🔵 تأصيل : وهج + ساكورا ( قانون النية )
**بقلم: قناة سحر اليوغا والطاقة* في السنوات الأخيرة، انتشرت مفاهيم مثل "قانون النية" و"إطلاق النوايا" بشكل واسع في المجتمعات العربية، خاصة عبر دورات
نقد قانون النية: حقيقة أم وهم؟
**بقلم: قناة سحر اليوغا والطاقة*
مقدمة
في السنوات الأخيرة، انتشرت مفاهيم مثل "قانون النية" و"إطلاق النوايا" بشكل واسع في المجتمعات العربية، خاصة عبر دورات الطاقة والتنمية الذاتية. يروج الكثيرون لفكرة أن مجرد تحديد النية والتركيز عليها يمكن أن يغير الواقع ويحقق الأهداف دون الحاجة إلى عمل حقيقي أو جهد ملموس. في هذا المقال، نستعرض نقدًا علميًا ودينيًا وتجربة واقعية حول هذا المفهوم، ونوضح مخاطره النفسية والاجتماعية والدينية.
ما هو قانون النية؟
ينص قانون النية كما يُروج له في مدارس الطاقة والتنمية الذاتية على أن الإنسان إذا حدد هدفًا بوضوح، وركز عليه بقوة، وكتب توكيدات يومية، ثم "أطلق النية" للكون، فإن الكون سيستجيب ويحقق له هذا الهدف. وغالبًا ما يُربط هذا القانون بقوانين أخرى مثل "قانون الجذب" و"قانون التوكيدات"، ويُستخدم في مناسبات معينة مثل رأس السنة أو شهر رمضان، حيث يُشجع الناس على إطلاق نواياهم لتحقيق أحلامهم.
التجربة الشخصية: سنوات من الأوهام
تروي إحدى المدربات السابقات في مجال الطاقة تجربتها مع قانون النية، حيث قضت 14 عامًا في هذا المجال، وكانت تطبق كل ما يُقال: تحديد الأهداف، كتابة التوكيدات، التأمل، وحتى جلسات إطلاق النوايا الجماعية. ومع ذلك، لم يتحقق أي من أهدافها الكبرى، بل كانت كلما سألت المدربين عن سبب الفشل، كان الجواب: "نيتك ليست صافية"، أو "أنت تشككين"، أو "عندك خلل في المعتقدات".
هذه الإجابات لم تكن سوى محاولة لإلقاء اللوم على الضحية، وإعفاء المنهج من أي مسؤولية. ومع مرور الوقت، بدأت تلاحظ أن قانون النية لا يتضمن أي دعوة للعمل أو السعي الحقيقي، بل يكتفي بجانب روحي وهمي، دون أي خطوات عملية أو جهد واقعي.
النقد المنطقي والعلمي
عند تحليل قانون النية بشكل منطقي، نجد أنه يفتقر إلى أي أساس علمي. فلا يوجد أي دليل علمي يثبت أن مجرد التفكير أو النية يمكن أن يؤثر على الواقع المادي دون تدخل العمل أو السعي. كما أن استخدام مصطلحات مثل "ذبذبات"، "ترددات"، "موجات" ما هو إلا تلاعب بمفاهيم فيزيائية لا علاقة لها بالواقع الروحي أو النفسي للإنسان.
حتى في حال استخدام هذه المصطلحات، لا يوجد جهاز علمي يمكنه قياس "تردد الحب" أو "ذبذبات النية"، وكل ما يقال عن إرسال الطاقة للكون أو استقبالها هو محض خيال لا يستند إلى أي أساس علمي.
التناقضات العملية لقانون النية
لو كان قانون النية صحيحًا، لكان كل من أطلق نية للثراء أصبح ثريًا، وكل من أراد الزواج تزوج، ولكانت كل الأهداف متحققة للجميع. لكن الواقع يثبت العكس: هناك من يطلق النية ولا يتحقق له شيء، وهناك من يحقق أهدافه دون أن يسمع أصلًا بهذه القوانين. كما أن فكرة أن "الكون كله سيتحرك من أجل تحقيق نيتك" تتجاهل سنن الله في الكون، وتضخم من قدرة الإنسان بشكل غير منطقي.
الأثر النفسي والاجتماعي
الاستمرار في تطبيق قانون النية دون تحقيق نتائج ملموسة يؤدي إلى الإحباط، القلق، الشعور بالفشل، بل وقد يتطور الأمر إلى أمراض نفسية مثل الاكتئاب أو الوسواس القهري. فبدلًا من أن يُحمّل المنهج المسؤولية، يُلقى اللوم دومًا على الفرد: "نيتك ليست صافية"، "أنت السبب"، مما يزيد الضغط النفسي ويعمق الشعور بالعجز.
النقد الديني: إلغاء دور الله والتواكل
من أخطر ما في قانون النية أنه يلغي دور الله سبحانه وتعالى في حياة الإنسان، ويجعل الفرد يعتقد أنه قادر على صناعة واقعه وتدبير رزقه وصحته ومستقبله بنفسه، متجاهلًا مشيئة الله وقدره. وهذا يتعارض مع العقيدة الإسلامية التي تؤكد على التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب، وليس التواكل أو الاعتماد على الخيال.
كما أن ربط النية بتحقيق الأهداف الدنيوية (كالزواج، المال، الوظيفة) هو تحريف لمعنى حديث "إنما الأعمال بالنيات"، الذي يتعلق بالإخلاص في العبادات لله، وليس بالأهداف الدنيوية.
مخاطر الطقوس والبدع المرتبطة بقانون النية
الكثير من ممارسات الطاقة وقانون النية تتضمن طقوسًا غريبة، مثل تكرار آيات أو أدعية بعدد معين، أو جلسات جماعية لإرسال "الطاقة" أو "الحب" للكون، أو حتى تقديم "قرابين" رمزية. هذه الطقوس في حقيقتها مستمدة من ديانات وثنية شرقية (بوذية، هندوسية)، وقد تؤدي إلى فتح أبواب الشياطين أو الوقوع في الشرك بالله من حيث لا يشعر الإنسان.
الفئات المتضررة من قانون النية
من خلال التجربة، يمكن تصنيف المتأثرين بقانون النية إلى عدة فئات:1. من كان يعاني من مشاكل أسرية أو اجتماعية، فوجد في الطاقة ملاذًا وهميًا.2. من كانت حياته مستقرة، لكنه دخل الطاقة بدافع الفضول أو البحث عن الكمال، فضاع في دوامة لا تنتهي.3. من استغل مجال الطاقة لتحقيق مكاسب مادية أو شهرة، دون اعتبار للأضرار التي يسببها للآخرين.4. من دخل المجال بدافع التسلية أو التجربة، فوقع في مشاكل نفسية أو دينية خطيرة.
نصائح عملية للنجاة من وهم قانون النية
- العودة إلى الله والتوبة الصادقة: التوبة والرجوع إلى الله هما السبيل الحقيقي للراحة النفسية والسلام الداخلي.
- الانشغال بالعبادات والأعمال الصالحة: المحافظة على الصلاة، أذكار الصباح والمساء، وقراءة القرآن.
- العمل والسعي الحقيقي: لا يكفي التخيل أو كتابة الأهداف، بل يجب السعي والاجتهاد في تحقيقها.
- عدم الانسياق وراء الطقوس والبدع: كل ما يخالف الشريعة أو يعتمد على طقوس غريبة يجب الحذر منه.
- ملء وقت الفراغ بما ينفع: ممارسة الهوايات، تطوير الذات بطرق علمية ومجربة، بناء علاقات اجتماعية صحية.
- الحذر من المدربين والدورات الوهمية: لا تثق في كل من يدعي امتلاك أسرار الكون أو قدرات خارقة، فالكثير منهم يبيع الوهم.
الخلاصة
قانون النية كما يُروج له في مدارس الطاقة ليس سوى وهم كبير، مليء بالتناقضات والأخطار النفسية والدينية. لا دليل علمي عليه، ولا أساس ديني له، بل قد يؤدي إلى الإحباط، التواكل، أو حتى الشرك بالله. الطريق الحقيقي لتحقيق الأهداف يبدأ بالتوكل على الله، والعمل الجاد، والرضا بقضائه وقدره، مع الأخذ بالأسباب المشروعة. فاحذر من الوقوع في فخ الوهم، وكن واعيًا لما يُروج له في عالم الطاقة والتنمية الذاتية.
"رضيت بالله ربًا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًا ورسولًا."حافظ على أذكارك، وكن قريبًا من الله، تجد السكينة والنجاح الحقيقي.