنمية الذاتية قد تبدو مغرية في ظاهرها، لكنها تحمل في طياتها مخاطر كبيرة على العقيدة والصحة النفسية والجسدية. تجربتي الشخصية أكبر دليل على ذلك، وأتمنى أن تكون رسالتي هذه سببًا في توعية كل من يفكر في خوض هذه التجربة. لا تبحثوا عن الحلول السريعة، بل تمسكوا بدينكم وعقولكم، واطلبوا العون من الله في كل أموركم.
أسأل الله لي ولكم الثبات والهداية، وأن يحفظنا جميعًا من كل شر.
إذا كان لديك أي سؤال أو تجربة مشابهة، لا تتردد في مشاركتها أو طلب النصيحة. بارك الله فيكم جميعًا.
https://www.youtube.com/watch?v=1aV9G-sAP5o