🔵 تأصيل : تقنية الثيتا وكشف حقيقتها

في السنوات الأخيرة، انتشرت في مجتمعاتنا العربية ظاهرة ما يُسمى بـ"مدارس الطاقة" أو "العلاج بالطاقة"، ومن أبرزها تقنية "الثيتا هيلينج" (Theta Healing).

س
سحر اليوقا و الطاقة
يونيو 11,2025
7 دقائق

الثيتا هيلينج: حقيقة "مدارس الطاقة" بين الوهم والخطر

في السنوات الأخيرة، انتشرت في مجتمعاتنا العربية ظاهرة ما يُسمى بـ"مدارس الطاقة" أو "العلاج بالطاقة"، ومن أبرزها تقنية "الثيتا هيلينج" (Theta Healing). يروج لهذه الممارسات مدربون ومعالجون يدّعون قدرتهم على تحقيق الشفاء الجسدي والنفسي والروحي عبر جلسات خاصة، غالبًا ما تتضمن التأمل، وموسيقى الترددات، وأفكارًا فلسفية مستوردة من ثقافات وديانات شرقية وغربية.

في هذا المقال، سنستعرض بشكل علمي وموضوعي حقيقة هذه المدارس، ونكشف عن المخاطر الصحية والنفسية والعقدية المرتبطة بها، معتمدين على شهادات وتجارب واقعية، وتحليل علمي وديني.

ما هي تقنية الثيتا هيلينج؟

الثيتا هيلينج هي إحدى مدارس الطاقة الحديثة، أسستها الأمريكية "فيانا ستيبال" عام 1995، وادعت أنها شُفيت من مرض السرطان عبر هذه التقنية. تعتمد هذه المدرسة على فكرة أن موجات الدماغ (تحديدًا موجات الثيتا) يمكن التحكم بها من خلال التأمل والتصورات الذهنية، بهدف "إعادة برمجة" العقل الباطن وتحرير الصدمات والمعتقدات السلبية.

يروج ممارسو الثيتا هيلينج أن هذه التقنية قادرة على علاج الأمراض الجسدية والنفسية، وتحرير الإنسان من "كارما الأجداد"، وتغيير المصير، وجذب المال والنجاح، بل وحتى "الاتصال بالوعي الإلهي".

بين العلم والدجل: أين الحقيقة؟

1.غياب الأساس العلمي

رغم استخدام مصطلحات علمية مثل "موجات الدماغ" و"الترددات"، إلا أنه لا يوجد أي بحث علمي موثوق أو جامعة أو هيئة طبية معترف بها في العالم أقرت بفعالية أو سلامة الثيتا هيلينج. الدراسات التي أُجريت حول هذه الممارسات أثبتت أن تأثيرها لا يتجاوز تأثير "البلاسيبو" (الوهم)، بل إن بعضها أشار إلى آثار جانبية سلبية على الصحة النفسية والعصبية.

2.خطر العبث بموجات الدماغ

التلاعب بموجات الدماغ عبر جلسات التأمل العميق أو الاستماع لترددات صوتية معينة قد يؤدي إلى اضطرابات في الجهاز العصبي، مثل القلق، الاكتئاب، ضعف التركيز، مشاكل في الذاكرة، وأحيانًا نوبات هلع أو أعراض ذهانية. هناك حالات موثقة لأشخاص أصيبوا بانتكاسات نفسية حادة بعد خضوعهم لجلسات ثيتا هيلينج مطولة.

3.الاستغلال المالي والنفسي

يستغل بعض المدربين حاجة الناس للعلاج أو بحثهم عن السعادة والنجاح، فيبيعون لهم "جلسات" بأسعار باهظة (قد تصل إلى مئات الدولارات للجلسة)، دون أي ضمان أو مسؤولية طبية. بل إن بعضهم يربط استمرار الشفاء بعدد أكبر من الجلسات، ما يوقع الضحية في حلقة مفرغة من الاستنزاف المالي والنفسي.

الأبعاد العقدية والفكرية الخطيرة

1.خلط العقائد وتزييف المفاهيم الدينية

تعتمد الثيتا هيلينج على فلسفات شرقية (بوذية، هندوسية) وغنوصية قديمة، وتروج لفكرة "الوعي الكوني" و"الطاقة الخلاقة" و"تناسخ الأرواح" و"كارما الأجداد". يتم تسويق هذه الأفكار أحيانًا بعبارات دينية إسلامية أو مسيحية لجذب المتلقين، مثل "الشفاء باسم الله" أو "الطاقة الإلهية"، بينما في جوهرها تتعارض مع العقيدة الإسلامية الصحيحة.

من أخطر ما يُروج له في هذه المدارس:- إمكانية "الاتحاد بالوعي الإلهي" أو "الدخول في وعي الخالق".- استحضار الأرواح وطلب العون من الملائكة أو "المرشدين الروحيين".- الإيمان بتناسخ الأرواح والحيوات السابقة.- تحميل الإنسان ذنوب أو صدمات أجداده (كارما)، وضرورة "تنظيفها" عبر جلسات خاصة.

2.تبديل المعتقدات والبرمجة النفسية

يتم إقناع المتدرب بأن مشاكله كلها تعود إلى "معتقدات سلبية" زرعها الأهل أو المجتمع أو حتى الأجداد. وتُمارس عليه جلسات "تحرير المعتقدات" و"إعادة البرمجة"، مما قد يؤدي إلى فقدان الثقة بالنفس، أو حتى التمرد على الأسرة والدين، والشعور الدائم بالذنب أو النقص.

شهادات وتجارب واقعية

تتفق شهادات الكثير من التائبين والمدربين السابقين في مجال الطاقة على ما يلي:- معظم المدربين لا يحملون أي مؤهل علمي أو طبي حقيقي، بل يعتمدون على دورات قصيرة وشهادات غير معترف بها.- كثير من الحالات التي خضعت لجلسات ثيتا هيلينج تعرضت لمشاكل نفسية وصحية، وبعضها احتاج إلى علاج نفسي طويل الأمد.- يتم استغلال حاجة الناس للعلاج أو حل مشاكل الطفولة أو العلاقات، ويُدفعهم إلى الاعتقاد بأنهم "مريضون" أو "معقدون" ويحتاجون لجلسات مستمرة.- بعض المدربين يخلطون بين آيات قرآنية أو أدعية وبين طقوس وثنية أو تعاويذ غير مفهومة، مما يوقع المتلقي في الشركيات دون علمه.- هناك من أشار إلى حالات استغلال جنسي أو مادي أو حتى غسل أدمغة، خاصة للفتيات أو النساء الباحثات عن الشفاء أو السعادة.

كيف يتم "أسلمة" الثيتا هيلينج؟

للأسف، لجأ بعض المدربين إلى محاولة "أسلمة" هذه الممارسات، عبر:- استخدام أسماء الله الحسنى أو آيات قرآنية في الجلسات.- الادعاء بأن الهدف هو "تقوية الإيمان" أو "زيادة الخشوع".- تبرير التواصل مع "الملائكة" أو "الأرواح" بأنه نوع من الإلهام أو الفراسة.- استحضار أحاديث ضعيفة أو مكذوبة لتبرير بعض الطقوس.

وهذا كله لا يغير من حقيقة أن هذه الممارسات دخيلة على الإسلام، وتخالف أصول العقيدة.

لماذا ينجذب الناس لهذه الممارسات؟

  • ضعف الوعي الديني والعلمي: كثير من الشباب والفتيات يجهلون أركان الإيمان، ولا يميزون بين العلم الحقيقي والعلم الزائف.
  • البحث عن حلول سريعة: في ظل الضغوط النفسية والاجتماعية، يبحث البعض عن علاج سحري أو "جلسة واحدة" تغير حياته.
  • التأثر بالإعلام والسوشيال ميديا: انتشار المدربين والمؤثرين في وسائل التواصل، وتسويقهم لقصص "نجاح" وهمية.
  • غياب الدعم النفسي والأسري: بعض الحالات تعاني من مشاكل نفسية أو أسرية حقيقية، فتقع فريسة للمدعين.

كيف تحمي نفسك وأهلك؟

  • تعلم دينك وأركان الإيمان جيدًا، وكن على وعي بمصادر الشبهات.
  • استشر المختصينفي الطب النفسي أو الجسدي عند مواجهة أي مشكلة صحية أو نفسية.
  • لا تثق بأي شخص يدّعي العلاج بالطاقة أو الشفاء الفوري، خاصة إذا طلب منك مالًا أو معلومات شخصية أو طقوسًا غريبة.
  • احذر من خلط الدين بالخرافة، ولا تتبع أي ممارسة لم يثبتها الشرع أو العلم.
  • انشر الوعيبين أهلك وأصدقائك، وشاركهم المعلومات الموثوقة حول حقيقة هذه المدارس.
  • تذكر أن الشفاء بيد الله وحده، وأن الأسباب المشروعة هي العلاج الطبي والدعاء والرقية الشرعية.

كلمة أخيرة

العلاج بالطاقة، والثيتا هيلينج تحديدًا، ليست علومًا حقيقية ولا طبًا بديلًا، بل هي خليط من الخرافة والدجل، وقد تصل إلى الشركيات. من الخطير أن نسمح لمثل هذه الممارسات أن تتغلغل في مجتمعاتنا، أو أن نعرض أبناءنا وبناتنا لها بدافع الفضول أو الحاجة للعلاج.

ديننا الحنيف غني بالحلول الروحية والنفسية، وعلوم الطب الحديث متقدمة وقادرة على علاج معظم الأمراض بإذن الله. فلنتمسك بالعلم الصحيح والدين القويم، ولنحذر من كل دخيل على عقيدتنا وصحتنا.

المصادر:- شهادات مدربين وتائبين من مدارس الطاقة.- دراسات علمية حول فعالية العلاج بالطاقة.- فتاوى العلماء حول العلاج بالطاقة ومدارسها.- القرآن الكريم والسنة النبوية.

إذا كنت قد تعرضت لجلسات من هذا النوع وتشعر بآثار نفسية أو صحية، فلا تتردد في مراجعة طبيب مختص، واستمر في الرقية الشرعية، واطلب الدعم من أهل العلم والصحبة الصالحة.

حفظ الله الجميع من كل شر، ووفقنا للعلم النافع والعمل الصالح.

اسأل سحر الطاقة

تحدث مع سحر الطاقة واحصل على إجابات لأسئلتك