تجربتي مع الصوفية والنورانية: رحلة بين الروحانية والواقع
في هذا المقال، أشارككم تجربتي الشخصية مع إحدى الطرق الصوفية، وكيف أثرت هذه التجربة على حياتي وفهمي للدين والروحانية. عشت مع جماعة صوفية لمدة سنة ونصف
في هذا المقال، أشارككم تجربتي الشخصية مع إحدى الطرق الصوفية، وكيف أثرت هذه التجربة على حياتي وفهمي للدين والروحانية. عشت مع جماعة صوفية لمدة سنة ونصف تقريبًا، وكانت تجربة مليئة بالتساؤلات والمواقف الغريبة، وبعضها كان صادمًا بالنسبة لي.
بداية الرحلة: كيف دخلت عالم الصوفية؟
لم يكن دخولي لعالم الصوفية مخططًا له. إحدى صديقاتي أخبرتني أننا سنذهب إلى مكان فيه ذكر وصلاة، وأنني سأنال الراحة هناك. لكنني اكتشفت لاحقًا أنني ذهبت كخادمة لصاحبة المكان، وهي ابنة شيخ صوفي يُلقب بـ"القطب". لم أكن أفهم معنى هذه المصطلحات في البداية، لكنني كنت أساعدها في أعمال المنزل وخدمة الضيوف.
قبل ذهابي لهذا المكان، رأيت في المنام أنني أوزع طعامًا على أناس يقرؤون القرآن. وعندما وصلت، تحقق الحلم بالفعل، مما جعلني أشعر أن هناك شيئًا غريبًا يحدث.
أجواء المكان: بين البشر وغير البشر
كان المكان عبارة عن مزرعة جميلة، لكن داخله كان مختلفًا. كان هناك أناس يقال إنهم "حراس" للمكان، ليسوا بشرًا عاديين، بل مخلوقات مسالمة ومؤمنة تذكر الله وتخدم أهل الزاوية. كنت أشعر أحيانًا بوجودهم حولي، خاصة في الليل، وكنت كثيرة الأسئلة حول هذه الأمور، لكنهم كانوا يؤكدون لي أن المكان مليء بالحراس الروحيين.
الطقوس والذكر: ما بين الروحانية والمبالغة
الطريقة التي عشت معها كانت الطريقة القادرية. كانوا يقيمون ليالي الذكر، حيث يصرخ البعض، ويحاول آخرون القيام بحركات غريبة، ويقال إن ذلك يحدث عندما "يأتيهم الحال". لم أكن أفهم هذه الطقوس، وكنت أبكي أحيانًا من الخوف أو عدم الفهم، فكانوا يقولون لي إن "حالك هو البكاء".
عندما بدأت أتعلم الأناشيد الصوفية، لاحظت أن بعضها يمجد الشيخ أكثر من تمجيد الله، وهو أمر لم أستوعبه. سألتهم عن ذلك، فقالوا إن الشيخ كتب هذه القصائد في حالة "عشق إلهي". لكنني بقيت متحفظة ولم أبايع الشيخ مثل الآخرين، رغم الضغوط.
الحياة اليومية في الزاوية
كنت مسؤولة عن خدمة صاحبة المكان وأفراد عائلتها، وكنت أعمل لساعات طويلة، خاصة عندما كان يزورهم ضيوف من مختلف أنحاء العالم. كنت أنظف وأغسل الصحون دون أن أشعر بالتعب، حتى قالت لي إحدى النساء: "أنتِ مجرد جسد، من بداخلك هو الذي يعمل". هذا الكلام كان غريبًا بالنسبة لي وجعلني أشعر أن هناك أمورًا غير طبيعية تحدث.
مع الوقت، بدأت أعاني من مشاكل صحية ونفسية، مثل الصداع وتساقط الشعر والانهيار العصبي. ذهبت إلى الطبيب الذي نصحني بتمارين التنفس للاسترخاء، وبدأت أمارسها، لكنها كانت مختلفة عن تمارين الطاقة التي تعلمتها لاحقًا.
تساؤلات وشكوك
كنت دائمًا أطرح الأسئلة ولا أقبل الأمور دون فهم. لاحظت أن الذكر والأوراد في الزاوية كانت محددة بعدد معين، ولا يمكن لأي شخص أن يأخذ وردًا إلا بإذن من الشيخ. حتى الذكر العادي كان يحتاج إلى إذن، وهذا ما لم أتقبله، إذ تعودت أن أذكر الله بحرية ودون قيود.
الخروج من الزاوية: بداية جديدة
بعد سنة ونصف، خرجت من الزاوية وأنا في حالة صحية ونفسية سيئة. حاولت العودة لاحقًا، لكن الظروف لم تسمح لي. بدأت أبحث عن طرق جديدة لتغيير حياتي، ووجدت بعض الفيديوهات التي ساعدتني على فهم نفسي أكثر.
التحذير من بعض الطرق الصوفية الحديثة
خلال تجربتي، لاحظت أن بعض القنوات على وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة في تطبيق "تليغرام"، تروج لأوراد وأذكار صوفية دون ضوابط شرعية. هناك من يربط سورة "يس" أو البسملة بعدد معين من التكرارات، ويشترطون أخذ الإذن من شيخ أو معلم روحي. كما لاحظت أن بعض المشايخ يوزعون أسماء الله الحسنى على "طبائع" معينة، ويحددون لكل شخص نوعًا من الذكر حسب طاقته، وهذا أمر لم أجد له أصلًا في السنة النبوية.
تجربتي مع الذكر والاستغفار
بعد خروجي من الزاوية، بدأت أستغفر الله مئة مرة بعد الفجر بناءً على نصيحة أحد المشايخ، وكنت ألاحظ أشياء غريبة أثناء الذكر، مثل رؤى أو سماع أصوات تخبرني بأمور عن السحر أو الأشخاص. لاحقًا، أدركت أن هذه الخواطر ليست بالضرورة صحيحة أو موثوقة، وأن الأصل في الذكر أن يكون خالصًا لله دون تحديد عدد أو زمن إلا ما ورد في السنة.
الدروس المستفادة
- العبادة علاقة خاصة بين العبد وربه: لا تحتاج إلى وسيط أو إذن من أحد لتذكر الله أو تقرأ القرآن.
- الحذر من المبالغات والبدع: بعض الطرق الصوفية تضيف طقوسًا وأذكارًا لم ترد في السنة، وقد تؤدي إلى الانحراف عن روح الدين.
- الصحة النفسية مهمة: الانخراط في طقوس مرهقة جسديًا ونفسيًا قد يؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة.
- النية أساس العمل: الأعمال بالنيات، والذكر يجب أن يكون خالصًا لوجه الله دون رياء أو تقليد أعمى.
- ابحث عن العلم الصحيح: استعن بالعلماء الثقات وارجع إلى المصادر الصحيحة في فهم الدين.
كلمة أخيرة
تجربتي مع الصوفية كانت مليئة بالدروس والعبر. تعلمت أن الدين يُسر، وأن الطريق إلى الله لا يحتاج إلى تعقيدات أو طقوس غريبة. الأهم أن يكون قلبك متصلًا بالله، وأن تبحث دائمًا عن الحقيقة بعقل وقلب مفتوحين. أسأل الله أن يهدينا جميعًا للحق ويجنبنا طرق الضلال.
ملاحظة للقراء:
إذا كنت تبحث عن الروحانية الحقيقية، فاجعل نيتك خالصة لله، وابتعد عن كل ما يخالف الشريعة أو يضيف على الدين ما ليس فيه. وكن دائمًا ناقدًا ومتفحصًا لأي طريق أو جماعة تدعي امتلاك الحقيقة المطلقة.
https://www.youtube.com/watch?v=RFxG0dX5POo