تجربتي مع علوم الطاقة والتنمية الذاتية: رحلة من التيه إلى الهداية
في السنوات الأخيرة، انتشرت مفاهيم الطاقة والتنمية الذاتية بشكل واسع في مجتمعاتنا العربية، خاصة بين النساء والشباب. كثيرون دخلوا هذا المجال بهدف تحسين
في السنوات الأخيرة، انتشرت مفاهيم الطاقة والتنمية الذاتية بشكل واسع في مجتمعاتنا العربية، خاصة بين النساء والشباب. كثيرون دخلوا هذا المجال بهدف تحسين حياتهم، الوصول للسلام الداخلي، أو تحقيق النجاح والسعادة. لكن خلف هذه الشعارات البراقة، هناك تجارب واقعية تحمل في طياتها دروسًا عميقة، قد لا يدركها الكثيرون إلا بعد سنوات من المعاناة والبحث.
بداية الطريق: الفضول والرغبة في التغيير
تروي إحدى المشاركات في الحوار أنها بدأت رحلتها في عالم الطاقة بدافع الفضول والرغبة في تطوير الذات. كانت تتابع المدربين على وسائل التواصل الاجتماعي، تشارك في البثوث المجانية والمدفوعة، وتنفذ التمارين والتأملات بدقة. تقول:
"كنت أتابع المدربين ليل نهار، أطبق كل ما يقولونه. دخلت جلسات تأمل جماعية، وأغلقت باب غرفتي على نفسي، رغم أنني أم ولدي أطفال. كنت أظن أنني أسعى للسلام الداخلي، وأنني أحقق إنجازًا عظيمًا."
الأعراض الجانبية: ألم نفسي وجسدي
مع مرور الوقت، بدأت تظهر على هذه السيدة أعراض غريبة:
- ألم شديد في الرقبة استمر لشهرين بعد إحدى جلسات التأمل
- شعور دائم بالفراغ والضياع
- فتور في العبادة، وابتعاد تدريجي عن القرآن والصلاة
- اضطراب في العلاقات الأسرية، حتى وصلت إلى خلافات مع والدها وأقاربها
تقول: "كنت أظن أنني أرتقي في الوعي، وأنني أعيش تجربة روحية فريدة. لكن في الحقيقة، كنت أفقد ذاتي وأبتعد عن أسرتي وديني."
الشعارات البراقة: "نفسي ثم نفسي"
من الأمور اللافتة في خطاب بعض مدربي الطاقة، التركيز المفرط على الذات. تروي إحدى القصص عن مدربة طاقة كانت تردد قبل ممارسة الرياضة: "نفسي ثم نفسي ثم نفسي، ثم لا أحد". هذا النمط من التفكير يعزز الأنانية والانفصال عن المجتمع، ويخالف القيم الدينية والاجتماعية التي نشأنا عليها.
البدائل الزائفة: استبدال القيم الدينية بمفاهيم الطاقة
لاحظ المشاركون في الحوار أن بعض مدربي الطاقة يحاولون تفسير الأمور الدينية من منظور الطاقة، فيفسرون السنن النبوية أو العبادات على أنها مجرد "طقوس طاقية". بل ويشجعون على تفسير القرآن حسب الرغبات الشخصية، بعيدًا عن المنهج الصحيح.
يقول أحد المتحدثين: "بدأت أشعر أن هناك شيئًا خاطئًا عندما صاروا يقولون: اسأل الكون بدل أن تسأل الله، وفسر القرآن على كيفك، واصنع واقعك بإرادتك. أين الإيمان بالقضاء والقدر؟ أين التوكل على الله؟"
النتائج الحقيقية: لا إنجازات ملموسة
عند سؤال المشاركين عن الإنجازات الفعلية التي حققوها من خلال سنوات من ممارسة تقنيات الطاقة، كان الجواب غالبًا: "لا شيء".
- الأمنيات التي كتبوها لم تتحقق
- العلاقات لم تتحسن
- المشاكل النفسية والجسدية لم تُحل، بل زادت
- الأموال أُنفقت بلا فائدة، وبعض الدورات كانت باهظة الثمن
العودة إلى الفطرة والدين
بعد سنوات من التيه، بدأ البعض يشعر بالحنين إلى الفطرة السليمة والدين. تقول إحدى السيدات:
"كنت أقرأ القرآن يوميًا، وأحافظ على صلاتي، لكنني وقعت في الفخ. الآن، بعد أن تركت هذا الطريق، أشعر براحة عجيبة وطمأنينة. أدركت أن السعادة الحقيقية في القرب من الله، وليس في جلسات الطاقة أو التأملات الجماعية."
استهداف النساء وتفكيك الأسرة
أشارت بعض المشاركات إلى أن برامج الطاقة تستهدف النساء بشكل خاص، لأن المرأة هي عماد الأسرة. إذا ضاعت الأم، ضاع الأبناء، وتفككت الأسرة والمجتمع.
"كنت في الماضي أمًا، أختًا، جارة، إنسانة فاعلة في المجتمع. بعد الانغماس في الطاقة، أصبحت منعزلة، منشغلة بذاتي، وأشعر بفراغ داخلي لا يوصف."
نصائح للمقبلين على هذا الطريق
- احذر من الشعارات البراقة: ليس كل ما يلمع ذهبًا. كثير من هذه البرامج تستغل حاجتك للتغيير لتسويق دورات باهظة الثمن بلا نتائج حقيقية.
- تمسك بدينك وفطرتك: القيم الدينية والاجتماعية هي صمام الأمان. لا تسمح لأحد أن يفسر القرآن أو السنن النبوية حسب أهوائه.
- استشر أهل العلم: إذا راودك الشك، ارجع إلى العلماء الموثوقين، ولا تعتمد على مصادر مجهولة أو تجارب شخصية غير موثقة.
- لا تيأس من التوبة: باب التوبة مفتوح دائمًا، مهما طال الطريق أو عظمت الذنوب. الله أرحم بنا من أنفسنا.
- انشر الخير: إذا مررت بتجربة مماثلة، شارك قصتك، فقد تكون سببًا في هداية غيرك.
تأثير الإعلام والبرامج الموجهة
ناقش المشاركون أيضًا خطورة بعض برامج الأطفال، خاصة الأنمي، في زرع أفكار وقيم منافية للفطرة والدين. فالكثير من هذه الأعمال تخفي رسائل خطيرة تحت غطاء الترفيه، وتؤثر على هوية الطفل وانتمائه.
الختام: العودة إلى الجذور
تجربة الانخراط في علوم الطاقة والتنمية الذاتية قد تبدو مغرية في البداية، لكنها تحمل في طياتها مخاطر كبيرة على العقيدة، والصحة النفسية، والعلاقات الأسرية. الحل يكمن في العودة إلى الله، والتمسك بالقيم الأصيلة، وعدم الانجرار وراء كل جديد بلا تمحيص.
كما أن نشر الوعي، وتبادل الخبرات، والاستماع لتجارب الآخرين، يساعد في حماية المجتمع من هذه الموجات الفكرية الدخيلة. فكل كلمة طيبة، وكل نصيحة صادقة، قد تكون سببًا في هداية شخص وإنقاذ أسرة.
وأخيرًا، تذكروا: السعادة والطمأنينة الحقيقية ليست في الخارج، بل في القرب من الله، وفي العلاقات الصادقة، وفي أداء الحقوق والواجبات.
إذا كانت لديك تجربة مماثلة، لا تتردد في مشاركتها، فقد تكون سببًا في إنقاذ غيرك.
https://www.youtube.com/watch?v=2E-uw1JhiEc