🔵 تأصيل : من أهم البثوث القابلا اليهودية وعمقها العقدي بالوعي والطاقة والتأملات (الأستاذة/ ندى محمد)
**بقلم الأستاذة ندى محمد – قناة سحر اليوغا والطاقة* في عالمنا اليوم، تنتشر أفكار وممارسات الطاقة والتأمل والوعي الذاتي بشكل واسع، وغالبًا ما يتم تروي
تأصيل: القبّالة اليهودية وجذورها العقدية في الوعي والطاقة والتأملات
**بقلم الأستاذة ندى محمد – قناة سحر اليوغا والطاقة*
مقدمة
في عالمنا اليوم، تنتشر أفكار وممارسات الطاقة والتأمل والوعي الذاتي بشكل واسع، وغالبًا ما يتم ترويجها على أنها علوم أو طرق علاجية حديثة. لكن خلف هذه الممارسات جذور فلسفية ودينية عميقة، تعود إلى عقائد غنوصية ويهودية قديمة، أبرزها القبّالة (الكابالا) اليهودية. في هذا المقال، سنسلط الضوء على أصول القبّالة، وكيف تسللت إلى مدارس الطاقة والوعي المعاصرة، وما علاقتها بالفلسفات الشرقية كالهندوسية والبوذية.
ما هي القبّالة؟ وما علاقتها بالغنوصية؟
القبّالة هي منظومة فلسفية ودينية يهودية باطنية، تهدف لفهم أسرار الكون والعلاقة بين الإنسان والإله. نشأت القبّالة في أوساط اليهود، لكنها تأثرت بالفلسفات الباطنية القديمة، وامتزجت لاحقًا بالغنوصية (Gnosticism) التي تؤمن بأن المعرفة الحقيقية (الغنوص) هي طريق الخلاص.
تدّعي القبّالة وجود "حكمة خفية" لا يدركها إلا صفوة البشر، وأن هناك علومًا سرية تتوارثها الأجيال. من معتقداتها الأساسية أن الإنسان هو انعكاس للإله، وأن بداخله شرارة إلهية عليه اكتشافها وتفعيلها عبر طقوس وتأملات خاصة.
كيف انتقلت القبّالة إلى مدارس الطاقة والوعي؟
1.الثيوصوفية: الجسر بين الشرق والغرب
الثيوصوفية (Theosophy) حركة فلسفية ظهرت في القرن التاسع عشر، أسستها هيلينا بلافاتسكي وآخرون. حملت هذه الحركة على عاتقها توفيق وتوليف المعتقدات الباطنية الغربية (كالقبّالة) مع الفلسفات الشرقية (الهندوسية والبوذية).
ادّعت الثيوصوفية أن هناك حكمة خفية مشتركة بين جميع الأديان، وأن الإنسان يمكنه الوصول إليها عبر الحدس والتأمل، دون الحاجة للأنبياء أو الكتب المقدسة. ومن هنا بدأت أفكار الطاقة، والشاكرات، وقانون الجذب، وغيرها، تتسلل إلى المجتمعات الغربية، ثم إلى العالم الإسلامي.
2.دور الجمعيات السرية والفلاسفة
في عصر النهضة الأوروبية، أسهمت عائلات يهودية بارزة مثل عائلة "موريا" في نشر القبّالة عبر الأكاديميات السرية، مثل الأكاديمية الأفلاطونية الحديثة، التي كانت واجهة لنشر الأفكار الباطنية عبر الفنون والروايات والفلسفات.
لاحقًا، تطورت هذه الأفكار عبر جمعيات مثل "الأنثروposophia"، التي ساهمت في ظهور الطب الشمولي والروحاني، وانتشرت هذه الممارسات في الغرب ثم إلى العالم الإسلامي.
شجرة الحياة في القبّالة: أصل الشاكرات وفلسفات الطاقة
من المفاهيم المركزية في القبّالة "شجرة الحياة" (Tree of Life)، وهي رسم رمزي يوضح تجليات الإله في عشرة مستويات (سيفيروت)، كل منها يمثل صفة أو قوة كونية. هذه السيفيروت تقابلها تمامًا الشاكرات في الفلسفات الهندوسية، حيث يُعتقد أن الإنسان يحمل بداخله هذه المراكز الطاقية، وأن تفعيلها يمنحه قدرات خارقة أو "استنارة روحية".
تشرح القبّالة أن الكون نشأ من "نقطة" أو "ثقب أسود" خرج منه أول تجلٍ للإله (العقل الأول)، ومنه انبثقت الأنوار (الطاقات)، ثم حدث "انكماش" أو "تهشم للأوعية" (Shattering of the Vessels)، ما أدى إلى تشتت الشرارات الإلهية في العالم المادي. هنا يظهر مفهوم أن الإنسان يحمل "نفحة من روح الله" أو "نور إلهي" عليه اكتشافه وتفعيله.
فلسفة الوعي والاتحاد مع الإله
تؤمن الغنوصية والقبّالة أن الإنسان يمكنه الاتحاد مع الإله عبر رحلة روحية تتدرج من العالم المادي إلى العوالم النورانية، مرورًا بتفعيل الشاكرات أو السيفيروت. يُروج في مدارس الطاقة والوعي لفكرة "رفع الترددات" و"التناغم مع الكون" و"تحقيق التوازن بين طاقة الذكورة والأنوثة"، وكلها مفاهيم مستمدة من هذه العقائد الباطنية.
بل وتذهب بعض المذاهب إلى أن الهدف النهائي هو "إصلاح الخلل الكوني" عبر جمع الشرارات الإلهية المتناثرة، وأن الإنسان يشارك في "ولادة الإله" أو اكتماله! وهذا يتقاطع مع مفاهيم النيرفانا في البوذية والموكشا في الهندوسية.
الطفل الداخلي، الجسد النجمي، وتقسيمات النفس
من المفاهيم الشائعة في مدارس الطاقة فكرة "الطفل الداخلي" و"الجسد النجمي" و"الوعي الأعلى". هذه المفاهيم ليست علمية، بل مستمدة من تقسيمات الغنوصية للنفس والروح، حيث يُعتقد أن الإنسان يتكون من عدة أجساد (مادي، أثيري، نجمي، إلخ)، وأن المشاعر والرغبات تتحول لكيانات بعد الموت، وعلى الإنسان "تطهيرها" عبر جلسات التأمل والتنظيف الروحي.
نقد علمي وشرعي
كل ما سبق من أفكار وممارسات لا يستند إلى علم تجريبي حقيقي، ولا إلى الدين الإسلامي أو أي دين سماوي صحيح. بل هي خرافات باطنية، تؤدي إلى الانحراف عن الفطرة والتوحيد، وتفتح الباب للانحرافات الفكرية والسلوكية، بل وحتى الإلحاد الروحي.
من المهم أن يدرك المسلم أن مفاهيم مثل "طاقات الذكورة والأنوثة"، "توازن الطاقات"، "رفع الترددات"، "الاتحاد مع الكون"، ليست سوى شعارات براقة تخفي وراءها عقائد وثنية غنوصية، هدفها إبعاد الإنسان عن التوحيد الخالص.
كيف تسللت هذه الأفكار إلى المسلمين؟
انتشرت هذه الممارسات عبر:
- برامج التنمية البشريةومدربي الطاقة والوعي، الذين يروجون لمفاهيم مثل "خلق الواقع"، و"قانون الجذب"، و"الاستنارة الروحية".
- اليوغا والتأمل، حيث يتم ربط الجلسات بفتح الشاكرات وتفعيل الطاقات.
- الطب الشمولي والبديل، الذي يخلط بين العلاج النفسي والعقائد الباطنية.
- وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تنتشر فيديوهات ومدونات تروج لهذه الأفكار تحت غطاء العلم أو التنمية الذاتية.
الخلاصة
إن فهم جذور القبّالة والغنوصية وأثرها في فلسفات الطاقة والوعي المعاصرة، يكشف لنا أن كثيرًا مما يُطرح اليوم تحت مسمى "علم الطاقة" أو "الاستنارة الروحية" هو في حقيقته امتداد لعقائد باطنية قديمة، لا تمت للعلم ولا للدين الصحيح بصلة.
على المسلم أن يتحرى العلم الصحيح، ويعتز بتوحيده، ولا ينخدع بالشعارات البراقة التي تخفي وراءها انحرافات فكرية وعقدية خطيرة.
دعوة للتأمل والبحث
في النهاية، ندعو كل قارئ وقارئة إلى التثبت والتحري قبل ممارسة أو تبني أي فلسفة أو نشاط روحي. اسأل عن مصدرها، وعن حقيقتها، وقارنها بتعاليم دينك وعقيدتك. فالعلم الحقيقي لا يتعارض مع الفطرة، والدين الصحيح لا يحتاج إلى طقوس باطنية أو خرافات لتقوية الروح أو شفاء النفس.
نسأل الله أن ينير بصائرنا، ويحفظنا من الفتن، ويثبتنا على الحق.
**للمزيد من الحلقات والمقالات حول كشف جذور الممارسات الباطنية في الطاقة والوعي، تابعوا قناة "سحر اليوغا والطاقة".*