أول من أسلم ودروس في المبادرة إلى الخير: تأملات من السيرة النبوية واستعداد لرمضان
هل لديك سر بينك وبين الله؟ هل لك صدقات خفية لا يعلمها إلا الله؟ هذه الأسئلة تفتح لنا بابًا مهمًا في علاقتنا مع الله، وتدعونا للتأمل في أعمالنا الخفية
هل لديك سر بينك وبين الله؟ هل لك صدقات خفية لا يعلمها إلا الله؟ هذه الأسئلة تفتح لنا بابًا مهمًا في علاقتنا مع الله، وتدعونا للتأمل في أعمالنا الخفية الصالحة التي لا يطلع عليها أحد سواه سبحانه.
فضل المبادرة إلى العمل الصالح
من الدروس المستفادة من السيرة النبوية أن السبق إلى العمل الصالح له منزلة عظيمة عند الله. عندما نقرأ عن أول من أسلم مع النبي محمد ﷺ بعد نزول الوحي، نجد أن السيدة خديجة رضي الله عنها كانت أول من آمن به من النساء، وأبو بكر الصديق رضي الله عنه من الرجال، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه من الصبيان. كما أن ورقة بن نوفل كان من أوائل من صدقوا بنبوة النبي، رغم أنه توفي قبل البعثة العلنية.
هؤلاء الصحابة نالوا شرف السبق إلى الإسلام، وتركوا لنا درسًا مهمًا: أن المبادرة إلى الخير لها أجر عظيم. قال النبي ﷺ: "رحم الله امرأً كان مفتاحًا للخير مغلاقًا للشر". فكونك أول من يبدأ بعمل صالح في عائلتك أو مجتمعك، كأن تكون أول من ينشر العلم أو يعلم القرآن أو يلتزم بالحجاب أو ينشر العقيدة الصحيحة، لك أجر السبق، وتكون سببًا في انتشار الخير.
وفي المقابل، الحذر كل الحذر من أن تكون سببًا في انتشار الشر أو البدعة أو المعصية بين الناس، لأنك ستحمل وزر من تبعك في ذلك.
أثر العمل الصالح في الدنيا والآخرة
من أعظم ما يبشر به المؤمن في قبره أن يأتيه عمله الصالح في صورة حسنة، فيقول له: "أبشر برضوان الله وجنات فيها نعيم مقيم". ويصف العمل الصالح صاحبه بأنه كان سريعًا في طاعة الله، بطيئًا عن معصيته. أليست هذه الأمنية التي نرجوها جميعًا؟ أن يقال عنا في الدنيا والآخرة إننا كنا سريعين في الخير، بطيئين في الشر.
المبادرة في نشر الخير والتحذير من الباطل
في عصرنا، أصبح من السهل نشر الخير عبر وسائل التواصل الاجتماعي. فكما يسعى البعض لنشر أفكار باطلة أو خرافات أو بدع، علينا أن نكون مبادرين في نشر التوحيد والعقيدة الصحيحة والتحذير من الأخطاء المنتشرة، مثل بعض الممارسات المرتبطة بالطاقة أو اليوغا أو غيرها مما فيه تشبه أو اعتقادات باطلة.
لا يكفي أن نكتفي بمعرفة الحق لأنفسنا فقط، بل علينا أن ننصح من حولنا، خاصة الأقربين، كما أمر النبي ﷺ حين نزل قوله تعالى: {وأنذر عشيرتك الأقربين}. فابدأ بدعوة أهلك وأصدقائك، ولا تتردد في توضيح الحق لهم، فقد تكون سببًا في هدايتهم أو نجاتهم من الوقوع في الباطل.
الاستعداد لرمضان: برمجة القلب والعقل للعبادة
مع اقتراب شهر رمضان، علينا أن نستعد له من الآن. كلما عظمت المناسبة في قلوبنا، استعددنا لها مبكرًا. فرتب أمورك الدنيوية وأنهِ أعمالك المعلقة، حتى تدخل الشهر الفضيل بقلب فارغ من الشواغل، متفرغ للعبادة والطاعة.
رمضان فرصة عظيمة، فيه تفتح أبواب الجنة وتغلق أبواب النار وتصفد الشياطين. فلا تضيعه بالانشغال بالمباحات أو التوسع في الأمور الثانوية، بل اجعل همك الأكبر هو القرآن والعبادة والتقرب إلى الله.
انتبه أيضًا من مكائد الشيطان، فهو يسعى أولاً لإيقاعك في الشرك، فإن عجز حاول أن يشغلك بالبدع، فإن لم يستطع شغلك بالمعاصي، وإن لم ينجح شغلك بالمباحات حتى تبتعد عن الطاعة. فكن يقظًا، وجدّد نيتك، وركز على أن يكون رمضانك مختلفًا ومميزًا بالخير.
خلاصة الدروس العملية
- كن سبّاقًا للخير في محيطك، وكن مفتاحًا له، واغتنم أجر المبادرة.
- احذر أن تكون سببًا في نشر معصية أو بدعة، فوزرها ووزر من عمل بها عليك.
- بادر بنشر العلم والتحذير من الباطل، خاصة بين الأقربين.
- استعد لرمضان مبكرًا، ونظف قلبك وعقلك من الشواغل.
- اجعل وسائل تواصلك منبرًا للخير، وشارك الرسائل والمقاطع النافعة.
- كن سريعًا في طاعة الله، بطيئًا عن معصيته، وادعُ الله أن يثبتك على الحق.
نسأل الله أن يبلغنا رمضان، ويعيننا على حسن الاستعداد له، وأن يجعلنا من السريعين في طاعته، البطيئين في معصيته، وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل، ويجعلنا مفاتيح للخير مغاليق للشر.
وجزاكم الله خيرًا على حرصكم على العلم وحضوركم، ونسأل الله أن ينفعنا جميعًا بما علمنا، وأن يزيدنا علمًا وعملاً صالحًا.
https://www.youtube.com/watch?v=uTEemX3jTcg