🔵 تأصيل : تعويذة AUM التي يرددها ممارس التأملات واليوجا وحقيقة فلسفاتها ومعانيها وكيف تم أسلمتها
في السنوات الأخيرة، انتشرت ممارسات التأمل واليوغا بشكل واسع في العالم العربي، وأصبحت بعض رموزها جزءًا من الثقافة اليومية، خاصة بين المهتمين بتطوير الذ
تعويذة "أوم" (AUM): فلسفتها، معانيها، وخطورة "أسلمتها" في الممارسات الروحية
مقدمة
في السنوات الأخيرة، انتشرت ممارسات التأمل واليوغا بشكل واسع في العالم العربي، وأصبحت بعض رموزها جزءًا من الثقافة اليومية، خاصة بين المهتمين بتطوير الذات و"علوم الطاقة". من أبرز هذه الرموز تعويذة "أوم" (AUM)، التي يتم ترديدها في جلسات التأمل واليوغا، وغالبًا ما يُروج لها على أنها مجرد صوت مريح أو تقنية للاسترخاء. لكن ما هي حقيقة هذه التعويذة؟ وما أصلها الفلسفي والديني؟ ولماذا يُحذر من محاولات "أسلمتها" أو دمجها في الممارسات الإسلامية؟ هذا المقال يسلط الضوء على كل هذه الجوانب بشكل علمي وتوثيقي.
ما هي تعويذة "أوم" (AUM)؟
"أوم" (AUM أو OM) هي مقطع صوتي مقدس في الديانات الشرقية، خاصة الهندوسية والبوذية والسيخ والجانية. يُعتبر هذا الصوت، حسب معتقداتهم، أصل الكون وأساس كل الوجود، ويرمز إلى الحقيقة المطلقة أو "براهمان" (Brahman) في الفلسفة الهندوسية. يُعتقد أن ترديد "أوم" يُحدث انسجامًا بين الفرد والكون، ويوصل إلى حالة من الوعي الكوني أو "الذات العليا".
أصل الكلمة ومعناها
- "أوم"كلمة سنسكريتية تتكوّن من ثلاثة أصوات: "أ" (A) و"و" (U) و"م" (M).
- كل حرف يرمز إلى مرحلة من مراحل الوجود:
- "أ" (A):الخلق والبداية (يرمز إلى الإله براهما).
- "و" (U):الحفظ والاستمرارية (يرمز إلى الإله فيشنو).
- "م" (M):الفناء أو الدمار (يرمز إلى الإله شيفا).
- الصمت الذي يلي ترديد "أوم" يُعتبر رمزًا للحقيقة المطلقة التي تتجاوز كل شيء.
الدلالات الرمزية لـ "أوم"
رمز "أوم" ليس مجرد صوت، بل يحمل معانٍ عميقة في الفلسفة الهندوسية:
- الثالوث المقدس (تريمورتي):براهما (الخالق)، فيشنو (الحافظ)، شيفا (المدمر).
- مراحل الوعي:اليقظة، الحلم، النوم العميق، والوعي الأعلى (توريا).
- العناصر الكونية:الأرض، الماء، النار، الهواء، الأثير.
- دورة الحياة:الخلق، الحفظ، الفناء، ثم العودة إلى الأصل.
- الذات الفردية والوعي الكلي:يُعتقد أن ترديد "أوم" يدمج الذات الفردية بـ"براهمان" الكوني.
استخدام "أوم" في الطقوس والممارسات
- في الهندوسية:يُردد "أوم" في بداية ونهاية الصلوات والترانيم والطقوس الدينية، ويُعتبر رمزًا مقدسًا يُكتب على جدران المعابد والكتب وحتى في الامتحانات.
- في البوذية:يُستخدم "أوم" كصوت كوني في التأمل، ويرمز إلى طبيعة بوذا والحقيقة المطلقة.
- في السيخ والجانية:يُعتبر رمزًا للوحدة الكونية والحقيقة العليا.
- في العصر الجديد (New Age):تم تبني "أوم" كأداة للتأمل و"توازن الشاكرات" و"الاتصال بالكون".
"أسلمة" تعويذة "أوم": الخلط بين المقدس والدخيل
في السنوات الأخيرة، ظهرت محاولات لدمج تعويذة "أوم" أو تحويلها إلى ما يُسمى "تقنية إسلامية"، بحجة أن النية هي الأهم أو أن الصوت ذاته موجود في القرآن الكريم من خلال الحروف المقطعة (مثل: "ألم"، "يس"، "طه"). لكن هذا الخلط يحمل مخاطر عقدية كبيرة:
- الحروف المقطعة في القرآن:هي من كلام الله عز وجل، لها أسرارها وحكمتها، وتلاوتها عبادة بحد ذاتها، ولا علاقة لها بتعويذات أو طقوس وثنية.
- النية لا تبرر العمل:في الشريعة الإسلامية، لا يجوز أداء طقوس أو ترديد تعويذات ذات أصول وثنية حتى لو كانت النية "لله"، لأن ذلك يدخل في باب الابتداع أو الشرك.
- دمج الطقوس:محاولة دمج طقوس أو تعويذات من ديانات أخرى مع العبادات الإسلامية هو نوع من "تحريف الدين" ويُشبه ما يفعله السحرة حين يخلطون بين آيات القرآن والطلاسم.
المخاطر العقدية والنفسية
- ترديد أسماء آلهة وثنية:"أوم" هو اسم يُطلق على "براهمان" أو "الثالوث المقدس" في الهندوسية، وترديده يُعتبر عبادة صريحة في نصوصهم المقدسة.
- فتح أبواب التأثر الروحي:يُعتقد في الفلسفات الشرقية أن ترديد "أوم" يفتح "العين الثالثة" ويجلب "الحدس"، لكن في الحقيقة هو استدعاء لعوالم روحية مجهولة، قد تؤثر على عقيدة المسلم وسلامته النفسية.
- الانخداع بمظاهر "الاسترخاء":الشعور بالراحة أو السكينة بعد ترديد "أوم" ليس دليلاً على صحة المعتقد، بل قد يكون نتيجة تأثير نفسي أو إيحاء جماعي.
- الابتعاد عن الذكر المشروع:استبدال ذكر الله بتعويذات أجنبية هو خسارة للثواب وابتعاد عن الطريق المستقيم.
نصوص هندوسية تؤكد قداسة "أوم"
النصوص الفيدية والأوبانيشاد الهندوسية تؤكد أن "أوم" هو:
- "الصوت الذي يجب أن يُعبد" (تشاندوجيا أوبانيشاد).
- "جوهر كل شيء في الكون" (موندكو أوبانيشاد).
- "الهدف النهائي الذي تسعى إليه كل الفيدا والممارسات التقشفية" (كاثا أوبانيشاد).
- "يمثل الوحدة بين الذات الفردية والوعي الأعلى براهمان".
لماذا يحذر العلماء من ترديد "أوم"؟
- لأنها تعويذة دينية وثنية:ترديدها عبادة صريحة في ديانات غير سماوية.
- لأنها تحمل معاني شركية:توحيد الذات مع الكون أو مع "الإله" الكوني يناقض عقيدة التوحيد.
- لأنها ليست مجرد صوت:بل طقس ديني متكامل، له رموزه وفلسفاته وطقوسه الخاصة.
- لأن محاولات "أسلمتها" تزيد الخطر:فدمجها مع أسماء الله أو آيات القرآن يُعد تحريفًا للعبادة.
الخلاصة: ما موقف المسلم؟
- الروحانية في الإسلام مصدرها الوحي:الذكر المشروع، الصلاة، الدعاء، قراءة القرآن، كلها وسائل روحية مشروعة ومأمونة.
- لا يجوز تقليد طقوس غير المسلمين:قال النبي ﷺ: "من تشبه بقوم فهو منهم".
- البحث والتثبت:لا تأخذوا كل ما يُروج له في دورات الطاقة أو التنمية الذاتية دون بحث وتدقيق في أصوله.
- الوعي بخطورة التقليد الأعمى:كثير من الممارسات المنتشرة اليوم تحمل أصولًا وثنية أو فلسفية خطيرة، فاحذروا من الوقوع فيها بدعوى "الاسترخاء" أو "التطور الروحي".
مصادر لمزيد من البحث
- نصوص الأوبانيشاد الفيدية (Mundaka Upanishad، Chandogya Upanishad، Katha Upanishad)
- فتاوى العلماء حول حكم ترديد تعويذات غير إسلامية
- كتب مقارنة الأديان حول فلسفة "أوم" والثالوث الهندوسي
كلمة أخيرة
"أوم" ليست مجرد صوت أو تقنية للاسترخاء، بل هي تعويذة دينية وثنية تحمل معاني فلسفية عميقة تتعارض مع عقيدة التوحيد. على المسلم أن يكون واعيًا ومدركًا لأصول ما يمارسه، وألا ينخدع بمحاولات "أسلمة" طقوس دخيلة. الروحانية الحقة في الإسلام أرقى وأسمى، ومصدرها الوحي الإلهي، لا الأصوات الغامضة ولا الطقوس المستوردة.
احذروا التقليد الأعمى، وابحثوا عن الحقيقة من مصادرها الموثوقة.