🔵 تأصيل : حقيقة كتابة الأهداف للسنة الجديدة في الطاقة والوعي والتنجيم
مع اقتراب نهاية كل عام، تنتشر بين الناس عادة كتابة الأهداف للسنة الجديدة، سواء على الورق أو عبر ما يُسمى بـ"لوحة الأهداف". هذه العادة التي تبدو في ظاه
حقيقة كتابة الأهداف للسنة الجديدة بين الطاقة، الوعي، والتنجيم
مقدمة
مع اقتراب نهاية كل عام، تنتشر بين الناس عادة كتابة الأهداف للسنة الجديدة، سواء على الورق أو عبر ما يُسمى بـ"لوحة الأهداف". هذه العادة التي تبدو في ظاهرها وسيلة للتخطيط والتنظيم، أصبحت اليوم محوراً للجدل، خاصة مع ربطها بمفاهيم الطاقة، الوعي، والتنجيم في بعض المدارس الفكرية الحديثة. في هذا المقال، سنسلط الضوء على حقيقة هذه الممارسات، جذورها، وأثرها على الفرد والمجتمع، مع تفنيد الادعاءات المنتشرة حولها من منظور علمي وشرعي.
التخطيط وكتابة الأهداف: عادة إنسانية مشروعة
من الطبيعي أن يخطط الإنسان لحياته ويضع أهدافاً سنوية أو شهرية أو حتى يومية، بما يتناسب مع قدراته وواقعه وظروفه الاجتماعية والمالية. فكتابة الأهداف تساعد على التنظيم وتحفز على الإنجاز، وهناك مثل شهير يقول: "الحبر الضعيف خير من الذاكرة القوية". إذن، من حيث المبدأ، لا مشكلة في كتابة الأهداف أو وضع خطط مستقبلية، بل يُعد ذلك من حسن التدبير.
لكن، الشرط الأساسي هنا أن يكون التخطيط واقعياً، مناسباً للإمكانات، ومبنيًّا على التوكل على الله والأخذ بالأسباب المشروعة، دون الانجرار وراء أوهام أو ممارسات لا أساس لها من الصحة.
أين تكمن المشكلة في مدارس الطاقة والوعي؟
المشكلة الحقيقية تظهر حينما يتم ربط كتابة الأهداف بمفاهيم الطاقة، الوعي الكوني، التنجيم، أو ممارسات وثنية مستوردة من ثقافات وفلسفات شرقية وغربية. في هذه المدارس، يُصوَّر للناس أن الإنسان قادر على "خلق واقعه" والتحكم في أقداره وأرزاقه من خلال قوة الفكر، الذبذبات، التوكيدات، أو حتى عبر الاستعانة بالكواكب والأبراج والعناصر الأربعة.
هذا الطرح يحمل في طياته انحرافات خطيرة، منها:
- إضفاء صفات الألوهية على الإنسان:حيث يُزعم أن الإنسان "مستنير" أو "مستبصر" وقادر على معرفة الغيب أو التحكم في الكون.
- تجريد الإنسان من التوكل على الله:إذ يُقال له أن تحقيق الأهداف مرهون فقط بقوة عقله الباطن أو ذبذباته أو توكيداته، وليس بمشيئة الله.
- إدخال ممارسات وثنية مغلفة بغطاء علم النفس أو التنمية الذاتية:مثل ربط الأهداف بالأبراج، الكواكب، شحن الأحجار، أو أداء طقوس معينة في أوقات محددة مرتبطة بالسنة الميلادية.
الجذور التاريخية لفكرة "لوحة الأهداف" الطاقية
من المثير للاهتمام أن فكرة كتابة الأهداف للسنة الجديدة بهذه الطريقة ليست أصيلة في الفلسفات الشرقية التقليدية (كالبوذية أو الهندوسية)، بل هي ممارسة مستحدثة ظهرت مع حركة "العصر الجديد" (New Age) التي انتشرت في أوروبا وأمريكا، خاصة في ألمانيا وبريطانيا وأمريكا منذ منتصف القرن العشرين.
هذه الحركة قامت على دمج أفكار غنوصية، ماسونية، وثنية، مع بعض مفاهيم التنمية الذاتية الغربية، وأدخلت طقوساً جديدة مثل "لوحة الأهداف" السنوية، ربط الأهداف بحركة الكواكب، وشحن الأحجار، وغيرها من الممارسات التي لا علاقة لها لا بالعلم ولا بالدين.
لماذا تُكتب الأهداف في مدارس الطاقة بالسنة الميلادية؟
سؤال مهم: لماذا يُصرّ مدربو الطاقة والوعي على كتابة الأهداف في بداية السنة الميلادية وليس الهجرية أو في أيام مباركة كعرفة؟
الجواب يكمن في ارتباط هذه الطقوس بحركة الكواكب والأفلاك، حيث أن تجديد العهود والطقوس الوثنية في هذه المدارس يتم في نهاية السنة الميلادية، تماشياً مع تقاويم عبدة الشيطان والماسونية، وليس مع التقويم الإسلامي. حتى في السحر التقليدي الأسود، تُجدد العهود في نهاية السنة الميلادية، وليس الهجرية.
آلية استدراج الممارسين الجدد
غالباً ما يبدأ الاستدراج ببوست أو مقطع فيديو بسيط عن "كتابة الأهداف" أو "لوحة الأحلام"، فتدخل البنت أو الشاب بحسن نية، يظن أنه مجرد تخطيط للمستقبل. لكن سرعان ما يجد نفسه منجذباً إلى دورات الطاقة، كورسات التنظيف، التوكيدات، فتح الشاكرات، شحن الأحجار، وغيرها من الممارسات التي تزداد تعقيداً مع الوقت.
ومع تكرار الفشل في تحقيق الأهداف المرسومة بهذه الطريقة، يُقال للممارس أن المشكلة في "البلوكات"، "المعتقدات السلبية"، أو حتى في "اسمك" الذي يحتاج لتعديل أو شحن! وهكذا يدخل في دائرة لا تنتهي من الدورات والطقوس، دون أن يحقق شيئاً يُذكر.
الأثر النفسي والاجتماعي لهذه الممارسات
- الإحباط المتكرر:بعد كل دورة أو سنة جديدة، يكتشف الممارس أنه لم يحقق شيئاً، فيدخل في حالة من الإحباط والشك الذاتي.
- العزلة عن الأهل والمجتمع:يُقال له أن علاقاته القديمة "سلبية" وتعيق تطوره، فيبدأ بقطع الأرحام والابتعاد عن أهله وأصدقائه.
- الانغماس في الدورات والإنفاق المادي:يصبح الممارس أسيراً للمدربين، يدفع الأموال في دورات لا تنتهي، ويُستنزف مادياً ونفسياً.
- الانحراف العقدي:الأخطر من ذلك، أن هذه الممارسات قد تؤدي بالممارس إلى الشرك بالله أو الإلحاد الروحي الخفي، حين يؤمن أن الكون أو عقله الباطن هو من يحقق له الأرزاق والأقدار.
حقيقة "لوحة الأهداف" الطاقية: تجديد للعهد مع الشيطان!
من منظور شرعي، ما يُسمى بـ"لوحة الأهداف" أو كتابة الأهداف بالطريقة الطاقية ليس مجرد تخطيط بريء، بل هو في حقيقته تجديد لعهود وثنية بين الإنسان وإبليس، حيث يُسلّم الممارس أن الأفكار، المشاعر، التوكيدات، الذبذبات، والكواكب هي من تحقق له المشيئة والقدر من دون الله.
هذه اللوحة ليست مجرد ورقة أو صور، بل هي "تميمة" عصرية تؤمن بموجبها بالكارما، العناصر الأربعة، الكواكب، القوانين الكونية الهرمسية، الامتنان للكون، وتفعيل النية المرتبطة بالكوكب والبرج، وكلها ممارسات شركية لا تمت للإسلام بصلة.
نصيحة للمسلمين والمسلمات
- لا تدخلوا في هذه الدائرة الخطيرة:لا تنخدعوا بعبارات التنمية الذاتية أو علم النفس المغلفة بمصطلحات الطاقة والوعي والتنجيم.
- التخطيط مطلوب، لكن وفق منهج واقعي وشرعي:ضعوا أهدافكم بما يتناسب مع قدراتكم، توكلوا على الله، خذوا بالأسباب، ولا تربطوا تحقيق الأهداف إلا بمشيئة الله.
- احذروا من الدورات التي تروج للطاقة، الشاكرات، التوكيدات، أو ربط الأهداف بالكواكب والأبراج.
- عودوا إلى الله بتوبة صادقة:فالشرك بالله من أعظم الذنوب، ولا يغفر إلا بتوبة نصوح.
الخلاصة
كتابة الأهداف للسنة الجديدة عادة إنسانية جميلة إذا كانت مبنية على أسس صحيحة وواقعية، لكنها تصبح خطيرة إذا تم ربطها بمفاهيم الطاقة، الوعي الكوني، التنجيم، أو أي ممارسات وثنية. احذروا من الوقوع في هذه الفخاخ، وعودوا إلى الله وإلى الفطرة السليمة، فالرزق والأقدار بيد الله وحده، وليس بيد مدرب أو لوحة أو كوكب أو حجر.
قال تعالى:"أم من هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه بل لجوا في عتو ونفور" (الملك: 21)"وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله" (يونس: 107)
اللهم هل بلغت؟ اللهم فاشهد.