تأصيل 1 : حقيقة الزوهريين

بقلم: قناة سحر اليوغا والطاقة في عالم يموج بالخرافات والأساطير، تبرز بين الحين والآخر مفاهيم ومصطلحات تثير الجدل بين الناس، خاصة عندما تتعلق بالدين أ

س
سحر اليوقا و الطاقة
يونيو 11,2025
5 دقائق
0

حقيقة الزوهريين: بين الخرافة والحقيقة

بقلم: قناة سحر اليوغا والطاقة

مقدمة

في عالم يموج بالخرافات والأساطير، تبرز بين الحين والآخر مفاهيم ومصطلحات تثير الجدل بين الناس، خاصة عندما تتعلق بالدين أو الروحانيات. من هذه المفاهيم "الزوهريين"، الذين يُقال عنهم إنهم أشخاص مميزون بصفات خارقة أو قدرات روحية غير عادية. في هذا المقال، سنناقش حقيقة الزوهريين، ونكشف جذور هذا المفهوم، ونوضح كيف تسللت هذه الفكرة إلى مجتمعاتنا، وما علاقتها بالتصوف والقبالة اليهودية.

من هم الزوهريون؟

يُشاع في بعض المجتمعات أن الزوهري هو شخص يولد بصفات جسدية أو روحية خاصة، مثل خطوط معينة في الكف، أو شق في اللسان، أو لون دم مختلف، أو بريق في العين، أو قدرات خارقة كمعرفة الغيب أو فك السحر. وتدور حولهم حكايات وأساطير، منها أن الجن يخافون منهم، أو أنهم قادرون على كشف الأسرار والكنوز، أو أنهم أولياء لله يتمتعون بكرامات لا تعطى لغيرهم.

لكن، هل لهذه الادعاءات أصل علمي أو ديني؟ وهل فعلاً هناك ما يسمى بالزوهريين في الإسلام أو في أي حضارة إنسانية قديمة؟

الزوهريون بين الحقيقة والخرافة

1.غياب الدليل العلمي والتاريخي

عند البحث في كتب التاريخ، والطب، والدين، لا نجد أي ذكر لمفهوم الزوهريين أو صفاتهم المزعومة. لا في الحضارات القديمة كالمصرية أو البابلية أو الإغريقية، ولا في كتب الطب العربي أو السحر، ولا في القرآن الكريم أو السنة النبوية، ولا حتى في أقوال الصحابة أو السلف الصالح.

حتى العلامات الجسدية التي يقال إنها تدل على الزوهري، مثل الخطوط في الكف أو شق اللسان أو لون الدم، كلها مجرد اختلالات جينية أو صفات بشرية عادية تظهر عند ملايين الناس حول العالم دون أن تعني شيئاً خارقاً.

2.الزوهري بين التصوف والقبالة اليهودية

عند تتبع أصل كلمة "زوهري" وفلسفتها، نجد أنها تعود إلى فلسفات غنوصية باطنية يهودية، وتحديداً إلى كتاب "الزوهار" في القبالة اليهودية. هذا الكتاب يتحدث عن "الأنوار الخفية" و"الكائنات المقدسة" التي تحمل أرواحاً مشعة، ويصفها بأنها تملك قوى روحية خاصة، وتستمد قوتها من رئيس الملائكة "ميتا ترون". هذه المفاهيم تم تحويرها لاحقاً في بعض البيئات الصوفية والمتصوفة، خاصة في شمال إفريقيا، وتم تسويقها على أنها كرامات أو ولايات خاصة لبعض الأشخاص.

3.كيف انتقلت الفكرة إلى مجتمعاتنا؟

انتشرت فكرة الزوهريين في شمال إفريقيا أولاً، ثم انتقلت إلى مصر، ثم بلاد الشام، ثم الحجاز، خاصة بعد دخول الفكر الفاطمي المتأثر بالقبالة اليهودية والغنوصية. ومع مرور الوقت، أضافت المدارس الصوفية والروحانية والسحرية "بهارات" خاصة بها، فظهرت علامات جديدة وأوصاف إضافية لم تذكر حتى في كتب القبالة الأصلية.

لماذا تنتشر هذه الخرافة؟

هناك عدة أسباب وراء انتشار خرافة الزوهريين:

  • الجهل وقلة العلم:غالباً ما تنتشر هذه الأفكار في البيئات التي يغيب عنها العلم الشرعي الصحيح، ويكثر فيها التصوف الشعبي والخرافات والأساطير.
  • الحاجة للتميز:بعض الناس، خاصة من يعانون من مشاكل نفسية أو اجتماعية أو يبحثون عن معنى لحياتهم، يجدون في هذه الفكرة نوعاً من "الانتشاء النفسي" والشعور بالتميز عن الآخرين.
  • استغلال السحرة والمشعوذين:يستغل السحرة والدجالون هذه الخرافة لجذب الضحايا، سواء للاستفادة المادية أو لتبرير ممارساتهم الشركية.
  • دور وسائل التواصل:مع انتشار الإنترنت ووسائل التواصل، أصبح من السهل ترويج هذه الأفكار عبر مقاطع الفيديو والمنتديات، مما زاد من انتشارها بين الناس.

ما هي مخاطر الإيمان بخرافة الزوهريين؟

  • فساد العقيدة:الإيمان بأن هناك من يعلم الغيب أو يملك كرامات خارقة لم يملكها حتى الأنبياء، هو انحراف خطير عن التوحيد الخالص.
  • الاستدراج الشيطاني:كثير من من يُقنعون بأنهم زوهريون يقعون في فخ الاستدراج الشيطاني، فيبدأ الشيطان يزين لهم رؤى وأحلاماً، ويرفع لديهم الإيجو، حتى يظنوا بأنهم على حق أو على اتصال خاص بالله أو الملائكة.
  • الأمراض النفسية:بعض ضحايا هذه الخرافة يصابون بهلاوس نفسية أو اضطرابات عقلية عميقة نتيجة تصديقهم لهذه الأوهام.
  • الاستغلال والابتزاز:كثير من السحرة والمشعوذين يستغلون هؤلاء الأشخاص ويقدمونهم كقرابين أو يبتزونهم مادياً أو معنوياً.

الرد العلمي والشرعي على خرافة الزوهريين

  • لا يوجد في القرآن أو السنة أو أقوال الصحابة ما يدل على وجود الزوهريين أو يثبت صفاتهم المزعومة.
  • كل العلامات الجسدية أو النفسية المذكورة عن الزوهريين هي مجرد صفات بشرية عادية أو اختلالات جينية لا تدل على أي تميز روحي أو خارق.
  • الإيمان بأن هناك من يعلم الغيب أو يملك كرامات خاصة هو شرك بالله وانحراف عن العقيدة الصحيحة.
  • من يدعي معرفة الغيب أو يبت في أمر إصابة أحد بالسحر أو المس أو الزوهريه دون رقية شرعية فهو كاهن أو عرّاف، وهذا محرم في الإسلام.

نصيحة للآباء والأبناء

إذا قيل لك أو لابنك أو ابنتك إنكم "زوهريون"، فلا تصدقوا هذه الخرافة. لا تجعلوا من أنفسكم ضحايا للسحرة والمشعوذين والدجالين. ابحثوا عن الحقيقة في كتاب الله وسنة نبيه، واستشيروا أهل العلم الثقات. لا تسلموا عقولكم ودينكم لهؤلاء المضللين، ولا تتركوا أنفسكم فريسة للجهل والخرافة.

خاتمة

خرافة الزوهريين ليست سوى نتاج فلسفات باطنية غنوصية يهودية، تسللت إلى بعض المجتمعات عبر التصوف الشعبي والفكر الفاطمي، ثم تغذت بالخرافات والأساطير. لا يوجد لها أصل في الإسلام أو في أي حضارة إنسانية عريقة. الإيمان بها خطر على العقيدة والعقل، وسبيل للاستدراج الشيطاني والاستغلال البشري. فلنحتكم دائماً إلى كتاب الله وسنة نبيه، ولنبتعد عن كل ما يخالف التوحيد والعقل السليم.

"يا أمة ضحكت من جهلها الأمم"لا تكن ممن يُضحك عليهم بالخرافات، بل كن من أهل البيان والدليل، أمة القرآن والسنة والعلم الصحيح.

اسأل سحر الطاقة

تحدث مع سحر الطاقة واحصل على إجابات لأسئلتك