قانون النية: بين المفهوم الإسلامي والشبهات الطاقية

بقلم: قناة سحر اليوغا والطاقة

مقدمة

في عالم اليوم، تنتشر مفاهيم التنمية الذاتية والوعي والطاقات الروحية بشكل كبير، ويبرز من بينها ما يسمى بـ"قانون النية". كثيرون يروجون لهذا القانون باعتباره سرًا لتحقيق الأهداف وجذب الفرص وتحسين الحياة، ويستشهدون له بأحاديث نبوية وآيات قرآنية. لكن، هل فعلاً يتوافق مفهوم النية في هذه الممارسات مع ما جاء في الإسلام؟ أم أن هناك خلطًا وتدليسًا يوقع المسلم في شبهات خطيرة تمس عقيدته؟

في هذا المقال، سنقوم بتأصيل مفهوم النية في الإسلام، ونكشف الفروق الجوهرية بينه وبين ما يُسمى بقانون النية في مدارس الوعي والطاقة، ونوضح كيف يتم التلاعب بالمصطلحات والنصوص لتمرير أفكار دخيلة على الدين.

تعريف النية في الإسلام

النية في الإسلام هي أساس قبول الأعمال، وهي أمر قلبي خالص يوجه العمل لله سبحانه وتعالى. يقول النبي صلى الله عليه وسلم:"إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى."وقد أجمع العلماء على أن النية شرط لصحة جميع العبادات والطاعات، كما قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله.

النية في الإسلام محلها القلب، ولا يُشترط التلفظ بها إلا في بعض العبادات كالحج، وحتى ذلك فيه خلاف بين العلماء. المهم أن تكون النية صادقة وخالصة لله، وأن يكون العمل موافقًا لما شرعه الله ورسوله.

كيف يتم التلاعب بمفهوم النية؟

في مدارس الطاقة والوعي، يتم خلط المفاهيم الشرعية بمصطلحات فلسفية وروحانية غريبة، ويتم تسويق "قانون النية" على أنه امتداد لما جاء في الإسلام. إليك أبرز طرق التلاعب:

1.الخلط بين النية الشرعية والنية الطاقية

• النية في الإسلام:توجه القلب لله في العبادات والطاعات.
• النية في الطاقة:تركيز عقلي وروحي لتحقيق أهداف دنيوية وشخصية، وغالبًا ما توجه للكون أو للنفس وليس لله.

2.ربط النية بالنتائج الدنيوية

يربط المدربون النية بتحقيق النجاح الدنيوي، ويعتبرون أن النتائج هي المعيار لمشروعية النية، بينما في الإسلام النية مرتبطة برضا الله، وليس بتحقيق الأهداف الدنيوية.

3.توظيف لغة الدين

يتم استخدام كلمات مثل "النية"، "الإيمان"، "التوكل" في سياق ممارسات وثنية أو فلسفية، مع اقتباس نصوص شرعية خارج سياقها، لإضفاء الشرعية على هذه الممارسات.

4.اللعب على النصوص

يتم اقتطاع آيات أو أحاديث، أو دمجها مع عبارات فلسفية أو علمية، لتمرير مفاهيم دخيلة، مثل الاستشهاد بحديث "إنما الأعمال بالنيات" في سياق جذب المال أو الشفاء أو تحقيق الرغبات الدنيوية.

الفروق الجوهرية بين النية في الإسلام وقانون النية الطاقي

شبهات حول قانون النية وكيفية الرد عليها

• هل النية وحدها تحقق الأهداف الدنيوية؟
• في الإسلام، تحقيق الأهداف الدنيوية مرتبط بالسعي، والعمل الجاد، والتوكل على الله، وليس بمجرد النية أو التفكير الإيجابي.
• هل يجوز توجيه النية للكون أو الكيانات الروحية؟
• لا، النية في الإسلام لا تُصرف إلا لله وحده. توجيه النية للكون أو غيره من المخلوقات شرك بالله.
• هل الأفكار والمشاعر تصدر ترددات تؤثر على الواقع؟
• لا يوجد دليل علمي أو شرعي على أن الأفكار والمشاعر تخلق ترددات تغير الواقع. هذه مفاهيم مأخوذة من الفلسفات الوثنية والباطنية.
• هل يمكن تحويل العادات إلى عبادات بالنية؟
• نعم، في الإسلام يمكن تحويل العادات إلى عبادات إذا أُريد بها وجه الله، مثل الأكل بنية التقوي على الطاعة. لكن لا يجوز تحويل الطقوس الوثنية إلى عبادات بمجرد النية.

خطورة التلاعب بمفهوم النية

• ضرب التوحيد:تحويل النية من الله إلى الكون أو النفس يُعد ضربًا لعقيدة التوحيد.
• إدخال الشرك:كثير من ممارسات الطاقة والوعي تتضمن استدعاء كيانات روحية أو التعامل مع الشياطين، وهذا باب من أبواب الشرك.
• تضييع الدين:الاعتماد على قانون النية الطاقي يبعد المسلم عن فهم دينه الصحيح، ويجعله عرضة للبدع والانحرافات.

كيف نحمي أنفسنا وأبناءنا؟

• الرجوع للعلماء:في كل أمر يخص العقيدة والعبادات، يجب الرجوع للعلماء الثقات وعدم الأخذ من مدربي الطاقة والوعي.
• فهم النصوص في سياقها:لا يجوز اقتطاع النصوص الشرعية أو تفسيرها بما يخالف منهج السلف الصالح.
• التحقق من مصادر العلم:يجب التفريق بين العلوم التجريبية الحقيقية وبين الفلسفات الباطنية والوثنية.
• تعزيز التوحيد:تربية النفس والأبناء على أن الله وحده هو الرزاق، الشافي، المعطي، وأن الكون مخلوق مسخر بأمر الله.

خلاصة

النية في الإسلام مفهوم عظيم وجليل، وهي أساس قبول العمل عند الله، ولا يجوز الخلط بينها وبين مفاهيم قانون النية في مدارس الطاقة والوعي. كل ما يُروج له من أن النية وحدها تحقق الأهداف أو أن الكون يستجيب لتردداتك هو من الفلسفات الوثنية الباطنية التي تتعارض مع التوحيد الخالص.

فلنحذر من هذه الشبهات، ولنتمسك بعقيدتنا الصافية، ولنجعل نياتنا وأعمالنا خالصة لله وحده، ونسأل الله أن يثبتنا وإياكم على الحق، ويرد أبناء المسلمين إلى دينهم رداً جميلاً.

"اللهم أرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبسًا علينا فنضل."

للمزيد من الشرح والتفصيل، تابعوا قناة سحر اليوغا والطاقة على اليوتيوب.