🔵 تأصيل : مدربين الطاقة والوعي كهنة العصر الجديد
في السنوات الأخيرة، انتشرت موجة من مدربي الطاقة والوعي والتنمية الذاتية في العالم العربي، وأصبح لهم حضور قوي على منصات التواصل الاجتماعي. يقدم هؤلاء أ
مدربو الطاقة والوعي: كهنة العصر الجديد - كشف الحقائق وتجارب حقيقية
في السنوات الأخيرة، انتشرت موجة من مدربي الطاقة والوعي والتنمية الذاتية في العالم العربي، وأصبح لهم حضور قوي على منصات التواصل الاجتماعي. يقدم هؤلاء أنفسهم كمرشدين روحيين، ويزعمون امتلاكهم أسرار السعادة والنجاح والشفاء، بل ويتجاوزون ذلك إلى تقديم أنفسهم كمراجع في كل مجالات الحياة. في هذا المقال، نسلط الضوء على هذه الظاهرة، ونناقش مخاطرها من خلال شهادات وتجارب حقيقية، مع تحليل علمي وشرعي.
من هم مدربو الطاقة والوعي؟
مدربو الطاقة والوعي هم أشخاص يدّعون امتلاك قدرات خاصة أو معرفة عميقة بقوانين كونية وروحانية، ويقدمون دورات وورش عمل حول "الشفاء بالطاقة"، "قوانين الجذب"، "الوعي الذاتي"، وغيرها من المفاهيم المستوردة من ثقافات شرقية وغربية، وغالبًا ما يدمجونها بمصطلحات دينية أو علمية لجذب المتابعين.
لماذا يلقبهم البعض بـ"كهنة العصر الجديد"؟
لأنهم يضعون أنفسهم في مكانة "العارف بكل شيء"، ويجيبون عن كل سؤال ديني أو دنيوي، حتى في أمور الطب والصحة النفسية والقرارات الشخصية، ويستغلون حاجة الناس للطمأنينة أو حل المشكلات أو تجاوز الصدمات، فيقدمون لهم إجابات جاهزة، ويطلبون منهم التسليم والثقة العمياء.
كيف يبدأ الاستدراج؟ خطوات مدروسة
- استغلال الأزمات والصدمات:كثير من الداخلين لهذا المجال يبحثون عن حل لمشكلة نفسية أو أزمة فقد أو اكتئاب، فيجدون في مقاطع مدربي الطاقة كلمات مواساة وأمل، فينجذبون تدريجيًا.
- التشكيك في الدين والموروث:يبدأ المدرب بالتشكيك في السنة النبوية، ثم في التفاسير، ثم في الأحكام الفقهية، ويزعم أن الدين الصحيح هو ما يقدمه هو فقط.
- تقديم أنفسهم كمرجع مطلق:يصبح المدرب هو المرجع في كل شيء: الدين، الصحة، العلاقات، حتى تفاصيل الحياة اليومية.
- إدخال مفاهيم غريبة:مثل الشاكرات، التوكيدات، تناسخ الأرواح، الكارما، قوانين الجذب، ويدمجونها بآيات وأحاديث بتفسيرات باطنية.
- الانعزال عن الأسرة والمجتمع:مع الوقت، يشعر المتابع أنه مختلف عن أهله وأصدقائه، ويُبرمج على أن البر الحقيقي هو في اتباع المدرب، لا في بر الوالدين أو صلة الرحم.
- الابتزاز المالي والعاطفي:تُباع الدورات بأسعار باهظة، وتُربط "الترقية الروحية" بمزيد من الدورات والاشتراكات.
شهادات وتجارب حقيقية
تجربة "منال": من البحث عن العبادة الصحيحة إلى الضياع
تروي منال أنها دخلت عالم الطاقة بعد فقد عزيز عليها، ونصحها أحد الأصدقاء بمتابعة أحد أشهر المدربين. وجدت في البداية كلمات مواساة وأمل، ثم بدأت تتعمق في الدورات، وتدريجيًا:
- أنكرت السنة النبوية، وبدأت تشك في صحة الأحاديث.
- ابتعدت عن أسرتها، وفترت مشاعر البر والرحمة تجاه والديها.
- أصيبت بالاكتئاب وفقدان معنى الحياة، حتى وصلت لأفكار انتحارية.
- مارست التأملات والشاكرات، فشعرت بآثار جسدية ونفسية غريبة.
- ابتعدت عن الذكر والعبادات، حتى فقدت لذة الصلاة والدعاء.
تقول منال: "كنت أظن أنني أقترب من الله أكثر، لكنني فقدت كل شيء، حتى هويتي ومشاعري. لم أجد الراحة إلا بعد العودة للدين الصحيح والبحث عن العلم من مصادره الموثوقة".
تجربة "أروى": من تمارين "الطفل الداخلي" إلى الهلاوس والاكتئاب
أروى لم تكن تمارس الطاقة بعمق، لكن بعد تجربة تأمل "الطفل الداخلي" مع إحدى المدربات، بدأت تعاني من صداع نصفي وهلاوس ومشاكل نفسية، وتؤكد أن المدربين يدخلون للناس من باب "تصحيح الدين"، ثم يشككون في السنة والتفاسير، ويزرعون الشك في كل شيء.
التحليل: لماذا هذا الطريق خطير؟
- تأليه المدرب:يصبح المدرب في نظر المتابع "كائنًا خارقًا" يعرف كل شيء، ويحل كل المشاكل، ويُسلب المتابع إرادته وعقله.
- خلط الدين بالخرافة:يستخدم المدربون آيات وأحاديث بتفسيرات باطنية، ويخلطونها بمفاهيم وثنية أو شرقية، فيضيع الدين الصحيح.
- الآثار النفسية والجسدية:كثير من الممارسين ذكروا أعراضًا نفسية وجسدية خطيرة: اكتئاب، قلق، هلاوس، آلام جسدية، فقدان معنى الحياة.
- تدمير العلاقات الأسرية:يُبرمج المتابع على أن أسرته "مصدر طاقة سلبية"، ويُشجع على الانعزال أو حتى القطيعة.
- الابتزاز المالي:تُباع الدورات بأسعار خيالية، ويُقنع المتابع أن "الوفرة" ستأتي فقط إذا دفع المزيد.
الجذور الفكرية: من أين جاء هذا الفكر؟
أشار بعض الضيوف إلى أن هذه الموجة مستوردة من حركات العصر الجديد في الغرب (New Age)، التي أسستها شخصيات مثل هيلينا بلافاتسكي، وارتبطت بالماسونية والوثنيات القديمة. دخلت هذه الأفكار إلى العالم العربي تحت مسميات التنمية الذاتية والطاقة واليوغا، لكنها في حقيقتها تحمل عقائد باطنية خطيرة.
نصائح عملية لمن وقع في هذا الفخ
- ابحث عن الحق من مصادره:لا تأخذ دينك من مدرب أو مدربة على الإنترنت، بل اسأل العلماء الثقات، وارجع للقرآن والسنة بفهم الصحابة.
- لا تسلم عقلك لأحد:لا يوجد إنسان يعرف كل شيء، ومن يدّعي ذلك فهو دجال أو مخادع.
- احذر من خلط الدين بالخرافة:إذا سمعت تفسيرًا غريبًا لآية أو حديث، ابحث عنه في كتب التفسير المعتبرة.
- استشر المختصين في الطب والنفس:لا تستبدل العلاج الطبي أو النفسي بجلسات الطاقة أو التأملات غير الموثوقة.
- احذر من العزلة:حافظ على علاقاتك بأسرتك وأصدقائك، ولا تسمح لأحد أن يقطعك عنهم بحجة "الطاقة السلبية".
- تذكر أن التوبة بابها مفتوح:مهما كان عمق التجربة أو طولها، يمكنك العودة إلى الله، والتوبة الصادقة تمحو كل ما سبق.
كلمة أخيرة: العودة إلى الفطرة والوعي الحقيقي
كل التجارب والشهادات تؤكد أن الراحة النفسية والطمأنينة الحقيقية لا تأتي من دورات الطاقة أو مدربي الوعي، بل من العودة إلى الله ودينه الصحيح، ومن البحث عن العلم من مصادره الموثوقة، ومن الحفاظ على الفطرة السليمة والعقل النقدي.
لا تجعل من نفسك تابعًا أعمى لأي "كاهن" جديد، ولا تسلم دينك وعقلك لأي شخص مهما كان بليغًا أو مؤثرًا. ابحث، واسأل، وكن واعيًا، واثبت على الحق.
مصادر موثوقة للبحث:- القرآن الكريم وتفاسيره المعتمدة.- السنة النبوية وكتب الحديث الصحيحة.- العلماء الثقات في بلدك.- الاستشارة الطبية والنفسية من مختصين معتمدين.
ختامًا:نحن لا نهدف إلا لإنقاذ من وقع في هذا الفخ، وإعادة الناس إلى الفطرة والدين الصحيح، وحماية الأسر من التشتت والضياع. الباب مفتوح دائمًا للعودة، فلا تتردد في البحث عن الحق، وكن على يقين أن الله لا يضيع من لجأ إليه بصدق.
شارك هذا المقال مع من تحب، فقد يكون سببًا في إنقاذ نفس أو أسرة من هذا التيه.