🔵 تأصيل : أبو فيصل عن حقيقة بوابة 11/11
في السنوات الأخيرة، انتشرت بين بعض الأوساط العربية مفاهيم غريبة تتعلق بما يُسمى "بوابة 11/11" أو "البوابات الطاقية"، حيث يُروج لها على أنها أيام ذات ط
حقيقة بوابة 11/11: بين الخرافة والواقع
في السنوات الأخيرة، انتشرت بين بعض الأوساط العربية مفاهيم غريبة تتعلق بما يُسمى "بوابة 11/11" أو "البوابات الطاقية"، حيث يُروج لها على أنها أيام ذات طاقة كونية عالية قادرة على تحقيق الأمنيات وجلب الرزق وتحقيق الأهداف بمجرد كتابة النوايا أو أداء طقوس معينة. في هذا المقال، نستعرض حقيقة هذه الظاهرة من منظور علمي وديني، ونكشف جذورها الفكرية، ونوضح خطورتها على العقيدة والفكر.
ما هي بوابة 11/11؟
يعتقد مروجو هذه الفكرة أن يوم 11 نوفمبر (11/11) هو يوم مميز كونيًا، حيث تفتح فيه "بوابة طاقية" تسمح بتجلي الأمنيات وتحقيق الأهداف. يُطلب من الأفراد في هذا اليوم كتابة نواياهم وأحلامهم، أو ممارسة طقوس معينة، بزعم أن الكون سيستجيب ويمنحهم ما يريدون.
هذا الاعتقاد ليس جديدًا في شكله العام، إذ يرتبط بفلسفات العصر الجديد (New Age)، التي تخلط بين الروحانيات الشرقية وبعض المعتقدات الغربية القديمة، وتمنح الأرقام والتواريخ قوى خارقة لا أصل لها في العلم أو الدين.
الجذور الفكرية لمفهوم بوابة 11/11
عند تتبع أصل هذه الفكرة، نجد أنها لم تكن موجودة في الديانات الشرقية الكبرى مثل البوذية أو الهندوسية، ولا في الحضارات القديمة مثل البابلية. حتى أكثر المعتقدات انحلالًا لم تمنح رقم 11/11 أي أهمية خاصة.
ظهرت هذه الأفكار مع مدارس العصر الجديد، التي تأسست على معتقدات باطنية وثنية قديمة، تعتقد في تأثير الأرقام والتواريخ على مصير الإنسان. روّج لهذه الأفكار فلاسفة وروحانيون غربيون معاصرون مثل إيكهارت تولي وديباك شوبرا وغيرهم، الذين ربطوا بين الأرقام والطاقات الكونية واليقظة الروحية.
خطورة الاعتقاد ببوابة 11/11
يشكل الاعتقاد ببوابة 11/11 خطرًا كبيرًا على العقيدة الإسلامية، إذ يُدخل المسلم في دائرة الشرك الأكبر، من خلال الإيمان بأن الكون أو الكواكب أو الأرقام يمكن أن تمنح الرزق أو تحقق الأمنيات من دون الله تعالى. وهذا يتعارض مع التوحيد الذي هو أساس الإسلام.
كما أن هذه الأفكار لم يقرها أي دين توحيدي، بل لم تجد حتى في الديانات الوثنية القديمة. حتى من يعبد البقر أو النار أو غيرها من المخلوقات لم يمنحوا رقم 11/11 هذه القداسة.
خداع العصر الجديد
يعمل مروجو العصر الجديد على ترسيخ هذه المعتقدات ليس فقط على مستوى الفكر، بل من خلال الممارسة والطقوس. فهم لا يكتفون بإقناع الناس بفكرة البوابة الطاقية، بل يدعونهم لممارسات عملية مثل كتابة النوايا أو أداء طقوس معينة في هذا اليوم، بزعم أن ذلك يجلب لهم الرزق أو الشفاء أو النجاح.
وقد وصل الأمر ببعضهم إلى الادعاء بأن الوحي يتنزل عليهم في هذا اليوم، وأنهم أنبياء أو رسل من دون الله، أو أن لديهم بصيرة وحكمة خاصة لا يمتلكها عامة الناس. وهذا من أخطر أنواع الغلو والادعاء الباطل.
غياب الدليل العلمي والديني
عند مطالبة مروجي هذه الأفكار بأدلة علمية أو دينية على صحة معتقداتهم، يعجزون عن تقديم أي دليل حقيقي. بل يلجأون إلى تفسيرات باطنية أو يدّعون أن هذه "أسرار خاصة" لا يفهمها إلا من وصل إلى درجة عالية من الوعي أو البصيرة.
العلم الحديث لم يثبت وجود أي طاقة كونية خاصة في يوم 11/11، ولم يثبت أن الأرقام أو التواريخ تؤثر في مصير الإنسان أو جيناته أو حياته. كما أن الدين الإسلامي يدعو الإنسان إلى التفكر في خلق الله، ويحثه على طلب الدليل والبرهان في كل أمر، ولا يقبل الإيمان بالخرافات أو الطقوس الوثنية.
مقارنة مع سيرة الصحابة والصالحين
عند مراجعة سيرة الصحابة والتابعين والصالحين من هذه الأمة، لم نجد أنهم كانوا يعتقدون بقدرة الأرقام أو التواريخ على تغيير مصائرهم، ولم يكونوا يدّعون معرفة الغيب أو امتلاك قوى خارقة. بل كانوا أهل عبادة وتقوى، يأخذون بالأسباب المشروعة، ويعتمدون على الله وحده في تحقيق آمالهم.
كيف نواجه هذه الخرافات؟
- طلب الدليل: يجب دائمًا مطالبة من يروج لهذه الأفكار بتقديم دليل علمي أو ديني واضح، وعدم قبول أي ادعاء بلا برهان.
- الرجوع للقرآن والسنة: العودة إلى مصادر الدين الصحيحة، والتفكر في دلائل وجود الله وعظمته من خلال خلقه، كما أمرنا الله في كتابه.
- الوعي بخطورة الشرك: إدراك أن الإيمان بأن غير الله يرزق أو يحقق الأمنيات هو من الشرك الأكبر الذي يُخرج من الملة.
- نشر العلم الصحيح: توعية الناس بخطورة هذه المعتقدات، وتصحيح المفاهيم المغلوطة، وبيان أن هذه الأفكار دخيلة على الإسلام والمجتمعات العربية.
خاتمة
ظاهرة بوابة 11/11 ليست سوى خرافة من خرافات العصر الجديد، لا أصل لها في العلم ولا في الدين. إن الإيمان بها أو ممارستها يوقع الإنسان في فخ الشرك والضلال، ويبعده عن التوحيد الخالص. واجبنا جميعًا أن نتمسك بالقرآن والسنة، ونحذر من كل ما يخالفهما، وأن نطلب الدليل في كل أمر، وألا ننجرف وراء الخرافات مهما كان بريقها.
نسأل الله أن يثبتنا على الحق، ويحفظنا من الفتن، ويهدينا إلى الصراط المستقيم.