تجربتي مع علوم الطاقة والتنمية البشرية: رحلة بحث وانعطافة توبة

في السنوات الأخيرة، انتشرت العديد من الدورات والبرامج التي تندرج تحت مسمى "التنمية البشرية" و"علوم الطاقة" و"البرمجة اللغوية العصبية". كثيرون انجذبوا لهذه المجالات بحثًا عن تطوير الذات وتحقيق النجاح والسعادة. في هذا المقال، أشارككم تجربتي الشخصية مع هذه الدورات، وكيف بدأت رحلتي معها، وما الذي دفعني في النهاية لمراجعة نفسي وترك هذا الطريق.

البداية: فضول وتطلّع للتغيير

بدأ اهتمامي بعالم التنمية البشرية في عام 2012، عندما التحقت بدورة في البرمجة اللغوية العصبية. شدني الموضوع، خاصة فيما يتعلق بالتخيل والتوكيدات الإيجابية، لكنني لم أتعمق كثيرًا حينها بسبب انشغالي بالحياة والأسرة.

مرت السنوات، وفي عام 2020، ومع انتشار الحديث عن "علم الطاقة" ودورات "الاستحقاق والامتنان"، بدأت أبحث أكثر. كنت أسمع مصطلحات جديدة وغريبة، وكلما سمعت شيئًا جديدًا، كنت أبحث عنه لأفهمه. انتقلت من دورة إلى أخرى، وبدأت أتعرف على موضوع الشاكرات وغيرها من المفاهيم.

مقاومة داخلية وتحذيرات خارجية

رغم انجذابي لبعض الأفكار، كان هناك دائمًا رفض داخلي وشعور بالخوف. من حولي، خاصة زوجي، كانوا يحذرونني من هذا الطريق، ويقولون إن نهايته ليست جيدة. لم أكن أقتنع تمامًا بتحذيراتهم، وكنت أبحث عن إجابات بنفسي.

تعرفت على كوتش وبدأت آخذ معها جلسات لتحديد الشغف والهدف، ثم التحقت بدورة "عقد". طوال الكورس، كان لدي خوف غير طبيعي وانزعاج من بعض الأفكار المطروحة، لكنها كانت تبرر ذلك بأنه "العقل اللاواعي يرفض التغيير".

تجارب غريبة وأعراض مقلقة

مع الوقت، بدأت ألاحظ أمورًا غريبة في جلسات التبادل، مثل تشجيع بعض المدربات للنساء على الطلاق أو قطع العلاقات الأسرية، بالإضافة إلى ممارسة طقوس غير مألوفة كقراءة الفنجان أو الحديث عن "الأحبال الأثيرية". شعرت أن هناك محاولة لعزل المرأة عن أسرتها ومجتمعها، تحت شعار "كوني أنتِ واهتمي بنفسك".

خلال هذه الفترة، بدأت أعاني من أعراض نفسية وجسدية مزعجة، مثل النفور غير المبرر من زوجي، وأحلام مزعجة متكررة، وشعور دائم بالخوف والقلق. حتى أنني تعرضت لأعراض روحية، وعندما لجأت إلى راقية شرعية، أخبرتني أن ما أعانيه قد يكون من آثار هذه الممارسات.

العودة إلى الذات والدين

رغم كل ما مررت به، كان هناك دائمًا صوت داخلي يرفض الاستسلام التام لهذه الأفكار. كنت أبحث عن كل مصطلح جديد أسمعه، وأقارنه بما يقوله الدين والعلماء. لم أكن أقبل أي فكرة دون تمحيص، وهذا ما أنقذني من التورط بشكل أعمق.

كنت محافظة على صلاتي وأذكاري، وهذا ما شعرت أنه حماني من الانجراف الكامل. لاحظت أن بعض المشاركات في الدورات توقفن عن الصلاة بحجة التأمل أو "رفع الذبذبات"، لكنني كنت أرفض ذلك تمامًا.

في رمضان، دعوت الله كثيرًا أن يصرف عني هذا الطريق إن كان فيه شر، وأن يريني الحق ويرزقني اتباعه. وبالفعل، بدأت أبتعد تدريجيًا عن هذه الدورات، وتخلصت من كل الشهادات والكتب المتعلقة بها.

دروس وعبر من التجربة

هذه التجربة علمتني الكثير، وأهم ما خرجت به:

• العقيدة أولاً: لا شيء يعلو على سلامة العقيدة والدين. الوقت والمال يمكن تعويضهما، لكن الإيمان لا يعوض.
• التمحيص وعدم التسليم: لا تقبل أي فكرة أو ممارسة لمجرد أن الجميع يتبعها أو لأنها "موضة". ابحث واسأل وتأكد من مصادر موثوقة.
• الحذر من العزلة: كثير من هذه الدورات تشجع على الانعزال عن الأسرة والمجتمع تحت شعارات براقة، مما يضر بالعلاقات الأسرية والاجتماعية.
• العودة للدين: عند الشك أو الحيرة، ارجع إلى القرآن والسنة واسأل أهل العلم.
• الاستفادة من التجربة: رغم الألم والندم على الوقت والمال الذي ضاع، إلا أنني أعتبر ما حدث لي درسًا كبيرًا. الآن أشارك قصتي لتحذير غيري من الوقوع في نفس الفخ.

رسالة للمهتمين بهذه المجالات

إذا كنت تفكر في دخول عالم التنمية البشرية أو علوم الطاقة، أو بدأت بالفعل، أنصحك بالتريث والتفكير مليًا. ليس كل ما يلمع ذهبًا، وبعض الطرق قد تبدو واعدة في البداية لكنها تحمل في طياتها مخاطر على العقيدة والصحة النفسية والاجتماعية.

ابحث دائمًا عن مصادر علمية ودينية موثوقة، وكن حذرًا من الدورات التي تروج لأفكار غريبة أو تدفعك للعزلة أو التمرد على أسرتك. تذكر أن النجاح الحقيقي يبدأ من الداخل، من سلامة النفس والإيمان، وليس من ممارسات مشبوهة أو شعارات براقة.

ختامًا

الحمد لله الذي أنقذني من هذا الطريق، وأعادني إلى أسرتي وديني. أسأل الله الثبات لي ولكل من مر أو يمر بهذه التجربة، وأن يرينا الحق حقًا ويرزقنا اتباعه.

ملاحظة: هذه التجربة شخصية، وقد تختلف تجارب الآخرين. الهدف من مشاركة هذه القصة هو التوعية والتحذير، وليس الهجوم على أي شخص أو جهة. إذا كان لديك تجربة مشابهة أو تساؤلات، لا تتردد في طلب المشورة من أهل العلم والمختصين.

https://www.youtube.com/watch?v=LG1-sFdvaeU