🔵 تأصيل : حقيقة قانون الإستحقاق

في السنوات الأخيرة، انتشر ما يُسمى بـ"قانون الاستحقاق" في مجالات التنمية البشرية، ومدارس الطاقة، وتطوير الذات، وحتى في بعض الدورات المتعلقة بالثراء وج

س
سحر اليوقا و الطاقة
يونيو 11,2025
5 دقائق
0

حقيقة قانون الاستحقاق: رؤية نقدية من منظور إسلامي

مقدمة

في السنوات الأخيرة، انتشر ما يُسمى بـ"قانون الاستحقاق" في مجالات التنمية البشرية، ومدارس الطاقة، وتطوير الذات، وحتى في بعض الدورات المتعلقة بالثراء وجذب الشريك. يُقدَّم هذا القانون على أنه سر النجاح، والوصول إلى الأهداف، وتحقيق الأمنيات. لكن خلف هذا البريق، هناك كثير من المفاهيم الخطيرة التي تتعارض مع العقيدة الإسلامية، والفطرة الإنسانية، والمنطق العلمي. في هذا المقال، سنكشف حقيقة قانون الاستحقاق، جذوره الفلسفية، آثاره النفسية والاجتماعية، وخطورته على الهوية الدينية والأسرية، مع توضيح الموقف الإسلامي الصحيح.

ما هو قانون الاستحقاق؟

يُعرَّف قانون الاستحقاق ببساطة: "الإنسان يجذب إلى حياته ما يشعر أنه يستحقه طاقياً، وليس ما يتمناه أو يعمل لأجله". أي أن النجاح، أو المال، أو الشريك، أو الصحة، كلها تأتي للإنسان إذا رفع "ترددات استحقاقه" وصدق داخلياً أنه يستحقها، بغض النظر عن العمل أو السعي أو الدعاء.

هذا المفهوم يُدرَّس في مدارس الطاقة والوعي، ويُربط بمصطلحات مثل "رفع الذبذبات"، "تنظيف المشاعر"، "جذب الوفرة"، "تحرير العار"، وغيرها من المصطلحات التي تبدو براقة، لكنها مستمدة من فلسفات غنوصية ووثنية قديمة.

الجذور الفلسفية لقانون الاستحقاق

قانون الاستحقاق ليس جديداً، بل هو امتداد لفلسفات غنوصية وهرموسية قديمة، وقوانين مثل "قانون الجذب"، و"قانون الكارما"، و"قوانين الكون السبعة". هذه الأفكار انتقلت من البوذية والهندوسية والطاوية والمصرية القديمة، وتم تغليفها في العصر الحديث بمصطلحات التنمية البشرية والطاقة، مع محاولة إعطائها غطاءً علمياً زائفاً.

في هذه الفلسفات، يُنظر إلى الكون على أنه "كيان طاقي واعٍ" يستجيب لترددات الإنسان، ويُعطيه ما يتناغم مع مشاعره وأفكاره، دون الحاجة لتدخل إلهي. وهذا يؤدي تدريجياً إلى إلغاء الإيمان بالقضاء والقدر، ونفي دور الله سبحانه وتعالى في الخلق والتدبير.

كيف يُمارَس قانون الاستحقاق؟

تُقدَّم ممارسات الاستحقاق في دورات ومدارس مختلفة، منها:

  • تأمل الشاكرات: خاصة شاكرة الجذر والقلب، بزعم أن فتحها يجلب الوفرة والحب.
  • توكيدات لفظية: مثل "أنا أستحق"، "أنا مغناطيس للمال"، "أنا جميلة".
  • طقوس الحمام الطاقي: باستخدام الملح والشموع لطرد الطاقات السلبية.
  • شحن الأحجار والكريستالات: وربطها بمراحل القمر لجذب الوفرة أو الحب.
  • سحر المرايا: التحدث مع الذات أمام المرايا، وكتابة عبارات عليها.
  • تمارين التنفس الطاقي: لتحرير "الانسدادات" ورفع الذبذبات.
  • رقصات التحرر: بزعم تحرير العار ورفع الاستحقاق، وهي طقوس شامانية قديمة.
  • كتابة النوايا وحرقها: كطقس لجذب الأهداف.
  • جلسات شفاء الطفولة والطفل الداخلي: بزعم تحرير الصدمات ورفع الاستحقاق.
  • تفعيل الذات العليا: الاتصال بما يُسمى "الذات العليا" أو "النموذج الإلهي الداخلي".

كل هذه الممارسات، رغم أنها تُقدَّم تحت عناوين براقة، إلا أن جذورها وثنية، وتؤسس لعقيدة باطنية خطيرة.

خطورة قانون الاستحقاق على العقيدة الإسلامية

  • شرك الربوبية: إذ يجعل الإنسان هو من يخلق واقعه، ويجذب رزقه، ويحقق أهدافه، دون مشيئة الله أو تقديره.
  • نفي القضاء والقدر: حيث يُعلَّق كل شيء على المشاعر والأفكار، وليس على مشيئة الله.
  • تعظيم الذات وتاليهها: من خلال توكيدات "أنا" (أنا أستحق، أنا أخلق، أنا مصدر كل شيء)، مما يقود للكبر والعجب، ويُشبه بمقولة إبليس "أنا خير منه".
  • ضرب الصبر والرضا والتوبة: حيث يُعتبر الصبر هدر طاقي، والرضا طاقة سلبية، والشعور بالذنب (الذي يدفع للتوبة) يُخفض الذبذبات!
  • إلغاء الحلال والحرام: بزعم أن إطلاق الأحكام يُخفض الاستحقاق، وأن الدين "قيد" يمنع الوفرة.
  • تشويه مفهوم النية: حيث تُحوَّل النية من محرك للعمل الصالح إلى قوة خارقة لجذب الواقع، في حين أن النية في الإسلام وسيلة لتزكية النفس وليست أداة لجذب الغيبيات.

التأثيرات الاجتماعية والنفسية لقانون الاستحقاق

  • تفكيك الأسرة: يُزرع في المرأة أن الزواج ليس مسؤولية أو تكليف، بل وسيلة لإشباع الاستحقاق، وأن الزوج أو الأبناء "عبء طاقي" يجب التخلص منه.
  • ضرب القيم المجتمعية: يُروج لفكرة أن الوطن والأسرة والدين قيود يجب التحرر منها، وأن الانتماء للوطن أو العائلة يعيق التوسع والوفرة.
  • تشجيع التمرد والطلاق: يُعتبر الطلاق وسيلة لتحرير الذات، والهروب من الأسرة أو المجتمع دليل على ارتفاع الاستحقاق.
  • العزلة والاضطراب النفسي: يصاب الممارس بالعزلة، القلق، الاكتئاب، تضارب الأفكار، ضعف التركيز، فقدان التوازن الديني.
  • الانفصال عن الدين: يبدأ الممارس بالتمرد على العبادات، الاستهانة بالصلاة والصوم، ويشعر أن الدين لا يتماشى مع "الاستحقاق".

كيف يتم التلاعب بالعقول؟

مدربو الطاقة والوعي يستخدمون تقنيات نفسية خفية، مثل البرمجة اللغوية العصبية، التنويم الإيحائي، الإيحاءات غير المباشرة، زرع أفكار الاستعلاء والأنانية، والتشكيك في القيم الدينية والاجتماعية. يُروجون لمفاهيم مثل "الاستقلال الجسدي"، "التحرر الجنسي"، "الاستقلال المالي"، ويزرعون فكرة أن كل من لا تملك قرار جسدها أو حياتها فهي "غير مستحقة".

قانون الاستحقاق والمرأة: تفكيك الدور الأسري

يُركز قانون الاستحقاق بشكل خاص على المرأة، ويُروج لمفاهيم مثل:

  • أنتِ كيان حر يُعاش من أجله: الأمومة ليست رسالة، بل عبء طاقي يجب التخلص منه.
  • العمل والاستقلال: الوظيفة هي من تحقق الذات، وليس بناء الأسرة أو تربية الأبناء.
  • التمرد على الزوج: القوامة تُعتبر تحكم ذكوري سام، ويجب التمرد عليها.
  • العلاقات الزوجية: يُعتبر الواجب الشرعي في العلاقة الزوجية "اغتصاباً طاقياً"، ويُروج لفكرة أن المرأة يجب أن تتلقى "طاقة مقدسة" فقط.
  • الطلاق والهروب: يُبرر الطلاق والهروب من الأسرة باسم الاستحقاق ورفع الذبذبات.

الأعراض النفسية والجسدية والشرعية لممارسي قانون الاستحقاق

  • نفسياً: عزلة، قلق، اضطراب عاطفي، شعور بالعظمة، اكتئاب.
  • جسدياً: إرهاق مزمن، اضطرابات نوم، آلام جسدية غير مفسرة، ضعف التركيز، فقدان الذاكرة.
  • شرعياً: انفصال عن الدين، الاستهانة بالعبادات، التمرد على التشريعات، ضعف الانتماء للأسرة والوطن.

موقف الإسلام من الاستحقاق

الإسلام لا يرفض فكرة أن الإنسان يسعى ويعمل ويتوكل على الله، بل يحث على ذلك، لكن يربط النتائج بمشيئة الله، ويؤمن بالقضاء والقدر. الاستحقاق في الإسلام مرتبط بالعمل الصالح، حسن التوكل، الدعاء، الاستغفار، الصدقة، وليس برفع الذبذبات أو النية المجردة للكون.

قال تعالى:"له مقاليد السماوات والأرض يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه بكل شيء عليم"وقال أيضاً:"وما يشاؤون إلا أن يشاء الله"

النية في الإسلام محرك للعمل الصالح، وليست قوة كونية تؤثر في المادة. والكرامة الإنسانية تكليف وتشريف، لا تعني أن الكون يعمل لأجل الإنسان، بل أن الإنسان مسؤول أمام الله عن عمله وسعيه.

الخلاصة

قانون الاستحقاق كما يُروج له في مدارس الطاقة والوعي ليس مجرد فكرة إيجابية أو تقنية نفسية، بل هو منظومة فلسفية باطنية وثنية، تهدم العقيدة الإسلامية من جذورها، وتفكك الأسرة والمجتمع، وتؤدي إلى اضطرابات نفسية وروحية خطيرة.

الحل هو العودة للفطرة السليمة، والتمسك بالعقيدة الصحيحة، والعمل الصالح، والتوكل على الله، والإيمان بالقضاء والقدر، وعدم الانجرار خلف الشعارات البراقة التي تخفي وراءها أفكاراً خطيرة على الدين والدنيا.

تذكر دائماً:الاستحقاق الحقيقي هو أن تعرف قدرك عند الله، وتسعى بما أمر، وترضى بما قسم، وتؤمن أن الخير كله بيد الله وحده، وليس بذبذبات أو طقوس أو توكيدات.

**بقلم: فريق سحر اليوغا والطاقة*

اسأل سحر الطاقة

تحدث مع سحر الطاقة واحصل على إجابات لأسئلتك