🔵 تأصيل : حقيقة طاقة الماء وبرمجته

في السنوات الأخيرة، انتشرت العديد من المفاهيم حول "طاقة الماء" و"برمجة الماء" في الأوساط الروحانية والتنموية، حتى أصبح البعض يروج لها كحقائق علمية أو

س
سحر اليوقا و الطاقة
يونيو 11,2025
5 دقائق
0

حقيقة طاقة الماء وبرمجته: بين الخرافة والعلم

مقدمة

في السنوات الأخيرة، انتشرت العديد من المفاهيم حول "طاقة الماء" و"برمجة الماء" في الأوساط الروحانية والتنموية، حتى أصبح البعض يروج لها كحقائق علمية أو دينية. في هذا المقال، سنناقش هذه الأفكار ونكشف حقيقتها من منظور علمي وشرعي، ونوضح كيف يتم استغلالها للتأثير على عقول الناس ومعتقداتهم.

أصل الفكرة: من أين جاءت خرافة طاقة الماء؟

يروج مدربو الطاقة والوعي، وبعض المنجمين وأتباع المدارس الميتافيزيقية، لفكرة أن الماء في جسم الإنسان يتأثر بالكواكب، خصوصًا القمر، وأنه يمكن "برمجته" بالأفكار والمشاعر والنوايا. يستندون في ذلك إلى ادعاءات مثل أن جسم الإنسان يتكون من 60-70% من الماء، وبما أن القمر يؤثر على البحار (المد والجزر)، فلا بد أنه يؤثر على الإنسان أيضًا.

هذه الفكرة ليست جديدة؛ بل هي امتداد لفلسفات روحية وثنية قديمة، مثل البوذية وبعض معتقدات الخيمياء، التي تعتقد أن العناصر الأربعة (الماء، النار، الهواء، التراب) تحمل طاقة يمكن التحكم بها وتوجيهها.

تجربة ماسارو إيموتو: العلم الزائف

أحد أشهر من روج لفكرة "ذاكرة الماء" هو الياباني ماسارو إيموتو، الذي ادعى أن بلورات الماء تتغير حسب الكلمات أو المشاعر التي توجه إليها. زعم أن الماء المخاطب بكلمات إيجابية يشكل بلورات جميلة، بينما يتشكل الماء المعرض لكلمات سلبية بشكل مشوه.

لكن الأوساط العلمية رفضت تجاربه بشكل قاطع، لعدة أسباب:

  • غياب المنهجية العلمية: لم تكن تجاربه قابلة للتكرار أو التحقق من قبل علماء آخرين.
  • التحيز الشخصي: اختيار الصور والنتائج كان ذاتيًا وغير خاضع لمراجعة علمية.
  • عدم النشر العلمي: لم تُنشر أبحاثه في أي مجلة علمية موثوقة.
  • تفسير علمي بديل: تشكل بلورات الماء يعتمد على درجة الحرارة، النقاء، وظروف التجميد، وليس على الكلمات أو المشاعر.

بالتالي، لا يوجد أي دليل علمي يثبت أن الماء يتأثر بالكلمات أو النوايا أو يمكن برمجته بأي شكل.

الرد العلمي: هل يؤثر القمر فعلًا على ماء أجسامنا؟

يدعي البعض أن جاذبية القمر التي تسبب المد والجزر في البحار تؤثر أيضًا على الماء في أجسامنا. لكن العلم يوضح الآتي:

  • تأثير الجاذبية القمرية: الجاذبية القمرية تؤثر فقط على الكتل المائية الضخمة كالمحيطات، وليس على كميات الماء الصغيرة مثل المسابح أو الماء في أجسامنا.
  • اختلاف التأثير بين الناس: لو كان القمر يؤثر على مشاعرنا أو حالتنا النفسية عبر الماء، لكان التأثير متساويًا على جميع البشر في نفس الوقت، وهو ما لا يحدث.
  • الماء في الجسم: الماء في جسم الإنسان ليس كائنًا حيًا أو له ذاكرة، بل هو وسيط لنقل العناصر الغذائية والفضلات فقط.

العلم يؤكد: لا يوجد أي دليل على أن القمر أو الكواكب تؤثر على الماء في أجسامنا أو على مشاعرنا وأحوالنا النفسية عبر الماء.

الرد الشرعي: موقف الإسلام من هذه المعتقدات

الإسلام ينهى عن التنجيم وادعاء معرفة الغيب أو تأثير الكواكب على الإنسان. قال النبي ﷺ: "من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر". كما أن القرآن الكريم يوضح أن القمر والشمس مخلوقات مسخرة لخدمة الإنسان، وليس لها أي تأثير غيبي أو روحي عليه.

أما مسألة "برمجة الماء" أو الاعتقاد أن قراءة القرآن أو الأذكار تغير من تركيب الماء فيزيائيًا أو تمنحه طاقة خاصة، فهي من الأمور التي لم يأت بها الشرع، ولا دليل عليها في الكتاب أو السنة.

كيف يتم استغلال هذه الخرافات؟

يستغل بعض المدربين هذه الأفكار للترويج لدورات وكتب وجلسات مدفوعة حول "برمجة الماء" و"تنظيف الشاكرات" و"التناغم مع القمر". بل وصل الأمر إلى بيع ماء "مشحون طاقيًا" أو "مشحون قمريًا"، وأحجار يزعمون أنها تؤثر على الجسد والمشاعر.

هذه الممارسات تستغل حاجة الناس للشفاء أو التغيير، وتدخلهم في حالة من الإيحاء الذاتي (Placebo)، فيظنون أن حياتهم تتحسن بسبب هذه الطقوس، بينما هي مجرد خداع نفسي لا علاقة له بالعلم أو الدين.

كيف نحمي أنفسنا وأبناءنا؟

  • التفكير النقدي: يجب أن نعود أنفسنا وأبناءنا على التفكير النقدي، وعدم تصديق أي فكرة دون دليل علمي أو شرعي واضح.
  • الرجوع لمصادر التلقي الصحيحة: القرآن والسنة بفهم الصحابة والعلماء الثقات، والعلم التجريبي القائم على الأدلة.
  • عدم الانجراف وراء كل جديد: ليس كل ما يروج له في وسائل التواصل أو الدورات الحديثة صحيحًا أو مفيدًا.
  • مواجهة الخرافة بالعلم: أي ادعاء غير مثبت يجب أن يمر بفلاتر العلم والمنطق، ولا نقبله إلا بالدليل.

أسئلة نقدية لكشف الخرافة

  • إذا كان الماء يتأثر بالكلمات، لماذا لا يتأثر بالموجات الكهرومغناطيسية أو الضوضاء حوله؟
  • إذا كان القمر يؤثر على الماء في أجسامنا، لماذا لا يتأثر الجميع بنفس الدرجة في نفس الوقت؟
  • لماذا لا يتحرك ماء الكأس أو المسبح عند اكتمال القمر كما يحدث في البحار؟
  • إذا كان الماء يحمل ذاكرة، لماذا لا نتأثر بمشاعر وأفكار من شربوا من نفس الماء قبل آلاف السنين؟

الخلاصة

فكرة "طاقة الماء" و"برمجة الماء" ليست سوى خرافة قديمة أعيد تغليفها في قالب حديث، وتروج باسم العلم أو الروحانيات. لا يوجد أي دليل علمي أو شرعي يدعمها. علينا أن نتمسك بمصادر التلقي الصحيحة، ونحذر من الوقوع في فخ هذه الأفكار التي تهدف إلى تغيير العقيدة والتلاعب بالعقول.

قال تعالى:"وسخر لكم الشمس والقمر دائبين"وقال النبي ﷺ:"إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله"

لنحذر من كل دعوة تخالف العقل والدين، ولنجعل من التفكير النقدي سلاحنا في مواجهة كل خرافة.

بقلم: فريق قناة سحر اليوغا والطاقة

اسأل سحر الطاقة

تحدث مع سحر الطاقة واحصل على إجابات لأسئلتك