تجربتي مع دورات الطاقة والتنمية الروحية: تحذير ونصائح هامة للباحثين عن الشفاء

في السنوات الأخيرة، انتشرت بشكل ملحوظ دورات الطاقة والتنمية الروحية على وسائل التواصل الاجتماعي مثل إنستغرام وتويتر ويوتيوب. كثير من الناس، خاصة ممن يمرون بتجارب صعبة أو يبحثون عن حلول لمشاكلهم النفسية أو الروحية، قد يجدون أنفسهم منجذبين لهذه الدورات التي تعدهم بالراحة والحرية والسلام الداخلي. في هذا المقال، أشارككم تجربتي الشخصية مع هذه الدورات، وأوضح المخاطر التي قد تواجه الباحثين عن الشفاء، وأقدم نصائح مهمة لمن يمرون بمثل هذه الظروف.

بداية القصة: الفضول والرغبة في التغيير

بدأت قصتي عندما شاهدت إعلانًا عن دورة مجانية بعنوان "كيف تعيش حرًا". كان العنوان جذابًا، خاصةً أنني كنت أشعر بثقل نفسي وأبحث عن الراحة. التحقت بالدورة عبر الإنترنت، ووجدت أن المدرب يروج لفكرة أن الإنسان عبد للطاقة وليس لله وحده. كان هناك خلط بين مفاهيم دينية وروحانية غريبة، مثل مراحل الحياة، والطفل الداخلي، وتنظيف الطاقة السلبية وجلب الطاقة الإيجابية.

في البداية، لم أكن أعطي الموضوع أهمية كبيرة، لكن مع تكرار الحديث عن "الطاقة" وطلب إغماض العيون وممارسة تمارين تنفس وتأمل غريبة، بدأت أشعر بعدم الارتياح. لاحظت أن هناك تلاعبًا بالمفاهيم الدينية، ومحاولة لربط الشفاء الروحي بأشياء لا أصل لها في الشريعة.

لحظات الشك والانسحاب

خلال الدورة، بدأ المدرب يروج لجلسات خاصة بمبالغ مالية كبيرة، ويعد المشاركين بأنهم سيحصلون على شفاء كامل من خلال "تنظيف الطاقة". هنا بدأت أشعر بالخوف والريبة، خاصة عندما طلبوا حضور جلسات مغلقة قد يكون فيها رجال ونساء معًا، وهو أمر غير مقبول بالنسبة لي كمسلمة.

تذكرت أن الشفاء الحقيقي بيد الله وحده، وأن هذه المفاهيم عن الطاقة الإيجابية والسلبية ليست إلا أوهامًا قد تضر أكثر مما تنفع. قررت الانسحاب من الدورة، رغم أنني كنت قد بدأت أشارك بعض محتواها مع الآخرين لأنني كنت أبحث عن حل لمشاكلي.

تجارب غريبة ومخيفة

خلال فترة انشغالي بهذه الدورات، بدأت ألاحظ أمورًا غير طبيعية تحدث لي ولمن حولي. على سبيل المثال، كنت أمارس بعض التمارين التي يروجون لها، مثل قراءة سور معينة من القرآن بعدد محدد وتكرار آيات معينة مع استخدام الملح أو التواجد في أماكن معينة. في إحدى المرات، شعرت بحالة نفسية سيئة جدًا، وكأن هناك قوة غريبة تسيطر عليّ، ورأيت في المنام أشكالًا مخيفة.

هذه التجارب جعلتني أدرك أن البحث عن الشفاء في مثل هذه الطرق قد يؤدي إلى نتائج عكسية، خاصة لمن يعانون من مشاكل روحية أو نفسية. المريض الروحي قد يتعلق بأي أمل للخلاص، لكنه قد يقع فريسة للأوهام أو حتى الأذى.

العودة إلى الطريق الصحيح

بعد هذه التجارب، عدت للرقية الشرعية واللجوء إلى الله بالدعاء وقراءة القرآن بالطريقة الصحيحة، دون ابتداع أو تلاعب. الحمد لله، بدأت أتحسن تدريجيًا، وأصبحت أكثر وعيًا بما يدخل إلى عقلي ونفسي. تعلمت أن الشفاء الحقيقي يكون بالثقة بالله، وباتباع السنة النبوية، وليس باللجوء إلى طرق مشبوهة أو غير واضحة المصدر.

انتشار علوم الطاقة والتاروت في المدارس والمجتمع

لاحظت أيضًا أن بعض المدارس بدأت تنتشر فيها علوم مثل التاروت وقراءة الطالع، خاصة بين المراهقين. هذه الأمور خطيرة جدًا، لأنها تفتح باب التعلق بغير الله، وتدفع الشباب للبحث عن حلول سريعة لمشاكلهم دون وعي أو علم. من المهم جدًا أن يكون هناك توعية مستمرة للأبناء والطلاب حول مخاطر هذه العلوم، وأن نوجههم للثقة بالله والاعتماد على الرقية الشرعية والاستشارة النفسية السليمة عند الحاجة.

نصائح مهمة لكل باحث عن الشفاء

• لا تبحث عن الشفاء في طرق مجهولة المصدر أو تخالف تعاليم دينك. الشفاء الحقيقي بيد الله، والرقية الشرعية كافية لمن صدق النية وأخذ بالأسباب.
• احذر من الدورات أو الجلسات التي تطلب منك مبالغ مالية كبيرة مقابل وعود غير واقعية.
• لا تتبع أي شخص يخلط بين الدين وعلوم الطاقة أو يدعي امتلاك قوى خارقة.
• إذا كنت تعاني من مشاكل نفسية أو روحية، استشر مختصًا موثوقًا في الرقية الشرعية أو الطب النفسي.
• راقب مدخلات عقلك ونفسك: ما تسمعه وتشاهده يؤثر على أحلامك وحالتك النفسية. اجعل القرآن والصلاة والذكر جزءًا من يومك.

خلاصة

تجربتي مع دورات الطاقة والتنمية الروحية كانت درسًا قاسيًا، لكنها جعلتني أكثر وعيًا وتمسكًا بديني. أنصح كل من يمر بتجربة مشابهة أن يتوقف فورًا عن متابعة هذه الدورات، وأن يلجأ إلى الله وحده، ويستشير أهل العلم والثقة في أموره الدينية والنفسية.

أسأل الله أن يحفظكم جميعًا، ويثبتكم على الحق، ويمنحكم الشفاء والعافية.

إذا كان لديك تجربة مشابهة أو استفسار حول هذا الموضوع، لا تتردد في مشاركتها أو طرح سؤالك في التعليقات. ودمتم بخير.

https://www.youtube.com/watch?v=rromS1ru4mo