اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك

ظاهرة دورات الطاقة والشاكرات: تجربة أم سعودية ونصائح لحماية أبنائنا من الخرافات الحديثة

في السنوات الأخيرة، انتشرت بين الشباب والفتيات العرب، خاصة في المملكة العربية السعودية، موجة من الدورات والبرامج التي تدّعي تحقيق الثراء والسعادة والش

س
سحر اليوقا و الطاقة
مايو 12, 2025
6 دقائق

في السنوات الأخيرة، انتشرت بين الشباب والفتيات العرب، خاصة في المملكة العربية السعودية، موجة من الدورات والبرامج التي تدّعي تحقيق الثراء والسعادة والشفاء النفسي من خلال مفاهيم مثل الطاقة، الشاكرات، الهالة، الطفل الداخلي، الجذب، وغيرها من المصطلحات المستوردة من ثقافات بعيدة عن قيمنا الإسلامية. وقد لاحظت كثير من الأمهات هذا التغير في تفكير وسلوك بناتهن، حيث أصبح بعضهن يتأثر بهذه الأفكار، أحيانًا في الخفاء خوفًا من رفض الأهل أو المجتمع.

في هذا المقال، أنقل لكم تجربة أم سعودية عايشت هذه الظاهرة مع بناتها، وتشاركنا بحكمتها ونصائحها في كيفية التعامل مع الأبناء الذين انجرفوا وراء هذه الأفكار، مع التأكيد على أهمية العقيدة الإسلامية كأساس متين يحمي الأسرة والمجتمع.

بداية القصة: ملاحظة التغيرات

تروي الأم أنها بدأت تلاحظ تغيرات في سلوك بناتها، وسمعت منهن مصطلحات غريبة مثل "تنظيف الهالة"، "الطفل الداخلي"، "الجذب"، وغيرها. لاحظت أيضًا اهتمامهن بدورات الثراء والطاقة، لكن البنات كن يخفين عنها تفاصيل ما يتعلمنه، لأنهن يعرفن أنها سترفض هذه الأفكار.

تقول الأم: "كنت أسمع منهم طراطيش كلام، وأشعر أن هناك شيئًا غريبًا يحدث، لكنهم يخفون التفاصيل لأني سأرفضها. وعندما واجهتهم، كانوا يحاولون إقناعي بأن هذه الدورات تساعدهم على تخطي صعوبات الحياة، وأنها ليست سوى تطوير للذات".

المواجهة مع الأفكار الجديدة

مع مرور الوقت، اكتشفت الأم أن بعض بناتها أصبح لديهن قناعات راسخة بهذه الأفكار، وبدأن يشككن في بعض الثوابت الدينية مثل الصلاة والحجاب. تقول: "كنت أصطدم معهن في العقيدة، في الصلاة، في الحجاب. كيف يمكن أن تصل الأمور إلى هذا الحد؟".

تؤكد الأم أن هذه الدورات تستغل حاجة الشباب للنجاح والسعادة، وتبيع لهم أوهام الثراء وتحقيق الأحلام مقابل مبالغ مالية كبيرة. وبعد فترة، تكتشف البنات أنهن خسرن أموالهن ولم يحققن شيئًا من الوعود، بل أصبحن أكثر حيرة وقلقًا.

خطورة استهداف العقيدة

تشدد الأم على أن أخطر ما في هذه الدورات أنها تبدأ بالتشكيك في العقيدة، وتدعو إلى الاستقلال عن الأسرة والعلماء، وتروج لفكرة أن الإنسان حر في كل شيء حتى في علاقته مع الله، وأنه يستطيع تحقيق كل ما يريد من خلال "قوانين الجذب" أو "طاقة الكون".

تقول: "كل الذنوب تهون إلا العقيدة. لا تسمحوا لأحد أن يقدح في عقيدتكم أو يشتري عقولكم. هؤلاء لم يدقوا بابكم، أنتم من ذهبتم إليهم ودفعتم أموالكم في دورات الثراء والطاقة".

وتحذر من أن هذه الدورات تسعى لتفكيك الأسرة، وإخراج الفتاة من دورها كأم وزوجة، وزرع أفكار الاستقلالية المطلقة التي تضر بالتماسك الأسري والمجتمعي.

دور الأم في المواجهة: الصبر والحوار

تشاركنا الأم تجربتها في كيفية احتواء بناتها ومحاولة إعادتهم للطريق الصحيح. تؤكد أن المواجهة بالعنف أو الاتهام لا تجدي نفعًا، بل تزيد الفجوة. وتقول: "احتويتهم بحبي وحناني، لم أتركهم رغم أخطائهم. كنت صبورة، أتحاور معهم، أضرب لهم أمثلة واقعية، أذكرهم بفضل العائلة، وأربط كل موقف بقيمنا وديننا".

وتضيف: "كنت أذكرهم دائمًا بأن أي خير يأتيهم في حياتهم هو بدعاء أمهم، وليس من دورات الطاقة أو المدربين. وأؤكد لهم أن الصلاة هي الصلة الحقيقية بالله، وأن الرزق بيد الله وحده".

أهمية التوعية الفكرية

تشدد الأم على أن الفكر لا يُحارب إلا بفكر أقوى، وأنه يجب على الأهل أن يثقفوا أنفسهم، ويفهموا ما يدور في هذه الدورات حتى يستطيعوا مناقشة أبنائهم بالحجة والمنطق. وتقول: "لا تزعل من ابنك أو بنتك إذا ناقشك، بل خذ الأمر بصدر رحب، ورد عليه بالعلم، بقال الله وقال الرسول. لا بد أن يكون لدينا حجة أقوى من حجتهم".

وتنصح بأن يكون للأهل حضور في حياة أبنائهم، وأن يشاركوا في الحوارات، ويستغلوا كل موقف لتعزيز القيم الأسرية والدينية، وأن يزرعوا في نفوسهم الثقة بالله وبأنفسهم.

خطورة الانعزال عن الأسرة

تحذر الأم من أن هذه الدورات تروج لفكرة الانعزال عن الأسرة، وتغرس في الفتاة فكرة أن العائلة ليست مهمة، وأن الحرية الشخصية هي الأهم. وتقول: "العائلة هي كل شيء. عندما يقع الإنسان في مصيبة، لا يقف بجانبه إلا أهله. يجب أن نذكر أبناءنا دائمًا بفضل الأسرة، وأن نحتويهم في كل الظروف".

نصائح للأمهات والآباء

  • الصبر والحوار: لا تتخلى عن ابنك أو بنتك مهما حدث. احتوهم بحبك وحنانك، وكن أول من يقف بجانبهم في الأزمات.
  • التثقيف والمتابعة: تابع ما يتابعه أبناؤك، وادخل بنفسك إلى بعض هذه الدورات أو البثوث لتعرف كيف يفكرون، وكيف ترد عليهم.
  • تعزيز القيم الدينية: اربط كل موقف بقيمنا الإسلامية، وذكرهم دائمًا بأن الصلاة والدعاء هما السبيل الحقيقي للراحة والنجاح.
  • الحذر من الدورات المشبوهة: لا تسمح لأبنائك بالانجراف وراء أي دورة أو برنامج لا تعرف مصدره أو محتواه، خاصة تلك التي تتحدث عن الطاقة والشاكرات والجذب.
  • الدعاء: لا تمل من الدعاء لأبنائك بالهداية والثبات، فالدعاء سلاح المؤمن.
  • الاحتواء والحنان: لا تتعامل مع ابنك أو بنتك كعدو، بل كإنسان يحتاج إلى الحب والاحتواء حتى يعود إلى الطريق الصحيح.

رسالة أخيرة

تختم الأم رسالتها بنصيحة ذهبية: "أهم شيء في الحياة هو العقيدة والتوحيد. لا تسمحوا لأحد أن يقدح في عقيدتكم أو يسلب عقولكم. حافظوا على دينكم، وداووا بعضكم بالحب والتفاهم والحوار. واذكروا دائمًا أن الحرب اليوم حرب فكرية، لا تُحسم إلا بالفكر والحجة والمنطق".

وتؤكد أن تربية البنات والأبناء اليوم أصعب من أي وقت مضى، وأن استهداف الفتاة المسلمة هو استهداف للأمة كلها، لأن الأم هي أساس المجتمع. وتدعو الجميع إلى الوقوف صفًا واحدًا لحماية أبنائنا وبناتنا من هذه الأفكار الدخيلة، وأن نعود جميعًا إلى ديننا وقيمنا الأصيلة.

الخلاصة:

انتشار دورات الطاقة والشاكرات ليس مجرد موضة عابرة، بل هو تحدٍ حقيقي يواجه الأسرة المسلمة اليوم. الحل يكمن في الحوار، الصبر، التوعية، والعودة الصادقة إلى الله. فلنكن جميعًا خط الدفاع الأول عن عقيدتنا وأبنائنا، ولنزرع فيهم الثقة بالله وبأنفسهم، حتى لا يكونوا لقمة سائغة لكل فكر دخيل أو خرافة عابرة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

https://www.youtube.com/watch?v=nr8Ft7_r1Yk

اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك