كيف يستعبدك مدربو الطاقة؟ أسرار وأساليب العصر الجديد

مقدمة

في السنوات الأخيرة، انتشرت بشكل واسع دورات ومدارس الطاقة والتنمية الذاتية، وظهر العديد من المدربين الذين يدّعون امتلاكهم أسرار "الوعي" و"الطاقة الروحية" و"تحقيق الأحلام". لكن ما حقيقة هذه الدورات؟ وكيف استطاع هؤلاء المدربون استقطاب آلاف الشباب والفتيات، بل والسيطرة على عقولهم وأرواحهم وحتى عقيدتهم؟ في هذا المقال، سنكشف أسرار وخفايا هذا العالم، ونحلل الأساليب النفسية والاجتماعية التي يستخدمها مدربو الطاقة لاستعباد المتدربين، مع تسليط الضوء على المخاطر الدينية والفكرية والاجتماعية لهذه الممارسات.

لماذا يتشابه منهج مدربي الطاقة؟

عند التأمل في محتوى الدورات والكورسات التي يقدمها مدربو الطاقة والوعي، سنجد أن معظمها متشابه بشكل كبير، سواء في العناوين أو المصطلحات أو حتى الفلسفات المطروحة. قد تختلف الأسماء قليلًا، لكن الجوهر واحد، وكأن هناك "منهجًا" مكتوبًا يسير عليه الجميع. هذا التشابه ليس صدفة، بل هو نتيجة وجود مصادر فكرية وفلسفية عالمية تدعم وتروج لهذا التيار، أبرزها حركة "العصر الجديد" المدعومة من منظمات عالمية مثل الماسونية، والتي تهدف إلى نشر فلسفات ومعتقدات باطنية غنوصية بين الناس، وخاصة المسلمين.

من هم ضحايا مدربي الطاقة؟

الغالبية العظمى ممن يدخلون عالم الطاقة والوعي من أبناء وبنات المجتمعات العربية والإسلامية هم في الأصل أشخاص طيبون، أصحاب نوايا حسنة، لكنهم يعانون من مشاكل نفسية أو اجتماعية أو صحية أو اقتصادية، أو لديهم جهل ديني أو رغبة في التميز أو الفضول أو حتى رغبة في علاج أنفسهم أو أبنائهم. ومنهم من يبحث عن إجابات لأسئلة وجودية أو حلول سريعة لمشاكلهم، أو حتى عن علاقة عاطفية أو تحسين وضعهم المالي والاجتماعي. هذه الأرضية النفسية والاجتماعية تجعلهم فريسة سهلة لأساليب الاستقطاب والبرمجة التي يمارسها مدربو الطاقة.

أساليب السيطرة والاستعباد: كيف يتم الأمر؟

1.الاستعانة بالمشاهير والنخب

يستخدم المدربون أقوالًا أو شهادات لمشاهير وفنانين وأطباء وأكاديميين لإضفاء شرعية زائفة على ممارساتهم، مما يغري الناس بالانضمام إليهم.

2.التغليف بالدين والعلم

يتم ربط مفاهيم الطاقة والذبذبات والوعي بآيات قرآنية أو أحاديث أو مصطلحات علمية، لإيهام المتلقي بأن هذه الممارسات متوافقة مع الدين والعلم.

3.استغلال الحاجات النفسية والروحية

تُقدَّم هذه الدورات كحلول سريعة للاكتئاب والقلق والمشاكل الحياتية، وتُسوَّق على أنها علاج شامل وسحري.

4.اللعب على وتر الفضول والتميز

يُقال للمتدرب إن هذه العلوم "أسرار كونية" لا يعرفها إلا القلة المختارة، فيشعر بأنه مميز روحانيًا.

5.الكورسات المجانية والاستدراج

يبدأ الأمر بجلسات أو اختبارات مجانية، ثم يُستدرج المتدرب لدفع مبالغ كبيرة للكورسات المتقدمة.

6.التلاعب النفسي والعاطفي

يُستخدم أسلوب "العائلة الروحية" لفصل المتدرب عن أسرته، ويُشعر بأنه أخيرًا وجد من يفهمه ويهتم به.

7.التضليل وإبهار المتدرب

يتم شراء متابعين وهميين، ونشر قصص نجاح وهمية، وتصوير المدرب نفسه في حياة فارهة لإبهار المتابعين.

8.استغلال الجهل الديني والعلمي

يتم تمرير مفاهيم باطنية وفلسفية خطيرة مستغلين قلة الثقافة الدينية والعلمية للمتدربين.

9.الترغيب والترهيب

يُقال للمتدرب: إذا لم تكمل الكورس ستفقد فرصة عظيمة، وإذا أكملته ستحقق السعادة والثروة.

10.زرع الشكوك في الدين والمجتمع

يتم التشكيك في السنة النبوية والعلماء والمجتمع والأسرة، بل وحتى القرآن والعبادات، لعزل المتدرب فكريًا وروحيًا.

منهج مكتوب وأساليب ممنهجة

ما يفعله مدربو الطاقة ليس عشوائيًا، بل هو منهج مكتوب ومخطط له بدقة، يتضمن مئات الأساليب والبرمجيات النفسية والطقوس والشعارات، مثل:

• تغيير الهوية الدينية تدريجيًا:عبر إعادة تفسير النصوص الدينية وتأويلها بطرق باطنية غنوصية.
• زرع أفكار فلسفية خطيرة:مثل وحدة الوجود، وأن الله طاقة كونية، وأن الإنسان يمكن أن يصبح إلهًا أو يتحكم بالكون.
• استخدام رموز وتعويذات:عبر رسم رموز على الجسد أو ارتداء أساور أو استخدام كلمات سرية، وكلها تحمل معانٍ سحرية أو شيطانية.
• تشجيع ممارسات محرمة وخطرة:مثل الزنا الطاقي، التحرر من الحياء والدين، ممارسة طقوس جماعية مختلطة، أو حتى استخدام المخدرات بحجة "توسيع الوعي".
• استهداف الأطفال والمراهقين:عبر برامج وألعاب خاصة، واستغلال حبهم للخوارق والتميز.
• استنزاف مالي ممنهج:عبر رفع أسعار الدورات تدريجيًا، وبيع منتجات طاقية وهمية، واستغلال حاجة الناس للعلاج أو التطوير.

أدوات السيطرة العقلية والنفسية

• التنويم الإيحائي والبرمجة اللغوية العصبية:لتغيير قناعات المتدرب دون أن يشعر.
• التكرار والتعزيز:تكرار نفس العبارات والمفاهيم حتى تترسخ في العقل الباطن.
• الخيال الموجه:إدخال صور وأفكار في ذهن المتدرب عبر جلسات التأمل والتخيل.
• التحكم بالبيئة والعزلة الاجتماعية:تشجيع المتدرب على الابتعاد عن أسرته وأصدقائه، وقضاء وقته في طقوس ودورات لا تنتهي.
• زرع الخوف والتهديد:تخويف المتدرب من ترك الممارسات أو معاداة المدرب، وادعاء قدرات خارقة في إيذائه أو التأثير عليه.

النتائج الكارثية

كل هذه الأساليب تؤدي إلى:

• تدمير الهوية الدينية والعقائديةبشكل تدريجي.
• الاستعباد النفسي والروحي، وفقدان الإرادة والاستقلالية.
• الإصابة بأمراض نفسية حادة، والشعور الدائم بالقلق والخوف.
• الاستنزاف المالي والاجتماعي، وتدمير العلاقات الأسرية والاجتماعية.
• الوقوع في الشرك والكفر بالله دون وعي، عبر تبني فلسفات وثنية باطنية.

كيف نحمي أنفسنا وأبناءنا؟

• التوعية الدينية والعلمية:يجب نشر الوعي بحقيقة هذه الممارسات وخطرها على الدين والعقل والمجتمع.
• عدم الاستهانة بالضحايا:أغلب من وقعوا في هذا الفخ كانوا أصحاب نوايا طيبة، فلا نسخر منهم بل نوجههم بالحكمة والموعظة الحسنة.
• الرجوع للعلماء والمتخصصين:في أي أمر يتعلق بالعقيدة أو العلاج النفسي أو تطوير الذات.
• المتابعة الأسرية والتواصل الدائم:خاصة مع الأبناء والمراهقين، ومعرفة اهتماماتهم ومتابعة نشاطهم على الإنترنت.
• الدعاء واللجوء إلى الله:فالهداية والثبات من الله وحده.

خاتمة

إن ما يفعله مدربو الطاقة والوعي ليس مجرد دورات تطوير ذاتي، بل هو مشروع فكري وفلسفي خطير يهدف إلى تغيير عقيدة المسلمين وسلخهم عن دينهم وأسرهم ومجتمعهم، عبر أساليب نفسية وروحية معقدة ومدروسة. يجب علينا جميعًا أن نكون على وعي تام بهذه المخاطر، وأن نحصن أنفسنا وأبناءنا بالعلم والدين، وأن لا نستهين بأي انحراف أو ممارسات مشبوهة مهما بدت بسيطة أو مغلفة بشعارات براقة.

اللهم احفظ أبناءنا وبناتنا من كل شر، وثبتنا على الحق، وانصرنا على من يريد بنا وبأمتنا السوء.

المصادر:- قناة سحر اليوغا والطاقة – بث "تأصيل: كيف يستعبدونكم مدربين الطاقة ما هو السر؟"- خبرات وتجارب واقعية من ضحايا هذه الممارسات- دراسات علمية ونصائح من علماء الشريعة وعلم النفس

شارك المقال مع من تحب، وساهم في نشر الوعي.