🔵 تأصيل 1 : الرد على مدربة الطاقة سونيا التي أدعت تحضير أرواح الأنبياء ( يوسف وإسماعيل ودانيال )
في السنوات الأخيرة، انتشرت ظاهرة مدربي الطاقة والروحانيات بشكل واسع في العالم العربي، حيث يدّعي بعضهم امتلاك قدرات خارقة، مثل التواصل مع أرواح الأنبيا
الرد على مدربة الطاقة سونيا وادعاء تحضير أرواح الأنبياء: كشف الشعوذة وتوضيح الحقائق
مقدمة
في السنوات الأخيرة، انتشرت ظاهرة مدربي الطاقة والروحانيات بشكل واسع في العالم العربي، حيث يدّعي بعضهم امتلاك قدرات خارقة، مثل التواصل مع أرواح الأنبياء أو الأولياء أو حتى الكائنات الغيبية. من بين هذه الحالات المثيرة للجدل، ما قامت به مدربة الطاقة "سونيا" التي زعمت قدرتها على تحضير أرواح أنبياء مثل يوسف، إسماعيل، ودانيال، بل وجعلت من ذلك محتوى لجلسات على منصات التواصل الاجتماعي.
في هذا المقال، نستعرض تفاصيل هذه الادعاءات، ونكشف حقيقتها من منظور علمي وشرعي، ونوضح مخاطر الانسياق وراء مثل هذه الممارسات، مع الاستناد إلى آراء العلماء والدلائل الشرعية.
قصة الادعاء: كيف بدأت؟
ظهرت مدربة الطاقة "سونيا" في بث مباشر، تدّعي فيه أنها وسيط روحي تستطيع من خلاله تحضير أرواح الأنبياء والتحدث معهم، بل وتقديم نصائح للمشاهدين على لسانهم. وشرحت أن عملية التحضير تشبه التقاط موجات إذاعية، حيث يكون الوسيط الروحي كالراديو الذي يلتقط إشارات الأرواح من أماكن مختلفة.
خلال البث، زعمت أنها تواصلت مع أرواح الأنبياء يوسف وإسماعيل ودانيال، بل وأجرت معهم حوارات حول قضايا دينية واجتماعية. كما حاولت إقناع الجمهور أن هذه الممارسات جزء من علوم الباراسيكولوجي (ما وراء علم النفس)، وأنها طبيعية ومقبولة في بعض الثقافات الغربية.
تحليل الادعاءات: بين الشعوذة والعلوم الزائفة
ما هي الباراسيكولوجي؟
الباراسيكولوجي أو "ما وراء علم النفس" هو مجال يهتم بدراسة الظواهر الخارقة مثل التخاطر، تحريك الأشياء عن بعد، واستحضار الأرواح. نشأت هذه المدرسة الفكرية في أوروبا في القرن الخامس عشر، وتم تجديدها لاحقًا على يد دكتور بانكس، لكنها بقيت محاطة بالجدل العلمي، إذ لم تثبت أي من هذه الظواهر بشكل علمي موثق.
في الواقع، تعتمد الباراسيكولوجي على ممارسات روحية وسحرية مثل الجلسات الطقسية، استحضار الأرواح، استخدام الشاكرات، العين الثالثة، والإسقاط النجمي. وغالبًا ما يتم ربطها بالتواصل مع كيانات غير مرئية، والتي يُطلق عليها في بعض الأحيان "الأسياد الصاعدين" أو "المرشدين الروحيين"، وهي في حقيقتها - من منظور إسلامي - تواصل مع الجن والشياطين.
الوسيط الروحي: حقيقة أم خداع؟
يُعرّف الوسيط الروحي في هذه المدارس بأنه شخص يمتلك القدرة على التواصل مع الأرواح والكائنات الغيبية، ويعمل كقناة أو جسر بين العالمين. وغالبًا ما يُقدَّم هذا الشخص على أنه صاحب كرامات أو قدرات خاصة، ويستغل ذلك في التأثير على الناس، خاصة من يبحثون عن إجابات أو حلول لمشاكلهم.
في الواقع، هذه الممارسات ليست سوى نوع من أنواع السحر والشعوذة، حيث يتم استحضار الشياطين أو الجن، ويجري التلاعب بعقول الناس من خلال الإيحاءات، واستخدام الرموز الدينية كآيات القرآن أو أسماء الله الحسنى لإضفاء طابع شرعي على ما يقومون به.
الرد الشرعي: ماذا يقول الإسلام؟
التحذير من الكهانة والسحر
حذر النبي محمد ﷺ بشكل صريح من التعامل مع الكهانة والسحر وادعاء معرفة الغيب. فقد قال:
"من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد"(رواه أبو داود وابن ماجه وأحمد)
كما قال ﷺ:
"من أتى عرّافًا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يومًا"(صحيح مسلم)
بل إن من يصدق الكاهن أو العرّاف في ادعائه معرفة الغيب يخرج من دائرة الإسلام، كما جاء في الحديث:
"من أتى كاهنًا أو عرّافًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد"(رواه أحمد)
ادعاء التواصل مع أرواح الأنبياء: خرافة أم حقيقة؟
من الناحية الشرعية، لا يوجد أي دليل على إمكانية التواصل مع أرواح الأنبياء أو الأولياء بعد موتهم. بل إن الشريعة الإسلامية تؤكد أن عالم الغيب لا يعلمه إلا الله، وأن الشياطين قد تتلبس بأشخاص وتوهمهم بأنهم يتواصلون مع أرواح صالحة أو أنبياء، بينما هم في الحقيقة يتواصلون مع كيانات شيطانية.
السؤال الجوهري الذي يطرحه العلماء:كيف عرفت المدعية أن من تواصلت معه هو بالفعل نبي الله إسماعيل أو يوسف أو دانيال؟لا يوجد أي دليل أو شاهد، ولا يمكن التحقق من هوية هذه "الأرواح". بل إن الشيطان قد يتمثل بأي صورة ويوهم الإنسان بما يريد.
الفرق بين الكرامة والشعوذة
يحاول بعض مدربي الطاقة تبرير أفعالهم بأنها "كرامات" أو "علم خاص"، ويستشهدون بآيات من القرآن أو أحاديث، أو يظهرون بمظهر التدين والاحتشام. لكن العلماء يؤكدون أن الكرامة الحقيقية لا تتعارض مع نصوص الشريعة، ولا تتضمن ممارسات شركية أو تعامل مع الجن والشياطين.
كيف تميز بين الحق والباطل؟
في عصر انتشار المعلومات، من السهل الوقوع في فخ الخرافة والشعوذة، خاصة مع انتشار من يدّعون التدين أو العلم الروحي. إليك بعض النصائح العملية:
- الرجوع إلى أهل العلم الموثوقين:اسأل العلماء المعروفين بعلمهم واستقامتهم، ولا تكتفِ بالمظاهر أو الألقاب.
- التحقق من الدليل:كل ادعاء يحتاج إلى دليل شرعي أو علمي واضح. لا تصدق أي أمر غيبي أو خارق إلا إذا كان عليه دليل من القرآن أو السنة.
- الحذر من الخلط بين الدين والخرافة:كثير من مدربي الطاقة يخلطون بين الرموز الدينية والممارسات الوثنية لإضفاء الشرعية على ما يقومون به.
- عدم الانخداع بالمظاهر:قد يظهر المدعي بمظهر ديني أو يستخدم آيات قرآنية، لكن ذلك لا يبرر أفعاله إذا خالفت الشريعة.
- استخدام القنوات الرسمية للفتوى:يمكنك التواصل مع هيئات الإفتاء الرسمية عبر مواقعها أو تطبيقاتها للتحقق من صحة أي مسألة شرعية.
لماذا ينجذب الناس لهذه الممارسات؟
هناك عدة أسباب تجعل بعض الناس ينجذبون لمثل هذه الدعاوى، منها:
- الجهل الديني:ضعف المعرفة بالعقيدة الصحيحة يجعل البعض يبحث عن حلول سريعة أو خارقة لمشاكلهم.
- العاطفة الدينية:قد يستغل البعض مشاعر الناس الدينية في تمرير أفكارهم.
- الرغبة في الشفاء أو تحقيق الأمنيات:يلجأ البعض إلى هذه الطرق بحثًا عن الشفاء أو الرزق أو حل المشكلات المستعصية.
- التأثر بالثقافات الغربية:حيث تنتشر مثل هذه الممارسات في بعض المجتمعات الغربية، فيظن البعض أنها علمية أو مقبولة.
خلاصة وتوصيات
- ادعاء التواصل مع أرواح الأنبياء أو الأولياء هو ضرب من الخرافة والشعوذة، ولا أصل له في الدين الإسلامي.
- كل من يمارس هذه الطقوس أو يروج لها فهو واقع في السحر أو الشرك، ويجب الحذر منه وعدم تصديقه أو التعامل معه.
- الواجب على المسلمين الرجوع إلى العلماء الثقات، وعدم الانسياق وراء كل من يدّعي الكرامة أو العلم الروحي دون دليل.
- التحصن بالعلم الشرعي، وفهم العقيدة الصحيحة، هو السبيل الأمثل للوقاية من هذه الفتن.
- استخدام وسائل التواصل الرسمية مع العلماء وهيئات الإفتاء عند الشك في أي أمر ديني أو غيبي.
مصادر إضافية للتعلم
- موقع الإسلام سؤال وجواب
- موقع اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
- موقع الشيخ عبد العزيز بن باز
احذر من الخرافة، وكن واعيًا، ولا تجعل دينك وعقلك ألعوبة بيد المشعوذين والدجالين.