🔵 تأصيل : اسأل عن الطاقة ونجاوبك
بقلم: فريق قناة سحر اليوغا والطاقة في عصر تتدفق فيه المعلومات من كل حدب وصوب، أصبح من السهل أن يجد الإنسان نفسه أمام كم هائل من الأفكار والممارسات ال
اسأل عن الطاقة ونجاوبك: كشف زيف علوم الطاقة واليوغا من منظور إسلامي
بقلم: فريق قناة سحر اليوغا والطاقة
مقدمة
في عصر تتدفق فيه المعلومات من كل حدب وصوب، أصبح من السهل أن يجد الإنسان نفسه أمام كم هائل من الأفكار والممارسات التي قد تبدو براقة وجذابة، لكنها تحمل في طياتها مخاطر على العقيدة والصحة النفسية والاجتماعية. من بين هذه الممارسات، انتشرت في السنوات الأخيرة ما يُعرف بـ"علوم الطاقة" واليوغا وقراءة الأبراج والخرائط الفلكية، حتى أصبحت تشغل حيزًا كبيرًا في حياة بعض الناس، بل وتؤثر على قراراتهم ومعتقداتهم.
في هذا المقال، نستعرض أبرز ما جاء في نقاشات قناة "سحر اليوغا والطاقة"، حيث تم طرح الأسئلة الصعبة حول حقيقة هذه العلوم، علاقتها بالعقيدة الإسلامية، آثارها النفسية والاجتماعية، وكيفية الوقاية منها أو التوبة لمن تورط فيها.
ما هي علوم الطاقة ولماذا تنتشر؟
تنتشر علوم الطاقة واليوغا والأبراج في كل مكان: في الكتب، على اليوتيوب، وفي الدورات التدريبية. كثيرون يتساءلون: لماذا نلجأ لهذه البوابات؟ ولماذا نجد أنفسنا منجذبين لعالم يبدو غامضًا ومثيرًا، لكنه في الحقيقة يحمل بين طياته أفكارًا وثنية وعلومًا دخيلة مستمدة من الديانات الهندوسية وغيرها؟
يرى بعض المتخصصين أن هذه العلوم تقدم للباحثين عن الراحة النفسية أو الحلول السريعة وعودًا زائفة، وتستغل نقاط الضعف والفراغ الروحي الذي قد يعاني منه البعض، خاصة عند المرور بأزمات أو ضغوط نفسية.
الليلة المظلمة للروح: حقيقة أم وهم؟
يتداول بعض المروجين للطاقة مصطلح "الليلة المظلمة للروح"، ويصفونها بأنها مرحلة انتقالية مؤلمة يمر بها الإنسان قبل أن "يستنير" أو "يتحول". لكن من خلال تجارب حية لأشخاص دخلوا هذا العالم، تبين أن هذه المرحلة ليست سوى بداية لانزلاق الروح إلى عالم مظلم، مليء بالقلق والاكتئاب وفقدان الشغف، وقد يصل الأمر إلى التفكير في الانتحار أو العزلة التامة عن المجتمع.
يؤكد المشاركون في النقاش أن الألم الذي يشعر به الإنسان في هذه المرحلة ليس ألمًا جسديًا أو حتى نفسيًا فقط، بل هو "ألم روحي" حقيقي، ناتج عن الابتعاد عن الفطرة السليمة والانخراط في طقوس وممارسات محرمة.
الحماية الحقيقية: الصلاة والتحصين
من الأسئلة الجوهرية التي طُرحت: هل يمكن للشياطين أن تؤثر على الإنسان رغم التزامه بالصلاة والأذكار؟ الجواب أن الله سبحانه وتعالى جعل للإنسان بابًا حصينًا منيعًا من الشياطين، يتمثل في التزامه بالعبادات والأذكار والقرآن والدعاء. لكن المشكلة تبدأ عندما يختار الإنسان بنفسه أن يفتح هذا الباب ويدخل عالم الطقوس الشركية، فيصبح بذلك عرضة للوساوس والضلالات.
التجربة أثبتت أن من يترك هذا الباب مغلقًا بالتحصين الشرعي، لا يمكن لأي قوة أن تؤذيه، أما من يقتحم عالم الطاقة والسحر والشعوذة، فعليه أن يتحمل العواقب.
هل يمكن للعلم المادي إثبات الغيب؟
سؤال آخر مهم: هل يمكن للعلم الحديث أن يثبت وجود الروح أو الملائكة أو الجن أو حتى حقيقة السحر؟ يوضح النقاش أن الإيمان بالغيب هو من صلب العقيدة الإسلامية، ولا يمكن للعقل البشري أو العلم التجريبي أن يحيط بكل شيء. فالله سبحانه وتعالى بدأ كتابه الكريم بمدح الذين "يؤمنون بالغيب"، والإسلام لا يحتاج لإثباتات مادية في أمور الغيب.
كما أن رؤية الملائكة أو الجن ليست ممكنة إلا للأنبياء، وما يراه بعض ممارسي الطاقة من "كيانات نورانية" ليس إلا من تلاعب الشياطين بهم، لتضليلهم وإبعادهم عن الحق.
طقوس وقصص واقعية: من التسليم للمدربين إلى الانتحار
استعرضت القناة قصصًا واقعية لأشخاص دخلوا عالم الطاقة واليوغا والأبراج، وكيف تم استدراجهم تدريجيًا عبر طقوس غريبة، مثل التوكيدات أمام المرآة بدون ملابس (كأحد أنواع القرابين الشيطانية)، أو ممارسة طقوس سرية بحجة "فتح الشاكرات" أو "تنظيف الطاقة".
إحدى القصص المؤلمة كانت لفتاة بدأت رحلتها بحثًا عن علاج نفسي، لكنها وجدت نفسها مع الوقت تبتعد عن الصلاة والعبادات، حتى وصلت إلى مرحلة التفكير في إنهاء حياتها. السبب؟ نصائح من مدربات الطاقة بأن الله "غني عن العالمين" وأن الصلاة ليست ضرورية إذا لم تشعر بها! وبعد انقطاعها عن الصلاة، دخلت في دوامة اكتئاب حاد، وبدأت تفكر في الانتحار، لولا أن تداركتها رحمة الله.
حقيقة الأبراج والخرائط الفلكية: شركيات مقنعة
كثيرون يظنون أن قراءة الأبراج مجرد تسلية أو محاولة لفهم الشخصية، لكن الحقيقة أخطر من ذلك بكثير. فالأبراج والخرائط الفلكية مبنية على أساطير وثنية قديمة، وتدخل الإنسان في دائرة الشرك بالله، حيث يُعتقد أن الكواكب والنجوم تتحكم في مصيره وحياته.
وقد يصل الأمر ببعض الممارسين إلى تقديم القرابين أو أداء طقوس معينة "لخادم الكوكب"، أو الاعتقاد بأن بعض الأحداث السيئة أو الجيدة مرتبطة بحركة النجوم، وهو ما ينافي التوحيد الخالص لله تعالى.
لماذا يصدق الناس هذه العلوم الزائفة؟
رغم أن كثيرًا من مروجي الطاقة والأبراج يدّعون العلم والمعرفة، إلا أن معظمهم يصدقون أنفسهم فعلاً، ويعيشون في حالة من الوهم الجماعي. كما أن بعضهم يستغل حاجة الناس للأمل أو الفضول أو الرغبة في التغيير، فيبيع لهم الوهم تحت مسميات براقة مثل "تطوير الذات" أو "التنمية البشرية".
ومن الملاحظ أن بعض الكتب المترجمة عن "قانون الجذب" أو "السر" تختلف في مضمونها بين النسخة الإنجليزية والعربية، حيث يتم تخفيف أو تحوير الأفكار لتناسب الثقافة المحلية، لكن الجوهر يبقى واحدًا: إبعاد الإنسان عن التوحيد الخالص، وإيهامه بأن الكون أو الطاقة هي التي تدبر شؤونه.
كيف نحاور المبتلين بهذه العلوم؟
من المهم جدًا عند النقاش مع من تورطوا في علوم الطاقة أو الأبراج أو السحر، أن يكون الحوار هادئًا ومحترمًا، بعيدًا عن الاتهام أو السخرية. فالتجربة أثبتت أن الأسلوب اللين والكلمة الطيبة قد تفتح القلوب، بينما العنف أو الاستهزاء قد يدفعهم للتمسك بمعتقداتهم الخاطئة.
كما يجب أن نوضح لهم بالأدلة الشرعية والعقلية خطورة هذه الممارسات، ونبين لهم أن العودة إلى الله والتوبة الصادقة هي السبيل الوحيد للنجاة والراحة النفسية الحقيقية.
التوبة من علوم الطاقة والسحر: شروطها وآثارها
التوبة من الشركيات وعلوم الطاقة لها شروطها في الإسلام: الإقلاع عن الذنب، الندم عليه، العزم على عدم العودة، ورد الحقوق لأصحابها إن وُجدت. أما من كان ينشر هذه العلوم أو يكسب منها مالاً، فعليه أن يبين للناس خطورة ما كان يفعله، ويرد الأموال التي أخذها بغير حق.
وقد أكد العلماء أن من تاب توبة نصوحًا، وأصلح وبيّن للناس، فإن الله يتوب عليه مهما كان الذنب عظيمًا، كما قال تعالى:"إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ"(البقرة: 160).
نصائح وقائية للأسر والمجتمع
- المتابعة والوعي:يجب على الآباء والأمهات متابعة أبنائهم، وسؤالهم عن اهتماماتهم، وعدم الاستخفاف بأي تغيرات سلوكية أو نفسية.
- الحوار المفتوح:فتح باب الحوار مع الأبناء حول هذه المواضيع، وتوضيح خطورتها دون تعنيف أو استهزاء.
- التحصين الشرعي:تعليم الأبناء أهمية الصلاة والأذكار والقرآن كوسيلة للحماية من كل شر.
- التحقق من مصادر المعرفة:عدم الانسياق وراء الدورات أو الكتب أو القنوات التي تروج لعلوم الطاقة أو الأبراج أو التنمية البشرية المشبوهة.
- التعاون المجتمعي:نشر الوعي بين الأصدقاء والأقارب، والتبليغ عن أي ممارسات مشبوهة للجهات المختصة.
الخلاصة
علوم الطاقة واليوغا والأبراج ليست مجرد تسلية أو رياضة أو تطوير ذات، بل هي بوابة واسعة إلى الشركيات والضلالات، وتؤدي في كثير من الأحيان إلى الانهيار النفسي والاجتماعي، بل والانتحار أحيانًا. الحماية الحقيقية تكمن في التمسك بالعقيدة الصحيحة، والتحصين بالعبادات، والابتعاد عن كل ما يخالف شرع الله.
إذا كنت قد تورطت في هذه العلوم، فباب التوبة مفتوح، والله غفور رحيم، فقط أخلص النية وارجع إلى الله، وابحث عن الطمأنينة الحقيقية في القرب منه، وليس في طقوس الطاقة أو الأبراج أو السحر.
نسأل الله أن يثبتنا وإياكم على الحق، ويحفظ أبناءنا وبناتنا من كل شر.