تجربتي مع علوم الطاقة والتنمية الذاتية: رحلة ضياع وبحث عن الحقيقة
في السنوات الأخيرة، انتشرت بشكل كبير دورات التنمية الذاتية وعلوم الطاقة، وأصبحت تجذب الكثير من الشباب والفتيات الباحثين عن النجاح والسعادة وتحقيق الذا
في السنوات الأخيرة، انتشرت بشكل كبير دورات التنمية الذاتية وعلوم الطاقة، وأصبحت تجذب الكثير من الشباب والفتيات الباحثين عن النجاح والسعادة وتحقيق الذات. لكن خلف هذه الدورات عوالم خفية وتجارب مؤلمة قد لا يدركها الكثيرون إلا بعد فوات الأوان. في هذا المقال، أشارككم تجربتي الشخصية مع هذه الدورات، وما تعلمته منها، لعلها تكون عبرة لكل من يسعى وراء سراب النجاح السريع.
بداية الحلم والطموح
منذ صغري كان لدي حلم بأن أحقق ذاتي وأعتمد على نفسي، سواء من خلال الدراسة أو العمل أو حتى إنشاء مشروع خاص. لم أتمكن من إكمال دراستي بسبب الزواج المبكر، لكنني لم أفقد الأمل، وقررت أن أبحث عن طرق أخرى لتحقيق النجاح. جربت العمل في مجالات مختلفة كالمكياج والطبخ، وفتحت مشروعاً صغيراً عبر الإنترنت، لكنني لم أحقق النجاح الذي كنت أطمح إليه. مع كل محاولة فاشلة، كنت أشعر بالضياع أكثر، وأبحث عن حلول سريعة للخروج من دائرة الفشل.
الانجراف وراء دورات الطاقة والتنمية الذاتية
في تلك الفترة، بدأت أتابع بعض المدربين والمدربات على مواقع التواصل الاجتماعي، والذين يتحدثون عن أسرار الطاقة، والثراء، والتنظيفات النفسية، والكاريزما، وغيرها من المفاهيم الغامضة. انجذبت لحديثهم الساحر، وبدأت أتابع فيديوهاتهم المجانية لساعات طويلة، وأقرأ كتبهم، وأحاول تطبيق نصائحهم بحذافيرها. كنت أبحث عن أي أمل أو مفتاح للنجاح، لكنني وجدت نفسي أزداد تشتتاً وضياعاً، وأشعر أنني في صحراء بلا طريق واضح.
تجربة الدورات المدفوعة
بعد فترة من المتابعة المجانية، قررت أن أجمع مبلغاً كبيراً وأشترك في إحدى الدورات المدفوعة التي وعدتني بأنها ستغير حياتي وتمنحني الثراء والسعادة. كانت الدورة تتحدث عن "تنظيف الطفل الداخلي" وتحرير المشاعر السلبية مثل الخوف والغضب والعار. بدأت أطبق التمارين وأستمع للموسيقى الخاصة بالدورة، وأمارس التأملات، لكنني لم أشعر بأي تحسن، بل على العكس، ازدادت حالتي النفسية سوءاً. شعرت بالاكتئاب، والضياع، وضعف الإيمان، وبدأت أشك في عقيدتي.
الصدمة والعودة إلى الطريق الصحيح
مع مرور الوقت، بدأت ألاحظ تناقضات في كلام المدربين، وغياب ذكر الله في أحاديثهم، والتركيز فقط على مفاهيم غامضة مثل "رسائل الكون" و"الطاقة الكونية". بدأت أستمع لبعض التحذيرات من مشايخ وعلماء، وأدركت أنني كنت ألهث وراء سراب، وأن هذه الدورات لم تقدم لي أي فائدة حقيقية، بل أضرتني نفسياً وعقائدياً. شعرت بندم شديد، وتبت إلى الله توبة نصوحاً، وتخلصت من كل الكتب والموسيقى والممارسات التي ارتبطت بهذه الدورات. عدت لقراءة القرآن والاستماع للمحاضرات الدينية، ووجدت راحتي وسكينتي الحقيقية في القرب من الله والرضا بقضائه.
دروس وعبر من التجربة
- النجاح الحقيقي لا يأتي من وصفات سحرية أو دورات غامضة، بل من العمل الجاد، والتوكل على الله، والرضا بما قسمه الله لنا.
- الدورات التي تروج لمفاهيم الطاقة والكون غالباً ما تخلط الحق بالباطل، وتؤثر سلباً على العقيدة والنفسية.
- العودة إلى الله والتمسك بالدين هو الملاذ الحقيقي لكل من ضل الطريق.
- من المهم التحذير من هذه الدورات وعدم الانسياق وراء الإعلانات البراقة والوعود الكاذبة.
- لا تخجل من مشاركة تجربتك مع الآخرين، فقد تكون سبباً في إنقاذ شخص آخر من الوقوع في نفس الفخ.
رسالة أخيرة
لكل من يقرأ هذه الكلمات، لا تبحث عن السعادة والنجاح في طرق ملتوية أو وصفات سحرية. الطريق واضح: اعمل، اجتهد، وكن قريباً من الله، وارضَ بما قسمه الله لك. لا تجعل من ضياعك أو فشلك مدخلاً للوقوع في شِراك الدجالين والمضللين. دينك وعقيدتك هما أغلى ما تملك، فلا تفرط فيهما مهما كانت المغريات.
أسأل الله لي ولكم الثبات والهداية، وأن يرزقنا جميعاً السعادة الحقيقية في الدنيا والآخرة.
https://www.youtube.com/watch?v=6e7DirydfSg