🔵 تأصيل : قطع الأحبال الأثيرية وفك التعلق

في السنوات الأخيرة، انتشرت بين الشباب والفتيات المسلمين ممارسات غريبة تحت مسميات مثل "قطع الأحبال الأثيرية" و"فك التعلق"، والتي يُروَّج لها على أنها ت

س
سحر اليوقا و الطاقة
يونيو 11,2025
5 دقائق
0

تأصيل: قطع الأحبال الأثيرية وفك التعلق - حقيقة الممارسة وخطورتها

مقدمة

في السنوات الأخيرة، انتشرت بين الشباب والفتيات المسلمين ممارسات غريبة تحت مسميات مثل "قطع الأحبال الأثيرية" و"فك التعلق"، والتي يُروَّج لها على أنها تمارين للتحرر النفسي والطاقي، وتُقدَّم ضمن دورات الطاقة والوعي المنتشرة عبر الإنترنت. للأسف، وقع ملايين من أبنائنا وبناتنا في فخ هذه الممارسات دون إدراك حقيقتها أو خطورتها الشرعية والعقلية والنفسية.

في هذا المقال، سنكشف حقيقة هذه الممارسات، جذورها، أهدافها الخفية، آثارها السلبية، وكيفية الوقاية والعلاج منها، مستندين إلى العلم والدين والعقل.

ما هي "قطع الأحبال الأثيرية" وفك التعلق؟

يُروَّج لهذه الممارسة على أنها وسيلة لتحرير النفس من العلاقات السامة أو المشاعر السلبية المتعلقة بالآخرين (أم، أب، زوج، صديق، إلخ). ويُقال إن هناك "أحبالًا أثيرية" تربط بين الأشخاص على مستوى طاقي أو روحي، وأن قطعها يساعد على التحرر من تأثيرهم السلبي.

تُنفَّذ هذه الممارسة غالبًا عبر جلسات تأمل وتخيل، يُطلب فيها من الشخص أن يتخيل حبلًا يربطه بآخرين، ثم يتخيل قطعه بسيف أو مقص أو ضوء، مع ترديد نوايا أو عبارات معينة، وأحيانًا باستخدام الشموع أو البخور أو الأحجار الكريمة.

الجذور الحقيقية للممارسة

هذه الممارسات ليست وليدة اليوم، بل لها جذور عميقة في الفلسفات الوثنية القديمة، خاصة في السحر الشاماني، والخيمياء، وبعض طقوس الهندوسية والبوذية. كانت هذه الطقوس تُمارَس قديمًا بين السحرة والكهنة، ولم تكن أبدًا ضمن تعاليم الأديان السماوية.

في العصر الحديث، أعيد تغليف هذه الطقوس بمصطلحات "علمية" أو "نفسية" أو "طاقية" لتبدو بريئة وجذابة، وتم ربطها بمفاهيم مثل "العقل الباطن" و"التحرر من الصدمات" و"العلاقات السامة". لكن في حقيقتها، هي استحضار لأفكار وطقوس شركية وسحرية.

كيف يتم التلاعب بالممارس؟

يقوم مدربو الطاقة والوعي بإقناع المتدربين أن هناك جسدًا أثيريًا وروابط طاقية غير مرئية تربطهم بالآخرين، وأن عليهم قطع هذه الروابط لتحقيق الشفاء أو التحرر. ويتم النفخ في "الأنا" (الإيغو) لدى الممارس، فيقال له إنه من "عمال النور" أو "المستبصرين" الذين يملكون قدرات خاصة.

كما يتم ربط هذه الممارسات بمفاهيم مثل "العائلة الروحية" و"توأم الشعلة" و"الوعي الكوني"، لإضفاء هالة من العمق والغموض عليها، وجعل الممارس يعتقد أنه يرتقي روحانيًا.

المخاطر الشرعية والعقلية والنفسية

  • شرعيًا: هذه الممارسات تدخل في باب السحر والشرك، لأنها تتضمن استدعاء الكيانات الروحية (التي يُزعم أنها ملائكة أو أرواح حكماء، والحقيقة أنها شياطين)، واستخدام تعاويذ ونوايا لفتح "بوابات" للاتصال بعوالم غيبية. وقد حذر القرآن الكريم من السحر وأثره في التفريق بين الناس، كما في قوله تعالى:"وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر..." (البقرة: 102)
  • عقليًا: لا يوجد أي دليل علمي على وجود "أحبال أثيرية" أو "جسد أثيري". كل ما يُقال عن هذه الروابط هو محض خيال وتخيلات ذهنية يتم تعزيزها بالإيحاء والتكرار والطقوس.
  • نفسيًا واجتماعيًا: تؤدي هذه الممارسات إلى تدهور العلاقات الأسرية والاجتماعية، إذ يُقنع الممارس بأن أمه أو أبيه أو زوجه أو أطفاله هم سبب تعاسته، وأن عليه قطع علاقته بهم. وقد يؤدي ذلك إلى القطيعة، والعقوق، والطلاق، وتدمير الأسر، بل وإصابة الممارس أو من حوله بأعراض نفسية وجسدية خطيرة (كوابيس، عزلة، اكتئاب، أمراض جسدية غير مبررة).

كيف تُمارَس هذه الطقوس؟

  • التخيل: يُطلب من الممارس أن يتخيل الحبال، وأحيانًا يتم استحضار صور الأشخاص (الأم، الزوج، الأبناء).
  • النية: تُعتبر النية هي "التعويذة" الأساسية، إذ يُقال للممارس أن يركز نيته على القطع.
  • الطقوس: استخدام الشموع، البخور، الأحجار، كتابة الأسماء على ورق وحرقها، إلخ.
  • استدعاء الكيانات: يُطلب من الممارس مناداة "رئيس الملائكة ميخائيل" أو "رافائيل" أو "المرشدين الروحيين"، والحقيقة أن هذه الأسماء تُستخدم لاستحضار الشياطين.
  • التوكيدات والشكر: ترديد عبارات الامتنان للكون أو للأرواح، وشرب الماء بكميات كبيرة "لتثبيت العقد".

لماذا تفشل هذه الممارسات أحيانًا وتنجح أحيانًا؟

يلاحظ أن هذه الممارسات "تنجح" (أي تظهر آثارها السلبية بسرعة) عندما يكون الهدف هو هدم علاقة مشروعة (كعلاقة الأم بابنتها، أو الزوج بزوجته)، بينما تفشل عندما يكون الهدف هو التخلص من علاقة محرمة (كعلاقة زنا أو علاقة غير مشروعة). ذلك لأن الشياطين لا تساعد إلا فيما يؤدي إلى الهدم والفساد، وليس في الإصلاح أو التوبة.

الأعراض الناتجة عن ممارسة قطع الأحبال الأثيرية

  • كوابيس شديدة، شعور بالخوف والهلع، عزلة، اكتئاب، تبلد المشاعر.
  • مشاكل صحية غير مبررة (آلام في الظهر، القولون، الأطراف، ضعف جنسي، مشاكل في الطمث).
  • نفور من الأهل أو الزوج أو الأبناء، قطيعة، خصام متكرر، كراهية غير مبررة.
  • أعراض روحية: ترك الصلاة، النفور من الدين، الشعور بعدم الراحة في البيت.
  • أحيانًا تصيب الأعراض الطرف الآخر (الأم، الزوج، الطفل) دون أن يدري السبب.

شهادات وتجارب واقعية

شارك بعض المتعافين من هذه الممارسات شهاداتهم حول كيف دُمرت علاقاتهم وأصابهم الأذى النفسي والجسدي، وكيف اكتشفوا لاحقًا أن ما كانوا يمارسونه هو سحر وليس علمًا أو علاجًا نفسيًا. كما حذروا من الانسياق وراء المدربين أو المراكز التي تقدم جلسات "تنظيف طاقي" أو "قطع أحبال" حتى لو كانت النية صافية.

كيف يتم خداع الناس؟

  • التغليف الديني: بعض المدربين يستخدمون آيات من القرآن أو أسماء الله الحسنى أو عبارات مثل "بإذن الله" و"يا ودود" لإضفاء شرعية على الممارسة، بينما هي في حقيقتها شرك وسحر.
  • التغليف العلمي: يدّعون أن الأمر له علاقة بعلم النفس أو العقل الباطن، أو أنه تمرين لتحرير المشاعر السلبية.
  • الاستغلال العاطفي: يستهدفون المطلقات، المرضى، العشاق، أو من يعانون من مشاكل عائلية، ويقنعونهم بأن الحل هو قطع الأحبال الأثيرية.

العلاج والوقاية

  • التوبة الصادقة: العودة إلى الله والندم على ما فات، مع الإخلاص في التوبة.
  • مراجعة عالم شرعي: استشارة أهل العلم في مسائل الشريعة، وأخذ الفتوى من مصادر موثوقة.
  • الرقية الشرعية: قراءة القرآن والأذكار اليومية، واستخدام الماء والزيت المرقي.
  • الصيام والعبادات: الإكثار من صيام النوافل، وذكر الله، والتسبيح، والاستغفار.
  • مراجعة أخصائي نفسي سلوكي: في حالة وجود أعراض نفسية أو هلاوس أو وساوس.
  • عدم الاعتراف لأحد بما حدث: من تاب تاب الله عليه، ولا داعي لفضح النفس.
  • التحصين الدائم: بالمداومة على أذكار الصباح والمساء، وقراءة القرآن.
  • الحذر من العودة للممارسة أو حضور جلسات الطاقة: حتى لو كانت النية "العلاج" فقط.

رسائل هامة للشباب والفتيات

  • لا يوجد شيء اسمه "سحر أبيض" أو "سحر نافع". كل أشكال السحر محرمة ومدمرة.
  • لا تنخدعوا بالمصطلحات الحديثة مثل "الطاقة"، "العقل الباطن"، "التنظيف الطاقي"، "الجذب"، "توأم الشعلة"، فمعظمها غطاء لممارسات شركية وسحرية.
  • لا تسمحوا لأي شخص أن يقطع علاقتكم بأهلكم أو أحبائكم بحجة التحرر أو الشفاء. العلاقات الأسرية عبادة وواجب شرعي.
  • لا تعطوا ثقتكم لأي مدرب أو معالج طاقة مهما ادعى القرب منكم أو من دينكم.
  • ابحثوا وتحققوا من أي ممارسة قبل تطبيقها، واسألوا أهل العلم.

خاتمة

إن ممارسة "قطع الأحبال الأثيرية" وفك التعلق ليست سوى باب من أبواب السحر والشرك، مهما تم تغليفها بمصطلحات براقة أو علمية أو دينية. احذروا على دينكم وعقولكم وأرواحكم وأهلكم من هذه الممارسات، وكونوا على يقين أن الشفاء والسعادة لا تأتي إلا من الله، وبالطرق المشروعة التي أقرها الدين والعقل.

نسأل الله لنا ولكم الثبات على التوحيد النقي الخالص، وأن يحفظ أبناءنا وبناتنا من كل فتنة وضلال.

ملاحظة: إذا كنت قد مارست هذه الطقوس أو تعرف من وقع فيها، بادر بالتوبة والرجوع إلى الله، واطلب المساعدة من أهل العلم والمعالجين الشرعيين الموثوقين.

اسأل سحر الطاقة

تحدث مع سحر الطاقة واحصل على إجابات لأسئلتك