🔵 تأصيل الجزء الأول : البندول حقيقته وأقسامه والرد على شبهاته
**الجزء الأول من سلسلة التأصيل العلمي والشرعي للبندول* في السنوات الأخيرة، انتشر استخدام البندول (Pendulum) في مجالات الطاقة والشفاء الروحي، وأصبح جز
البندول: حقيقته، أقسامه، والرد على شبهاته
**الجزء الأول من سلسلة التأصيل العلمي والشرعي للبندول*
مقدمة
في السنوات الأخيرة، انتشر استخدام البندول (Pendulum) في مجالات الطاقة والشفاء الروحي، وأصبح جزءًا من ممارسات يروج لها بعض المدربين تحت مسميات مثل "الوعي"، "الحدس"، و"الاستشفاء الطاقي". ومع هذا الانتشار، ظهرت العديد من التساؤلات والشبهات حول حقيقة البندول، أصله، استخداماته، وحكمه الشرعي. في هذا المقال، سنعرض تأصيلاً علمياً وشرعياً لموضوع البندول، ونكشف عن جذوره وخلفياته، مع الرد على أبرز الشبهات المتعلقة به.
ما هو البندول؟ وكيف يُستخدم؟
البندول هو أداة بسيطة تتكون غالبًا من قطعة معدنية أو حجرية معلقة بخيط أو سلسلة. يُستخدم بتحريكه فوق اليد أو مكان ما، مع توجيه أسئلة معينة، ويُعتقد أن حركته تعطي إجابات بنعم أو لا أو ربما، حسب اتجاه الاهتزاز أو الدوران.
انتشر البندول في مجتمعات الطاقة والشفاء الروحي كأداة يُزعم أنها تساعد على اتخاذ القرار، معرفة الغيب، تشخيص الأمراض، وحتى التواصل مع "المرشدين الروحيين" أو الأرواح. بل إن بعض الممارسين يعتبرونه "صلاة استخارة طاقية"، أي بديل عن الاستخارة الشرعية لله تعالى!
أصل البندول وتاريخه
البندول ليس اختراعًا حديثًا، بل له جذور ضاربة في القدم، حيث استخدمته الجماعات الباطنية والكهنة والسحرة في العصور القديمة كوسيلة للتواصل مع العوالم الروحية والجن. تطور شكله عبر العصور من العصي والخيوط إلى الأشكال المعدنية والكريستالية الحديثة. وارتبط استخدامه بممارسات الكهانة، التنجيم، السحر، والطقوس الوثنية، حيث كان يُعتقد أن البندول يستجيب لتأثيرات الأرواح والكيانات غير المرئية.
مع تطور العصر الحديث، حاول بعض المروجين للبندول ربطه بالعلم والفيزياء، مدعين أنه يعمل بالطاقة الكهرومغناطيسية أو الجاذبية الأرضية، أو أنه انعكاس للعقل الباطن. لكن عند التدقيق في الممارسات، نجد أن أصلها وثني وسحري بامتياز، وأن ما يُقال عن ارتباطه بالعلم مجرد غطاء لإضفاء الشرعية عليه.
أقسام وأشكال البندول
تتنوع أشكال البندول بحسب المواد المستخدمة والهدف من الاستخدام:
- البندول المعدني: غالبًا من النحاس أو الحديد، ويُعتقد أنه الأقوى في التواصل مع "الطاقات".
- البندول الكريستالي: يُزعم أنه يعزز الاتصال بالطاقات الروحية والعلاجية.
- البندول الخشبي أو البلاستيكي: يُستخدم لأغراض متنوعة حسب اعتقاد الممارس.
- السبحة والمبخرة: في بعض المدارس الباطنية، تُستخدم السبحة أو المبخرة كسلاسل بندول لذات الأغراض.
- الأسياخ المعدنية: تُستخدم للبحث عن المياه أو الكنوز، وتُعتبر من أدوات البندول في بعض الثقافات.
كل نوع من هذه الأنواع يُنسب إليه "طاقة" أو "ميزة" خاصة بحسب اعتقاد الممارسين.
شبهات حول البندول والرد عليها
1.هل البندول علم؟
يروج البعض أن البندول يعمل وفق قوانين الفيزياء أو أنه انعكاس للعقل الباطن. لكن عند تحليل طريقة الاستخدام، نجد أن الممارس يطلب من البندول الإجابة على أسئلة عن الغيب، الأقدار، الرزق، وحتى الموت! ويُشترط في الممارسة "النية" والتركيز، بل وتُستخدم طقوس مثل التبخير، الشموع، والرموز السحرية. كل ذلك يدل على أن الأمر ليس له علاقة بالعلم التجريبي، بل هو ممارسة وثنية أو سحرية تعتمد على استحضار الكيانات الروحية (الجن والشياطين).
2.هل البندول بديل لصلاة الاستخارة؟
يعتبر بعض المروجين للبندول أن استخدامه هو "صلاة استخارة طاقية"، أي بديل عن الاستخارة الشرعية لله تعالى. لكن الحقيقة أن الممارس لا يلجأ إلى الله ولا يستشير أهل العلم أو الثقة، بل يتوجه إلى البندول كـ"رب جديد" يعتقد أنه يحدد له مصيره وأقداره. وهذا انحراف خطير في العقيدة، إذ يُصرف التوكل والاستعانة من الله إلى أداة مادية أو كيان غير مرئي.
3.هل البندول يكشف الغيب؟
يُروج أن البندول يستطيع الإجابة عن أسئلة الماضي والحاضر والمستقبل. لكن عند التجربة، نجد أن إجاباته عن المستقبل غالبًا متضاربة أو غير واضحة، لأنه ببساطة لا أحد يعلم الغيب إلا الله سبحانه وتعالى. حتى الشياطين لا تعلم الغيب، كما ورد في قصة سيدنا سليمان عليه السلام:
"فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَىٰ مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ..." (سورة سبأ: 14)
4.هل البندول وسيلة علاجية؟
انتشر استخدام البندول في "تشخيص" الأمراض الروحية أو الجسدية، حتى بين بعض الرقاة أو المعالجين، حيث يُمرر البندول فوق جسد المريض أو صورته أو اسمه ليحدد مكان المرض أو نوع السحر أو العين! وهذا لا أصل له في الشرع ولا في الطب، بل هو من الخرافات والشعوذة.
البندول في المدارس الباطنية والوثنية
تستخدم جماعات السحر والويكا والهرمسية والكابالا البندول ضمن طقوسهم الدينية والسحرية لاستحضار الشياطين والتواصل مع الجن. ويُعتقد أن البندول يتأثر بـ"الطاقات الكونية" أو "الكيانات النورانية" أو "المرشدين الروحيين"، وكلها مسميات للجن والشياطين. كما يربطون البندول بـ"البندول الكوني" عند الصنم براهمان في الفلسفات الهندوسية، ويعتقدون أن الأحداث والأقدار تُرسل عبر "ترددات" من هذا المصدر إلى البندول الأرضي.
خطورة البندول على العقيدة
تكمن خطورة البندول في أنه يُخرج الإنسان من دائرة التوحيد الخالص لله، إلى دائرة الشرك والاستعانة بغير الله، سواء سُميت هذه الكيانات "طاقات"، "مرشدين"، "أرواح"، أو حتى "وعي كوني". فكلما زاد تعلق الممارس بالبندول واعتقاده بقدرته على كشف الغيب أو تحقيق الأماني، كلما ازداد شركه بالله، وتحولت نيته من التوكل على الله إلى التعلق بمخلوق أو ممارسة وثنية.
مظاهر خطيرة لممارسة البندول
- شحن الأغراض والأطعمة بالبندول: يعتقد البعض أن البندول يمكنه "شحن" الطعام أو الأشياء بطاقة إيجابية!
- استخدام البندول في اتخاذ القرارات المصيرية: مثل الزواج، العمل، السفر، وغيرها، دون استخارة الله أو مشورة أهل العلم.
- رسم الرموز السحرية: يُستخدم البندول لرسم رموز على الرمل أو الورق بزعم تفعيلها أو استحضار كيانات معينة.
- تطهير البندول بالبخور والملح: طقوس سحرية تُمارس قبل استخدام البندول لتطهيره من "الطاقات السلبية".
- الاعتماد على البندول في التشخيص والعلاج: سواء للأمراض الجسدية أو الروحية، وهو من الخرافات التي لا أصل لها في العلم أو الدين.
الرد الشرعي والعلمي
- العلم بالغيب: لا يعلم الغيب إلا الله، وكل من يدعي غير ذلك فهو كاذب أو يستعين بالجن والشياطين.
- الاستعانة بغير الله: الاستعانة بالجن أو الشياطين أو الكيانات غير المرئية شرك بالله، وقد حذر القرآن الكريم من ذلك.
- الخرافة والشعوذة: كل ما يُمارس في البندول من طقوس وتقاليد لا أصل لها في العلم ولا في الدين، بل هي من الشعوذة والسحر.
- البديل الصحيح: على المسلم أن يلجأ إلى الله في كل أمره، وأن يستعين بالاستخارة الشرعية، والمشورة مع أهل الثقة والعلم.
خلاصة
البندول ليس أداة علمية ولا وسيلة علاجية، بل هو ممارسة وثنية وسحرية تعود جذورها إلى الكهانة والشعوذة. كل ما يُقال عن ارتباطه بالطاقة أو الفيزياء أو العقل الباطن هو مجرد غطاء لإضفاء الشرعية على ممارسة شركية وخطيرة على العقيدة. الواجب على المسلم الحذر من هذه الممارسات، والرجوع إلى الله في كل أمره، وعدم الانخداع بما يروج له مدربو الطاقة أو المعالجون الروحيون.
نصيحة للقراء
إذا رأيتِ البندول في بيتك، أو مع أحد أبنائك أو معارفك، فاعلمي أن الأمر ليس مجرد أداة بريئة، بل هو مدخل لعالم الشعوذة والسحر والشرك بالله. واجبك التوعية، والنصح، والبحث عن الحكم الشرعي، وعدم الانخداع بالمظاهر أو الأسماء البراقة.
نسأل الله أن يحفظنا وإياكم من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يثبتنا على التوحيد الخالص.