🔵 تأصيل [ الجزء الأول ] القمر وفلسفاته الوثنية بالوعي والطاقة والتأملات وكيف أدخلوها على أبنائنا
في السنوات الأخيرة، انتشرت بين الشباب والفتيات العرب العديد من ممارسات التأمل والطاقة واليوغا، وغالبًا ما يتم الترويج لها باعتبارها علومًا حديثة أو طر
القمر وفلسفاته الوثنية: كيف دخلت إلى مدارس التأمل والطاقة ووعي أبنائنا؟
مقدمة
في السنوات الأخيرة، انتشرت بين الشباب والفتيات العرب العديد من ممارسات التأمل والطاقة واليوغا، وغالبًا ما يتم الترويج لها باعتبارها علومًا حديثة أو طرقًا لتطوير الذات وتحسين الصحة النفسية والجسدية. غير أن كثيرًا من هذه الممارسات تحمل في جوهرها جذورًا عقدية وفلسفية وثنية، تعود إلى حضارات قديمة مثل الهندوسية والبوذية، بل وتصل إلى حضارات البابليين والفراعنة والإغريق. من بين أبرز هذه الرموز:القمر، الذي تحول من مجرد مخلوق من مخلوقات الله إلى محور طقوس ومعتقدات روحية خطيرة.
في هذا المقال، سنكشف عن فلسفة القمر الوثنية، كيف تسللت إلى مدارس التأمل والطاقة، وما هي المخاطر العقدية والعلمية التي تهدد أبناءنا وبناتنا من خلال هذه الممارسات.
القمر في الحضارات القديمة: من مخلوق إلى إله
منذ آلاف السنين، ارتبط القمر في أذهان البشر بقوى خارقة وأسرار غامضة. عبدته حضارات عديدة، واعتبروه إلهًا أو رمزًا للأم الكبرى، ونسجوا حوله الأساطير والطقوس:
- الفراعنة: أطلقوا عليه أسماء مثل "سكوره" و"تحوت" و"خن".
- الإغريق: عبدوه باسم "أرتميس" و"سيليني".
- السومريون والبابليون: جعلوا من القمر إلهًا مركزيًا في معتقداتهم.
- الهندوس والبوذيون: ربطوا القمر بالمصدر الكلي "براهمان"، واعتبروه تجليًا للطاقة الأنثوية، وجعلوا لكل مرحلة من مراحل القمر طقوسًا وصلوات وقرابين خاصة.
هذه المعتقدات الوثنية لم تختفِ، بل أعيد إحياؤها في العصر الحديث تحت مسميات جديدة، مثل الطاقة، الوعي، التأمل، قانون الجذب، وغيرها.
كيف دخلت فلسفة القمر إلى مدارس التأمل والطاقة؟
مع انتشار اليوغا، التأمل، مدارس الطاقة، والعلاج بالشاكرات في العالم العربي، بدأت تظهر مفاهيم مثل "طاقة القمر"، "منازل القمر"، "أيام النحس"، "القمر والأنوثة"، وغيرها. يتم تقديم هذه المفاهيم على أنها علوم طبيعية أو أسرار كونية، بينما هي في حقيقتها امتداد لمعتقدات وثنية قديمة.
أبرز الممارسات المرتبطة بالقمر في مدارس التأمل والطاقة:
- تقديم القرابين والنذور: عبر طقوس أو عهود أو حتى أشياء رمزية (أحجار، شعر، عطور).
- تأمل الطفل الداخلي: موجه للقمر.
- قانون الجذب والتجلي: كثير من جلساته وتوكيداته موجهة للقمر.
- شحن الأحجار الكريمة والماء والملح: يُزعم أنها تتأثر بطاقة القمر.
- ممارسات اليوغا: بعض تمارين الإحماء مثل "تشاندرا ناماسكار" تسمى "صلاة القمر".
- حرق التوكيدات أو الطلاسم: يتم في أيام معينة من مراحل القمر.
- قص الشعر أو الأظافر ودفنها: في أيام محددة من منازل القمر.
- معتقدات حول تأثير القمر على السوائل في الجسم، المزاج، الخصوبة، وحتى الأرزاق والمصير.
كل هذه الممارسات تُغلف بغلاف علمي أو روحي، لكنها في الأصل طقوس وثنية تهدف إلى ربط الإنسان بعبادة القمر أو الاستعانة بأرواح يُزعم أنها تسكن القمر.
فلسفة القمر والأنوثة في الخيمياء والبوذية والهندوسية
ترمز الخيمياء القديمة إلى القمر بالأنوثة، ورمزها المعدني هو الفضة. ولهذا السبب، نجد كثيرًا من الطقوس المتعلقة بالقمر موجهة للنساء، مثل تقديم الشعر أو الأحجار أو حتى المشاعر كقرابين.
في الهندوسية، يُعتبر القمر تجليًا من تجليات الإله "براهمان"، ويُعتقد أن لكل مرحلة من مراحل القمر وعيًا خاصًا وطاقة روحية تختلف عن غيرها. ويُقسم الشهر القمري إلى مراحل، لكل منها طقوس، صلوات، ألوان، عطور، وأحجار خاصة.
أما في البوذية، فيُعتقد أن الأرواح تسكن القمر، وأن التواصل مع القمر أو تقديم القرابين له يحقق التوازن بين الطاقة الأنثوية والذكورية.
الخرافات العلمية حول القمر: ماذا يقول العلم الحديث؟
يشيع بين مروجي الطاقة والتأمل أن القمر يؤثر على السوائل في جسم الإنسان، والمزاج، والسلوك، وحتى الخصوبة. لكن ماذا يقول العلم؟
- دراسات علمية عديدة، مثل أبحاث البروفيسور إيفان كيلي، أثبتت أن العلاقة بين مراحل القمر والسلوك البشري أو الصحة النفسية والجسدية مجرد خرافة لا أساس لها من الصحة.
- عالم الفيزياء هاندريك أنتوني(حائز على نوبل) قال: "لقد قرأت ذلك في كتب السحر"، في إشارة إلى أن هذه المزاعم لا تعدو كونها خرافات قديمة.
- دراسات أخرىأوضحت أنه لو كان للقمر تأثير فعلي على البشر، لكان جميع البشر يتأثرون بنفس الدرجة في نفس الوقت، وهو ما لا يحدث أبدًا.
إذًا، كل ما يُقال عن تأثير القمر على الإنسان، خارج نطاق المد والجزر البحري، هو خرافة لا يدعمها أي دليل علمي.
مخاطر هذه الفلسفات على العقيدة الإسلامية
تكمن خطورة هذه الفلسفات في أنها تُدخل المسلم، أحيانًا دون علمه، في دائرة الشرك أو الممارسات الوثنية، مثل:
- تقديم النذور أو القرابين أو الطاعة لمخلوق من دون الله.
- ربط العبادات أو الأذكار أو حتى الأعمال اليومية بمراحل القمر، خارج ما ورد في السنة النبوية الصحيحة.
- الاعتقاد بأن القمر أو طاقته أو مراحله تتحكم في الأرزاق أو المشاعر أو المصير.
كل هذه المعتقدات تناقض التوحيد الخالص، وتخرج المسلم من دائرة الإسلام إلى دائرة الشرك أو البدعة.
كيف نحمي أبناءنا وبناتنا؟
- الوعي والتحقق: لا تقبل أي ممارسة أو معلومة دون بحث وتحقق من مصادرها العقدية والعلمية.
- الرجوع للعلم الشرعي: ما لم يرد في القرآن أو السنة الصحيحة حول القمر، فلا يجوز ربطه بالعبادات أو الطقوس.
- الحذر من المدربين والمروجين: كثير منهم يخلط بين الدين والعلم والطاقة، ويستخدمون ألفاظًا مثل "قال الله" و"قال الرسول" لتسويق ممارسات وثنية.
- التربية على التوحيد: تعليم الأبناء أن القمر مخلوق من مخلوقات الله، لا ينفع ولا يضر إلا بإذن الله.
- نقد الخرافات علميًا: تعليم الأبناء كيف يميزون بين العلم الحقيقي والخرافة، وكيف يستدلون بالدراسات العلمية الموثوقة.
الخلاصة
القمر مخلوق من مخلوقات الله، جعله الله آية من آياته في الكون، وليس إلهًا ولا مصدرًا للطاقة ولا حاكمًا للأرزاق أو المشاعر. كل ما يُروج له في مدارس الطاقة والتأمل حول القمر هو امتداد لعقائد وثنية قديمة، تسللت إلى مجتمعاتنا تحت غطاء العلم والتطوير الذاتي.
واجبنا كمسلمين أن نكون على وعي بهذه المخاطر، وأن نحمي أبناءنا من الوقوع في الشرك أو الخرافة، وأن نعود إلى كتاب الله وسنة رسوله في فهم الكون ومخلوقاته.
تذكر دائمًا:أي ممارسة أو طقس أو قانون يُربط بيوم أو مرحلة من مراحل القمر، ولم يرد به نص صحيح في الشريعة، فهو من بقايا الوثنيات القديمة، ولا يجوز للمسلم أن يتبعه أو يروج له.